عشرة حلول تكنولوجية لإنقاذ كوكب الأرض وإنقاذ أنفسنا

بينما يتحدث العلماء عن كارثة بيئية قريبة تتصرف الإدارة الأميركية وكأن الكارثة مؤجلة ولن تحدث. وينقسم العالم إلى فريقين، فريق يتحدث عن سيناريو ليوم قيامة يواجهه العالم خلال ثلاثين عاما لا أكثر، وفريق آخر يتنبأ بعصر جديد من الوفرة في الطاقة والثروة والموارد الجديدة، تكون فيه التكنولوجيا سيدة الموقف.
لندن – إضافة إلى الجائحة التي يعتقد أن سببها الرئيسي هو التغيرات البيئية يسود العالم مشهد يشبهه البعض بالقيامة؛ فيضانات أغرقت مدنا يفترض أن البنية التحتية فيها على أعلى مستوى، من الصين إلى ألمانيا وصولا إلى كاليفورنيا، وارتفاع في درجات الحرارة لم نعهده في السابق أدى إلى نشوب المئات من الحرائق التي أودت بحياة المئات من الضحايا ودمّرت مساحات شاسعة من الغابات.
هناك من سيبادر بالقول إنه غضب إلهي، وثمّة من سيعزو ذلك إلى الإرهاب، وفي الحالتين هناك شيء من الحقيقة. لكن الغضب هو غضب الطبيعة، وكأننا بها تحتج على الإساءات التي لحقت بها بسبب إساءات الجنس البشري. والإرهاب هو إرهاب البشرية التي لم تقف لحظة للتفكير في حجم الإساءات التي تلحقها بموطنها الأرض وكأنها تريد الانتقام من نفسها.
هل فات الأوان وسُقِط في أيدينا؟ أم ما زال أمامنا متسع من الوقت لإنقاذ كوكب الأرض، قبل أن نرى مدنا تغرق وأراضي تلتهمها الصحراء؟
هناك من يخشى أن يكون الوقت قد فات، وأن لا راد لغضب الطبيعة ويشجع على البحث عن كواكب أخرى يهاجر إليها الجنس البشري. وهناك أيضا من يجادل بأن الوقت لم يفت بعد وأن لدى البشر حلولا يلجأ إليها لعكس الدمار، وأن للتكنولوجيا دورها في ذلك، ويقترح حلا أو أكثر من بين الحلول العشرة التالية:
الزجاج الشمسي
ماذا لو استخدمت كل نافذة من نوافذ ناطحات السحاب لتوليد الطاقة؟ هذا هو وعد الزجاج الشمسي، وهي تقنية ناشئة تحظى بالكثير من الاهتمام.
وكما يبدو من الاسم، هي مادة نفاذة شفافة تسمح بتجميع طاقة الشمس وتحويلها إلى كهرباء. العقبة الكبيرة كانت الكفاءة. يمكن أن تحقق الخلايا الشمسية عالية الأداء كفاءة بنسبة 25 في المئة أو أكثر، لكن الحفاظ على الشفافية يعني التضحية بالكفاءة التي يتم بها تحويل الضوء إلى كهرباء. ويعمل فريق من جامعة ميشيغان على تطوير منتج زجاجي شمسي يوفر كفاءة عالية بينما يسمح بمرور 50 في المئة من الضوء. ووفقًا لتوقعات من ولاية ميشيغان في الولايات المتحدة يوجد 7 مليارات متر مربع من النوافذ القابلة للاستخدام تقريبا، تكفي لتشغيل 40 في المئة من احتياجات الطاقة الأميركية.
مادة الغرافين
أقوى من الفولاذ وأرقّ من الورق وأكثر توصيلًا من النحاس؛ هذا هو الغرافين، المادة معجزة كما يطلق عليها. وهو عبارة عن طبقة رقيقة جدًا من الغرافيت تم اكتشافه لأول مرة عام 2004 في جامعة مانشستر. وهو الآن موضوع بحث مكثف، حيث يتوقع الكثيرون أنه سيكون التالي في الخط بعد البرونز والحديد والسيليكون في نشر التطور الحضاري والتكنولوجي لجنسنا البشري.
يتميز بالمرونة والشفافية، وهو من المواد فائقة التوصيل، مما يجعله مناسبًا لمجموعة كبيرة من التطبيقات تشمل ترشيح المياه والموصلات الفائقة القادرة على نقل الطاقة عبر مسافات شاسعة بأقل خسارة، والاستخدامات الكهروضوئية… إلخ. وقد يثبت الغرافين أنه حجر الزاوية في نهضتنا الخضراء.
