عراقيون هواة يخوضون رحلات إلى السماء من موقع أور

هواة فلك بالعراق من خلفيات مهنية مختلفة تماما تجمعوا عبر الفضاء الإلكتروني والتخييم في المواقع الأثرية لتبادل المعلومات والمعرفة بخصوص أفضل طرق مشاهدة النجوم.
الثلاثاء 2021/09/07
الولع بمشاهدة النجوم يجمع العراقيين

كونت مجموعة من هواة الفلك بمختلف محافظات العراق فريقا لمشاهدة النجوم بدأت بلقاءات في الواقع الافتراضي، لتنتقل عبر مخيمات تم نصبها في موقع أور الأثري إلى أرض الواقع، بهدف توثيق هذا الإرث والتعمق في دراسته.

ذي قار (العراق) – يتولى عالم الفلك العراقي الهاوي محمد مسلم عقيل، في موقع أور القديم ببلاد ما بين النهرين، تركيب تلسكوبه بحرص قبل ليلة من مراقبة سماء جنوب العراق.

ويمضي عقيل، عضو ما يسمى فريق قوات الفلك في عموم العراق، وهو فريق هواة، يومه حيث يعمل في قطاع النفط والغاز بالبصرة بينما يمضي الليل وهو يتابع الكواكب وحركة النجوم.

وتأسس هذا الفريق في العام الماضي على الإنترنت، عندما بدأ هواة فلك بالعراق من خلفيات مهنية مختلفة تماما في التجمع عبر الفضاء الإلكتروني وتبادل المعلومات والمعرفة بخصوص أفضل طرق مشاهدة النجوم.

وقال عقيل “اجتمع كل أفراد الفريق من كافة المحافظات العراقية من خلال التواصل عبر موقع فيسبوك، حيث كانت لقاءاتنا وتعارفنا على بعضنا البعض في البداية تتم من خلال الواقع الافتراضي، من أجل التخييم”.

وأضاف “كان لا بد من الاجتماع على أرض الواقع من خلال نصب المخيمات لإلقاء المحاضرات وغير ذلك مما يجمعنا على حب الفلك، بعد أن تمكنا بالفعل من جمع عدد كبير من محبي هذه الهواية عبر العالم الافتراضي”.

واجتمع بعض أعضاء هذا الفريق الجمعة الماضي في موقع أور القديم في محافظة ذي قار حيث أقاموا مخيما قرب زقورة أور المقامة على طراز هرم بلاد ما بين النهرين.

وكان علماء الفلك البابليون القدماء في بلاد ما بين النهرين القديمة متقدمين على عصرهم، يستخدمون تقنيات هندسية متطورة تعتبر حتى الآن إنجازا بالنسبة إلى علماء أوروبا في العصور الوسطى.

اختيار المواقع الأثرية لم يكن اعتباطيا، فهي كانت في السابق مواقع تستخدمها معظم الحضارات العراقية القديمة لرصد الأجرام السماوية والكواكب

وأوضح عضو الفريق حسين سنديح، وهو أستاذ بالجامعة، “نشعر بمسؤولية كبيرة اتجاه هذا الإرث الذي تركه لنا أجدادنا القدماء وأنه علينا الحفاظ عليه وتعريف الأجيال القادمة به، وذلك من خلال هذا المخيم الفلكي الذي يهتم بالنجوم والكواكب والمجرات وكذلك بالآثار، فهو بمثابة حلقة وصل يمكننا عبرها لا فقط جذب انتباه هذه الأجيال لهذا الإرث التاريخي الموجود، بل وأيضا نقله لها”.

وتمثل مشاهدة النجوم هواية منذ الصغر لحيدر محمد، وهو بائع معدات خاصة بتكنولوجيا المعلومات في بغداد، حيث لفت إلى أنه في مطلع التسعينات، عندما كان صغيرا، وأثناء فرض عقوبات على العراق لم تكن الكهرباء منتظمة فكانت أُسرته تجتمع على سطح البيت ليلا وتمضي الوقت في معرفة أسماء الأبراج والكواكب، ومن هنا نشأ حبه للفلك.

وتابع محمد، في تعريفه لأعضاء الفريق بأنواع المكروسكوبات قائلا، إن “هناك ثلاثة أنواع من المكروسكوبات، اثنان منها رئيسيتان والثالث يسمى هجين”.

وبيّن أن “النوع الأول يعرف بأنه العاكس، إذ يستخدم المرآة، ونحن بحركة واحدة يمكننا أن نجعل هذا التلسكوب يدور مع حركة الأرض، شرط أن يكون بارتفاع مضبوط، فالنجوم لا تحتاج توجيها قريبا وقويا للتلسكوب”.

وأضاف وهو يوضح لأعضاء آخرين في الفريق سبب اختيار مثل هذا المكان لمخيمهم، قائلا إن “اختيار المواقع الأثرية لم يكن اعتباطيا، فهي كانت في السابق مواقع يستخدمها الملوك والبابليون والسومريون، أي معظم الحضارات العراقية القديمة والتي استخدمتها للفلك ورصد الأجرام السماوية والكواكب”.

وفي ما يتعلق بأكثر ما يرصدونه في الفلك أشار محمد إلى أن “أكثر الأجرام السماوية التي تمكنا من رصدها حتى الآن هي ذراع مجرة درب التبانة، وهذا لم يكن ليحصل في حال حاولنا ذلك من داخل المدن أو بالقرب منها، لاسيما زخات الشهب وهي ما يقارب 60 إلى 80 زخة شهب بالساعة”.

وعن إحساسها أو انطباعها بعد مشاهدة ظواهر فلكية لأول مرة في حياتها قالت شكران حسون، وهي فلكية هاوية وطالبة عمرها 16 عاما، “لقد ملأني ذلك بإحساس رائع وخلف عندي انطباعا جميلا، إذ شعرت وكأنني أحس بقيمة مختلفة للكون، ما دفعني للرغبة في التعلم والتعرف أكثر عن أسراره، وهو ما قد يحدث لكل من يجرب ذلك لأول مرة، فسيكون راغبا في التعمق في هذا المجال أكثر”.

24