إيرانيون يلوذون بأرمينيا طمعا في لقاح مجاني

رغم تشجيع سلطات أرمينيا سياحة التطعيم أجبر العدد الهائل من الإيرانيين، الذين غمروا مراكز التطعيم، البلاد على تشديد القواعد.
الاثنين 2021/07/19
كورونا يسافر بالإيرانيين إلى الخارج

يريفان (أرمينيا) – تتزايد الحاجة الملحة إلى لقاحات كوفيد – 19 يوما بعد يوم في إيران، حيث تهدد الحالات الجديدة التي يغذيها متحوّر دلتا سريع الانتشار بإغراق المستشفيات الإيرانية بمرضى يعانون من ضيق في التنفس.

ومع تزايد الوفيات والشعور بأن الحماية لا تزال بعيدة المنال بالنسبة إلى معظم الإيرانيين قرر الآلاف من اليائسين تدبر الأمور بأنفسهم وشرعوا يتدفقون على أرمينيا المجاورة.

في أرمينيا، حيث يظل تلقي اللقاح بطيئا وسط تردد واسع النطاق بشأن اللقاحات، توزع السلطات جرعات مجانية للزوار الأجانب، وهو ما اعتبره الإيرانيون نعمة.

وقال أحمد رضا باقري، وهو صائغ يبلغ من العمر 23 عاما من محطة للحافلات في طهران، “أريدها فقط أن تحصل على حقنة في أقرب وقت ممكن”، مشيرا إلى والدته المصابة بداء السكري التي كان سيرافقها عبر الطريق المتعرج الذي يستغرق قطعه 20 ساعة إلى عاصمة أرمينيا يريفان.

وتلقى عم باقري بالفعل جرعته الأولى في المدينة وسيحصل على الجرعة الثانية قريبا. وقد هيمنت مثل هذه القصص على وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية في الأسابيع الأخيرة، حيث تتوجه جحافل من الإيرانيين إلى أرمينيا بالحافلة والطائرة.

وقال القائم بأعمال رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان إن “الأجانب، بمن فيهم المقيمون، يمثلون ما يصل إلى نصف الذين تلقوا تطعيما في البلاد والذين يبلغ تعدادهم حوالي 110 آلاف شخص”. وتعتمد أرمينيا لقاحات “أسترازينيكا” السويدي – البريطاني و”سبوتنيك في” الروسي و”كورونافاك” الصيني.

وقال علي سعيد، وهو تاجر ملابس يبلغ من العمر 39 عاما وكان ينتظر في محطة حافلات بطهران، “لا يمكنني الانتظار مثل هذا الوقت الطويل للحصول على التطعيم. لقد أخّر المسؤولون خططهم للتلقيح العام عدة مرات. أنا ذاهب إلى أرمينيا”.

جحافل من الإيرانيين تتوجه إلى أرمينيا بالحافلة والطائرة بعد أن راجت قصص التطعيمات المجانية للأجانب
جحافل من الإيرانيين تتوجه إلى أرمينيا بالحافلة والطائرة بعد أن راجت قصص التطعيمات المجانية للأجانب

ويعتبر آخرون، مثل السكرتيرة بهاره خاني البالغة من العمر 27 عاما، الرحلة بمثابة خدمة وطنية لتخفيفها مهمة التلقيح الشاقة التي تواجه السلطات الإيرانية.

ولا يزال عدد الإيرانيين الذين خاضوا رحلة التطعيم غير واضح، حيث لا تزال أرمينيا مكانا شهيرا لقضاء العطلات الصيفية. وتنقل عشرات الحافلات وسيارات الأجرة والرحلات الجوية حوالي 500 إيراني عبر الحدود كل يوم. وأضافت شركات الطيران ثلاث رحلات أسبوعية من إيران إلى يريفان. كما تضاعفت تكلفة جولات الحافلات وشهد وكلاء الأسفار الذين شاهدوا الوباء يدمر صناعتهم زيادة غير مسبوقة في الأعمال.

