السوريون يشترون خضارهم بالحبة

ارتفاع الأسعار جعل السوريين يتخلون عن إعداد مؤونة الشتاء.
الأربعاء 2021/09/29
استحال شراء مؤونة الشتاء

تزداد حياة السوريين صعوبة مع ارتفاع المواد الأساسية وخاصة الخضار والفواكه فتخلوا عن إعداد مؤونة الشتاء التي كانوا يعدونها في فصل الخريف موسم الخضار، كما صاروا يشترون خضارهم بالحبة وهو أمر لا تعرفه العائلات ولا الباعة من قبل لكن الحاجة دفعتهم إلى ذلك.

دمشق – شهدت أسعار الخضار والفواكه في سوريا ارتفاعا كبيرا في الأسواق خلال الشهر الجاري بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل أوجد طريقة جديدة للشراء لم يعتد عليها السوريون بعد أن كانوا يعدون في فصل الخريف مؤونة الشتاء.

وارتفعت أسعار الخضار والفواكه التي تعتبر في موسمها بنسبة تتجاوز 300 في المئة وأكثر من 700 في المئة عن سعرها في الموسم الماضي.

ويقول عيسى بلال، الذي يعيش في ضواحي العاصمة دمشق ويعمل موظفا بشركة حكومية، “ارتفعت أسعار الخضار والفواكه ومنها البندورة (الطماطم) والخيار والبطاطا والباذنجان والعنب والتين بنسبة كبيرة حيث تجاوز سعر كيلو البندورة الـ1500 ليرة سورية بعد أن كان  في بداية الشهر الجاري حوالي 400 ليرة سورية، وبلغ سعر الخيار 2200 ليرة بدلا من 800 ليرة”.

أسعار الخضار والفواكه التي تعتبر في موسمها ترتفع أكثر من 700 في المئة عن سعرها في الموسم الماضي

وأشار بلال إلى ارتفاع أسعار بقية المنتجات بنفس النسب في حين كان سعرها الموسم الماضي لا يتجاوز 200 ليرة سورية، مضيفا “نحن في عز موسم الخضار والفواكه وحاجاتنا اليومية لا نستطيع تأمينها”.

وأوجد غلاء الخضار والفواكه هذا العام طريقة للشراء لم يعتد عليها السوريون طوال حياتهم، حسب أبوالخير وهو صاحب محل لبيع الخضار والفواكه في بلدة الجديدة جنوب غرب دمشق.

يقول أبوالخير “أعمل في مهنة بيع الخضار والفواكه منذ أكثر من 30 عاما، ولكن هذا العام ظهرت عادة لم نعتد عليها وهي شراء الخضار والفواكه بالقطعة، ويأتي الزبون ويقول أريد حبتي بندورة ومثلها خيار وباذنجان وبطاطا، هذه الطريقة لم تكن معروفة في سوريا“.

واعتادت سناء دوداق (44 سنة) منذ أن تزوجت قبل 15 عاما إعداد المؤونة لفصل الشتاء في كل عام مع بداية الخريف، لكن هذه العادة بدأت تتحول إلى شيء من الماضي مع غلاء الأسعار.

وتعد ربات البيوت المؤونة في الخريف لأن الخضار تكون رخيصة الثمن لأنها تثمر في موسمها، على عكس فصل الشتاء الذي تكون فيه الأسعار مرتفعة لعدم توافر الخضار بكثرة.

أعطني حبتي طماطم
أعطني حبتي طماطم

ولمن لا يعرف بيت المؤونة، فهو عبارة عن ركن، يشترط أن يبنى في منطقة أخفض من باقي أرجاء المنزل، على أن يكون باردا وغير مشمس، يُتخذ كمستودع لتخزين الطعام، تحفظ فيه شتى أنواع المأكولات الشتوية.

وقالت سناء إن أسعار الكثير من المواد التي تدخل في تجهيزات المؤونة مثل الباذنجان أو البندورة والفليفلة تضاعفت في العام الحالي، فالجبنة تباع بسبعة آلاف ليرة سورية للكيلوغرام، بينما كان سعرها بمعدل النصف العام الماضي.

وأضافت سناء أن تحضير المؤونة كان يحمل في الماضي الكثير من الألفة والمحبة بين الأهل أثناء الاجتماع لتحضيرها، لكن الغلاء يغيّر اليوم  عادات وتقاليد السوريين إذ “لم يعد هنالك المال الكافي لتلك العادات”.

وتتجه أم إبراهيم التي عجزت عن إقناع بائعة الباذنجان والفليفلة بتخفيض الأسعار إلى خيار أقل كلفة في محاولة منها لتقليص نفقات المؤونة واستثمار مواهبها التي اكتشفتها مؤخرا في الترشيد الاقتصادي التي أصبحت مجبرة على استخدامها في ظل ارتفاع مكونات طبق المكدوس، خاصة الجوز، إذ تلجأ إلى استبدال حشوة فستق العبيد عوضا عن الجوز المفروم، وعن ذلك تقول ”لا أستطيع شراء الجوز الذي أصبح سعره خياليا، لذلك استغنيت عنه نهائيا، واستبدلته بفستق العبيد، طعمه لذيذ لكنه لا يعادل طعم الجوز، أفضل من لا شيء“.

وتقول “كلفة مؤونة هذا العام مضاعفة عن العام السابق، تضاعفت الأسعار مرات بمبررات واهية كضعف الإنتاج مقابل زيادة الطلب، لاسيما مادتي الجوز والزيت إلى جانب الحصار الاقتصادي على البلاد”.

Thumbnail

ولم تصرف رجاء (معلمة في الصف الابتدائي) ليرة واحدة على شراء مستلزمات المكدوس، وحذفت فكرة تحضير مؤونة الشتاء هذا العام من قائمتها لصالح تأمين المستلزمات الدراسية لأطفالها الأربعة، تقول “كان علي الاختيار بين شراء القرطاسية وملابس المدرسة وتخزين الطعام لفصل الشتاء، تعليم أولادي أهم، سنعتمد هذه السنة على المحاصيل الشتوية في غذائنا”.

ويعزو المهندس حمزة الطحان ارتفاع أسعار الخضار في موسمها الصيفي إلى ارتفاع أسعار تكاليف الإنتاج وخاصة المحروقات التي تواجه أزمة حادة.

ويقول الطحان “سعر برميل المازوت لدى الحكومة حوالي 100 ألف ليرة سورية (30 دولارا أميركيا)، وفي السوق السوداء أكثر من 700 ألف ليرة سورية (200 دولار أميركي) والكمية التي يتم توزيعها من الحكومة لا تكفي للري لذلك يلجأ المزارع إلى شراء المازوت من السوق السوداء، وكذلك ارتفاع تكلفة النقل وهذا ما أدى إلى رفع أسعار الخضار والفواكه”.

وأرجع تاجر في سوق الهال بدمشق (سوق بيع الخضار المركزي) أسباب ارتفاع أسعار الخضار  إلى قلة الكميات بشكل عام بسبب موجات الحرارة العالية والصراع في محافظة درعا المورد الرئيسي للعاصمة دمشق من الخضار.

وتشكل مناطق ريف دمشق الجنوبي الغربي والقنيطرة ودرعا سلة خضار وفواكه سورية حيث تعتبر المصدر الرئيسي للخضار ويتم شحنها إلى أغلب المحافظات السورية، بل يتم تصديرها خارج البلاد.

Thumbnail
20