بلاستيك نباتي
علينا -إن أردنا إنقاذ كوكب الأرض- وضع حد لاستعمال المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد. وهناك اليوم مبادرات جارية بالفعل في جميع أنحاء العالم لحظر استخدامها. واختفى عمليا في مدن عديدة استعمال هذه الأكياس من متاجر البقالة. لكن المشكلة متأصلة بعمق في اقتصادنا الاستهلاكي.
إذا كنتم تعيشون بالقرب من مدن ساحلية ستلاحظون الركام البلاستيكي الذي يلوث المياه والشواطئ، وما خفي كان أعظم.
وتعتبر المواد البلاستيكية النباتية التي تتحلل حيوياً أحد الحلول المطروحة، حيث يمكنها أن تحل محل العديد من المنتجات البلاستيكية المتداولة بالفعل.
وتقوم شركة إندونيسية تدعى “أفاني إيكو” بتصنيع البلاستيك الحيوي من الكسافا منذ عام 2014. ومثل اللحوم البديلة والزجاج الشمسي، يأمل الخبراء أن يصبح هذا قطاعًا مزدهرًا في السنوات القادمة. لكن احذر، لا تتحلل كل المواد البلاستيكية الحيوية بيولوجيًا، ولا تزال ميزة بعض تقنيات الإنتاج موضع نقاش.
اللحوم البديلة
لعشاق تناول اللحوم هناك أخبار سارة وأخرى سيئة. أولاً، السيئة أن إنتاج اللحوم أمر يدمر كوكب الأرض تدميرا شديدا. في عام 2017 وقّع أكثر من 15000 عالِم من مختلف الدول على تحذير للإنسانية يدعو إلى تقليص استهلاك اللحوم بشكل كبير. مبرر واحد يكفي لذلك هو استنزاف الأراضي.
يحتاج إنتاج اللحم البقري إلى مساحة 164 مترًا مربعًا من المراعي لكل 100 غرام، وهو من المسببات الرئيسية لإزالة الغابات في أميركا الوسطى والجنوبية، مما أدى إلى إطلاق الكربون بشكل غير مسبوق. وتعتقد منظمة الأغذية والزراعة أن الثروة الحيوانية مسؤولة عن حوالي 14.5 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة. وتستهلك تربية الحيوانات أيضًا كميات هائلة من المياه العذبة بينما يؤدي الجريان السطحي الملوث الناتج عن أنشطة تربية الماشية إلى تلويث المجاري المائية المحلية.
أما الأخبار الجيدة فهي أن اللحم البديل أصبح حقيقة؛ حيث تقدم عدة شركات بدائل عن اللحوم لذيذة. ويرى خبراء التغذية أن هذه الشركات حققت إنجازا تستحق عليه الثناء.
بفضل جهودها يمكنكم اليوم طلب برغر وتاكو خالييْن من اللحوم في برغر كنغ وديل تاكو.
البطاريات
الطاقة هي العامل الأكثر إعاقة للتقنيات الخضراء؛ فطاقة الرياح والطاقة الشمسية -على سبيل المثال- قادرتان على توليد كميات هائلة من الكهرباء، ولكن اعتمادهما تأخر بسبب عائق كبير، ففي بعض الأحيان لا يكون الجو مشمسًا أو عاصفًا. والأمر نفسه ينطبق على السيارات الكهربائية التي تخطو خطوات كبيرة، ولكن إلى حين أن تزيد سعة التخزين وتقل أوقات الشحن يبقى الوقود الأحفوري سيد الموقف.
التقنيات الحالية لم تحل المشكلة بعد، والسبب ارتفاع الثمن. وفقًا لفريق عمل الهواء النظيف، لكي تحقق كاليفورنيا الأهداف الطموحة لتزويد نفسها بالطاقة من خلال مصادر الطاقة المتجددة فقط ستحتاج الولاية إلى إنفاق 360 مليار دولار على أنظمة تخزين الطاقة.
