"درب الأردن" رحلة اكتشاف المملكة سيرا على الأقدام

يلتفت الشباب الأردني إلى اكتشاف بلاده من خلال رحلة تمتد على آلاف الكيلومترات في درب الأردن الذي يربط شمال المملكة بجنوبها ليسير في دروب رئيسية قديمة حددت في العهد البرونزي؛ أي في عصر ما قبل العهد الروماني.
عمان - على طريق “درب الأردن” الذي يبلغ طوله 675 كيلومترا ويربط شمال المملكة بجنوبها يستمتع المشاركون في الرحلات بالتنزه وتسلق المنحدرات الصخرية واجتياز الغابات والتزلج على كثبان الرمل.
وتستغرق رحلة طريق “درب الأردن” 40 يوما سيرا على الأقدام يمر المشاركون خلالها بنحو 75 قرية وبلدة لتعريف السياح والزائرين بحجم التنوع الطبيعي والثراء الثقافي وتاريخ البلاد.
وافتُتح هذا الدرب عام 2017 وصُمم ليكون طريقًا يربط الشمال بالجنوب، ويبدأ في قرية “أم قيس” وينتهي في مدينة “العقبة” على البحر الأحمر.
وعلى الرغم من مناخ الأردن الجاف فإن المناظر الطبيعية تتنوع ما بين المنحدرات المرصعة بأشجار الزيتون في الشمال والسواحل التي تتلاطم عليها الأمواج في الجنوب.
وتتخلل ذلك في الوسط تشكيلات الحجر الرملي المذهلة في وادي رم الذي غالبًا ما يُستعان به لتصوير مشاهد مشابهة لكوكب المريخ، حيث يعود تاريخ الكتابات والنقوش التي خلفتها الثقافة النبطية إلى أكثر من ألفي عام.
وقالت خيرية عمرو المتخصصة في علم الآثار إن “الأردن يحتوي على دروب رئيسية قديمة حددت في العهد البرونزي؛ أي في عصر ما قبل العهد الروماني”، مشيرة إلى أن الأردن في الزمن الماضي كان مقرا وممرا في المنطقة وحلقة الوصل بين بلاد الشام والجزيرة العربية.
وبينت عمرو أن الدروب أو المسارات التي كان الإنسان يتبعها آنذاك ليست بالأمر الجديد وهي موجودة إلى اليوم، فالعمل على تطوير تلك المسارات أو الدروب أمر في غاية الأهمية للتعريف بالأردن والمواقع الأثرية والسياحية في المملكة والتشجيع على سياحة المشي والمغامرة.
وأوضحت عمرو “أن العمل الذي تقوم به جمعية ‘درب الأردن’ عمل جميل ويستحق أن يشكروا عليه، فلهذا يجب أن ندعم أي جهة تقوم بإعادة تذكيرنا بالإرث الحضاري والأثري لبلدنا، فالأردن متنوع سياحيا وعلينا جميعا أن نستثمر هذا التنوع”.
وتأسست جمعية “درب الأردن” في عام 2015 بهدف خدمة النشاط السياحي القائم على المواقع والمناظر الطبيعية والتنمية الاقتصادية في المجتمعات المحلية.
ومنذ ذلك الحين تعمل الجمعية على تطوير الدرب والحفاظ عليه وتدريب السكان المحليين وتزويدهم بمهارات الإرشاد وخدمات الضيافة.
وقال بشير داود، المدير العام لـ”درب الأردن”، إن “60 ألف سائح شاركوا في رحلات ‘درب الأردن’ عام 2019 قبل تفشي جائحة كوفيد – 19 بعائدات زادت قيمتها عن 28 مليون دولار للمجتمعات المحلية”.
وأضاف أن “درب الأردن” أفرز وظائف جديدة؛ فقد “خلقنا أكثر من ثلاثة أنواع من المهن الجديدة التي هي بيوت الضيافة ومزودو خدمات المخيمات المتنقلة، والمرشدون الذين يمكن للسائح أن يعتمد عليهم في رحلته”.
وتحدثت هبة أبوسعود، وهي مشاركة في إحدى الرحلات، عن فوائد السفر في هذا الطريق للمشاركين وللمجتمعات المحلية أيضا.
وقالت إن “تجربة الرحلة في مسار ‘درب الأردن’ فريدة من نوعها ولا يمكن أن توصف بالكلمات، فمجرد أن تقطع مسافة 650 كيلومترا من أقصى شمال المملكة من منطقة أم قيس إلى أن تصل إلى مدينة العقبة جنوبا هو حلم كنت أنتظره منذ زمن بعيد”.
وتحصل جمعية “درب الأردن” على الدعم من ممولين دوليين ومحليين على غرار الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والمفوضية الأوروبية بالأردن وسفارة هولندا وهيئة تنشيط السياحة في الأردن والقطاع الخاص.
وقالت رئيسة جمعية “درب الأردن” منى حداد “لقد لاحظنا عددا متزايدا من قبل الأردنيين والأجانب الذين يرتادون الدرب، ويستمتعون ببلدهم ويتعرفون عليه بشكل مختلف. ونحن نتطلع إلى الدعم المتواصل من شركائنا ومؤيدينا لمواصلة تطوير المسار وتمكينه من العمل كمحفز اقتصادي في المناطق التي يمر بها”.