وقال أحمد، وهو مدير وكالة سياحية في طهران ورفض ذكر لقبه، “تضاعف عدد زبائننا المتجهين نحو أرمينيا ثلاث مرات في الأسابيع الأخيرة”.

وأفادت وكالة أنباء “إيلنا” الإيرانية شبه الرسمية بأن موجة الإيرانيين أغرقت مراكز اختبار فايروس كورونا في أرمينيا، مما ترك العشرات من الذين تقطعت بهم السبل في المنطقة العازلة، وقد أغمي على الكثير منهم بسبب الحرارة. واصطف مئات الإيرانيين للحصول على لقاح على بعد حوالي 160 كيلومترا في يريفان، ونام بعضهم في الشوارع.

ويبقيهم الأمل في طوابير طويلة تحت أشعة الشمس التي لا ترحم. وتظهر مقاطع فيديو الإيرانيين في شوارع عاصمة أرمينيا يرقصون على نغمات الموسيقى الفارسية خارج مراكز اللقاح ويصفقون وهم يتلقون الجرعات.

وقال وزير الصحة في أرمينيا أناهيت أفانيسيان للصحافيين “لم يكن بإمكاننا توقع أن يحظى عملنا الإنساني بشعبية كبيرة وأن ينتشر بشكل كبير وأننا سنسجّل تدفقا كبيرا للأجانب. إن مواطنينا هم أولويتنا، لكني أكرر مرة أخرى أن الوباء لا يعترف بالمواطنة”. وبينما تشجع سلطات أرمينيا سياحة التطعيم أجبر العدد الهائل من الإيرانيين، الذين غمروا مراكز التطعيم، البلاد على تشديد القواعد.

ففي البداية توجه طالبو لقاح إيرانيون إلى عيادات في بلدة ميغري الحدودية الجنوبية. وأفاد طبيب محلي، اشترط عدم الكشف عن هويته، بأنه رأى ما لا يقل عن 100 إيراني تلقوا تطعيمهم هناك خلال الأسابيع القليلة الماضية.

Thumbnail

وفي الأسبوع الماضي أصدرت الحكومة مرسوما يقضي بأنه لا يمكن للزوار الأجانب تلقي حقنة إلا في خمس عيادات متنقلة مخصصة لشركة أسترازينيكا في يريفان، وكان يجب أن يقضوا 10 أيام على الأقل في أرمينيا قبل تلقي التطعيم، وهي محاولة واضحة لتعزيز قطاع السياحة في البلاد.

لقد أصبحت رحلات الحافلات طويلة، مع توجيه بعض الرحلات عبر قَطر، كما أدت الزيادة الكبيرة في الإقبال إلى ارتفاع الأسعار، مما جعل الرحلات ليست في متناول الجميع باستثناء الأثرياء.

وقالت أليسون بيتمان هاوس، الأستاذة المساعدة في أخلاقيات الطب في جامعة نيويورك، “إن الرحلات مكلفة وتستغرق وقتا طويلا… وبالتالي هي غير منصفة”.

وأضافت أن رحلات التطعيم تخلف “عواقب غير مقصودة” وتزيد من “إمكانية انتقال المرض”. وأشارت إلى أن البديل الأكثر عدلا هو أن تنقل أرمينيا جرعاتها الفائضة إلى مبادرة كوفاكس الدولية.

لكن تكلفة الانتظار ارتفعت بشكل كبير بالنسبة إلى الكثيرين في إيران، حيث يموت العشرات يوميا بسبب تفشي المرض الذي استنزف النظام الصحي والاقتصاد.

وقال محمد سيفبور، البالغ من العمر 48 عاما والمقيم في طهران، من عيادة اللقاح في يريفان “هذا فقط بسبب الوضع المروع الذي نواجهه”.

20