حاليا تعمل إحدى الشركات -وتدعى “فورم إنرجي”- على تطوير ما يُعرف باسم بطاريات تدفق الكبريت المائية التي ستتكلف ما بين دولار واحد و10 دولارات للكيلوواط في الساعة، مقارنةً بتكلفة الليثيوم البالغة 200 دولار للكيلوواط في الساعة. يجب العمل أيضا على زيادة أوقات التخزين، وتأمل الشركة المطورة أن يساهم الحل الذي تعمل على تطويره في حل مشكلة التخزين، مما يوفر خارطة طريق لبقية العالم.
أجهزة استشعار بيئية
هي تقنية شبه مجهولة حتى الآن وتسمح بمراقبة التلوث. وتساهم في جميع أشكال الاستدامة التي يمكن تخيلها.
في الثمانينات من القرن الماضي ساعدت زيادة طول المداخن في التقليل من تلوث الهواء المحلي؛ حيث يرتبط ارتفاعها بمنسوب معدل الأمطار الحمضية، مما أدى إلى إزالة الغابات على نطاق واسع. ومع التقدم التكنولوجي تم استخدام أجهزة الاستشعار -وهي بحجم قطعة نقدية صغيرة- في مراقبة جودة الهواء والماء وتتبع درجة الحموضة والتقاط البيانات في الوقت الفعلي عن ظواهر تعتبر بالغة الأهمية وتؤثر على رفاهيتنا الاجتماعية والاقتصادية.
وتعمل شبكات الاستشعار التي تراقب استخدام الطاقة والمياه في المباني على تقليل النفايات. ولن يكون بعيدا اليوم الذي تطرح فيه أجهزة استشعار لقياس جودة الهواء قابلة للارتداء وتأثر بشكل كبير على الطريقة التي نعيش بها.
شبكات طاقة ذكية
الطريقة التي تعمل بها البنية التحتية للطاقة حاليا، والتي تُعرف مجتمعة باسم الشبكة، مشكلة مقلقة ورثناها من القرنين التاسع عشر والعشرين.
لا يزال إنتاج الطاقة إلى اليوم مركزيًا وموزعًا في اتجاه المصب، ليصل في النهاية إلى المستخدم. وتكمن المشكلة في أن هذه الشبكات شديدة الحساسية تجاه التقلبات. ولجعلها تعمل بشكل موثوق تتطلب زيادة هائلة في إنتاج الطاقة التي يذهب جزء كبير منها هباء. ولحل تلك المشكلة يتم بالفعل طرح الشبكات الذكية التي تجرى عليها الاختبارات على مستوى العالم، وذلك بهدف تصميم شبكة جديدة للقرن الحادي والعشرين.
ستعمل الشبكات الذكية على دعم الإنتاج المحلي للطاقة وصولاً إلى مستوى الأسرة. وستعمل تقنية الاستشعار ونماذج التنبؤ على ضبط إنتاج الطاقة لتجنب الإفراط في الإنتاج، وسيتيح تطور تقنية البطاريات تخزين الطاقة من مصادر متجددة. وهذا لن يهمل حتى مقبس الضوء. عندما تصبح الأجهزة أكثر ذكاءً قد تبدأ الشبكة في إرسال إشارة تلقائية تنبه إلى ضرورة إغلاق المقبس لتوفير الطاقة.
هذا كله سيساهم في إحداث تغير كبير في كيفية عمل البنية التحتية للطاقة. ووفقًا لدراسة أجراها معهد أبحاث الطاقة الكهربائية، بحلول عام 2030 قد تساعدنا تقنيات الشبكة الذكية في التقليل من انبعاثات الكربون بنسبة 58 في المئة مقارنة بالمستويات التي كانت عليها قبل عشر سنوات.
تجميع الكربون
هناك الكثير من ثاني أكسيد الكربون في الهواء، وهذا يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة كوكبنا. ولكن ماذا لو تمكنا من تجميع هذا الغاز وعزله؟
هذا ما بات يعرف اليوم بفرضية التقاط الكربون وتخزينه (CCS)، ويأمل الخبراء أن تلعب دورا مهما في صحة كوكبنا في المستقبل القريب.
وفقًا لجمعية CCS تسمح تقنيات الالتقاط بفصل ثاني أكسيد الكربون عن الغازات المنتجة في توليد الكهرباء والعمليات الصناعية بإحدى الطرق الثلاث: الالتقاط قبل الاحتراق، والتقاط ما بعد الاحتراق، واحتراق الوقود بالأكسجين.
