بوصلة الكرة المريضة
نحن الآن ننشتلُ بصبرٍ قليلٍ على مبعدة أسبوعٍ من سماع صفّارة البدء، لماراثون كأس الكرة الأرضية بكرة القدم في البرازيل، مهوى عشّاق ذلك الفنّ الجميل اللذيذ. من التطورات المزعجة التي لم تكن قائمة قبل أربعين سنة مثلاً، هو ذلك التدافع والتناطح بين شركات التلفزة الاحتكارية، على خمط كمشة دولارات سمينة من جيوب الفقراء والجياع المشتاقين.
كان بمقدورنا من قبل مشاهدة المباريات من خلال التلفزيون الأبيض والأسود الذي يعينهُ على قنص الصورة، أريلٌ نابتٌ طويل فوق السطح، قد توفّر إصابته بعطب، حرشة ممكنة ببنت الجيران الحلوة، حتى مفتتح الألوان قبل أن تقتل سلطة الدولار القوية، آخر ما تبقى من حنان وحميمية الأرض، وتُدخل لذة الجياع المتاحة في بورصة القسوة والربح، حتى لو كان الأمر ناتجاً من زيادة عظمى في تصنيع وبيع الأكفان والتوابيت وربما البكاء الذي يليق بالجنائز.
أظنني هذه المرة، سأميل أكثر وأكثر صوب التشجيع السياسيّ الذي قد يخلو من روح الجمال والفن والرياضة. سأُشجّع العرب الجزائريين وأرقص وأصفّق لهم وإن لعبوا ضدّ البرازيل التي أعشقها وأموت على لعبها من بيليه حتى نيمار. سأرفع العقيرة والدعاء المرتّل المدوزن المجوّد الخاشع الطالب من السماء أن تخسر أميركا ولو كان خصمها من الشياطين، عقاباً لها وشماتة وشفاء غلٍّ وغليل مما صنعته يدها الهمجية الحرامية ببلادي العزيزة المريضة، بلاد ما بين القهرين.
سأعيد ترتيل الدعاء بنفس القدر من القوة والنبل وحرقة القلب واشتعال الرأس، مع فريق إيران وفريق الإنكليز، فلهاتين الدولتين النذلتين الوغدتين حصة ضخمة بدم ومال وكرامة ووجع وآهات العراقيين الحارّة وموّالاتهم الجارحة.
أهل التفسير والتأويل والاجتهاد، وعلماء النفس والاجتماع، والحافرون في بطن الروح البشرية، سيزعلون وسيغضبون وربما سيتقززون وينفرون من قسوة مكتوبي هذا، وسيحيلونه إلى منطقة المرضيّ الذي لا شفاء منه.