يتم نقل الكربون عن طريق خطوط الأنابيب وتخزينه في تكوينات صخرية بعيدة عن الأرض. في عام 2017 تم إطلاق أول مصنع لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون في العالم في سويسرا. وطورت الشركات الناشئة في الولايات المتحدة وكندا مصانع خاصة بها لاحتجاز الكربون. ويمكن أن تساعد هذه التكنولوجيا في عكس أحد أكثر الاتجاهات البيئية إثارة للقلق في عصرنا.
الاندماج النووي
يتم تشغيل شمسنا من خلال اندماج نوى الهيدروجين وتشكيل الهيليوم. وعلى مدى عقود عمل العلماء على تسخير نفس العملية لخلق طاقة أرضية مستدامة. هذا الجهد مقنع للغاية من وجهة نظر بيئية لأنه يمثل شكلاً من أشكال الطاقة الخالية من انبعاثات الكربون.
وعلى عكس الانشطار النووي -التقنية التي تشغل المحطات النووية الحالية- لا ينتج عن الاندماج النووي إنتاج نفايات مشعة طويلة العمر. المشكلة هي الحرارة.
لتوليد طاقة موجبة صافية عند اندماج جُسيْمين يجب أن يحدث التفاعل عند الملايين من الدرجات المئوية، وهذا يعني أن أي وعاء تستخدمه للقيام بالصهر سوف يذوب. الجواب هو تعليق التفاعل في البلازما العائمة حتى لا تلمس الحرارة الشديدة الغرفة، وهي عملية يعتقد الباحثون أنّ بالإمكان تحقيقها باستخدام مغناطيسات عالية الطاقة.
الخط الزمني النموذجي المقدم لطاقة الاندماج هو 30 عامًا، لكن فريقًا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يعمل مع فئة جديدة من المغناطيسات يعتقد أنها يمكن أن تحصل على طاقة الاندماج في الشبكة في غضون 15 عامًا فقط، وهو ما سيكون بمثابة خطوة كبيرة في المعركة لإبطاء اتجاه احترار كوكب الأرض.
الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي حجر الأساس لجهودنا المستقبلية للتراجع عن الضرر الذي لحق بالأرض وإيجاد حلول قابلة للتطوير
لننسَ ما يسوقه الخيال العلمي من أن الذكاء الاصطناعي سيتسبب في هلاكنا جميعا مع صعود الروبوتات وتمردها على الجنس البشري.
الذكاء الاصطناعي قد يكون أفضل رهان لنا للخروج من الحالة الخطيرة التي وجدنا أنفسنا فيها. ويعد برنامج “مايكروسوفت للذكاء الاصطناعي من أجل الأرض” أحد الجهود الجارية لتسخير إمكانات هذه التكنولوجيا لصالح الكوكب.
قدم البرنامج أكثر من 200 منحة بحثية للفرق التي تطبق تقنيات الذكاء الاصطناعي على صحة الكوكب في أربعة مجالات هي التنوع البيولوجي والمناخ والمياه والزراعة.
حاليا تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي على تحليل الأسطح الجليدية لقياس التغييرات بمرور الوقت، مما يساعد الباحثين على زرع غابات جديدة بتخطيطات دقيقة لزيادة عزل الكربون وتمكين أنظمة الإنذار من المساعدة في القضاء على تكاثر الطحالب المدمرة.
وللذكاء الاصطناعي تأثير على النشاط الزراعي، وسيعمل قريبًا على تغيير طريقة الزراعة، مما يقلل من اعتمادنا على المبيدات الحشرية، ويقلل بشكل كبير من استهلاك المياه. سيجعل الذكاء الاصطناعي المركبات ذاتية القيادة أكثر كفاءة في التنقل، مما يقلل من تلوث الهواء.
ويتم نشر الذكاء الاصطناعي من قبل علماء المواد لتطوير بدائل قابلة لتحلل البلاستيك تحللا حيويا وتطوير استراتيجيات لتنظيف محيطاتنا، والتي تستقبل حوالي ثمانية ملايين طن متري من البلاستيك سنويًا.
سيكون الذكاء الاصطناعي حجر الأساس في جهودنا المستقبلية للتراجع عن الضرر الذي لحق بكوكب الأرض مع إيجاد حلول قابلة للتطوير من أجل الحفاظ على احتياجاتنا من الطاقة والغذاء والمياه.
إما أن يتحقق هذا، أو يكون الفناء هو المصير الذي يستحقه الجنس البشري.