بوش صانع الحرب في أفغانستان لا يريد إنهاءها

تصريح لجورج بوش يكشف عن وجود اختلاف بين وجهتي نظر بين الجمهوريين الذين قادوا الحرب في أفغانستان وبين الديمقراطيين الذين يريدون الانسحاب.
الخميس 2021/07/15
انسحاب أميركي يجدد صراعات الماضي

وجّه الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش انتقادات لقرار الانسحاب الأميركي من أفغانستان، معتبرا أنه “خطأ” من شأنه أن يعرض النساء والمتعاونين الأفغان إلى مخاطر في ظل اتساع رقعة سيطرة حركة طالبان على مناطق واسعة في البلاد، لكنه يكشف أيضا عن إصرار على الدفاع عن ورطة الحرب المكلفة.

واشنطن- لم يفوّت الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن أي فرصة تسنح له للدفاع عن وجهة نظره وقراره شن حرب لا هوادة فيها في أفغانستان، بعد الانسحاب الأميركي وما أفرزه من عودة قوية لحركة طالبان المتشددة.

وفي مفارقة خرج بوش الابن للدفاع عن قرار الحرب الأول، منتقدا في الوقت نفسه الانسحاب الأميركي من أفغانستان، لأنه “خطأ ستعاني منه النساء والفتيات الأفغانيات”، في محاولة لتبرير الورطة التي كلفت الولايات المتحدة الكثير خلال نحو 20 عاما.

وتؤكد تصريحات الرئيس الأميركي الأسبق وجود اختلافات جوهرية داخل الولايات المتحدة؛ فهناك من يقر بأهمية استمرار الوجود العسكري في الخارج مهما كان مكلفا، وهناك آخرون يرون أنه من الضروري إنهاؤه للتخلص من ثقل مكلف للغاية على كاهل أكبر دولة في العالم.

وتتوافق نظرة بوش مع تحذيرات سابقة لمسؤولين عسكريين وأعضاء في الكونغرس الأميركي من مخاطر الانسحاب من أفغانستان وتأثيراته التي بدأت تظهر مع اتساع دائرة سيطرة حركة طالبان على مناطق واسعة من البلاد.

لكن التصريح الجديد لبوش يكشف أيضا عن وجود اختلاف بين وجهتي نظر بين الجمهوريين الذين قادوا الحرب خريف 2001 وبين الديمقراطيين الذين بدأوا فعليا يطبقون قرار الانسحاب، خاصة أن بوش هو من بين من قام بالتشريع لتلك الحرب التي جلبت للولايات المتحدة الويلات.

وكان جو بايدن، الذي أعلن في بداية الأمر أن  الانسحاب سيكون في الحادي عشر في سبتمبر قبل تقديمه إلى أواخر أغسطس المقبل، أكد أنه قد “حان الوقت لإنهاء أطول حرب أميركية”.

ويقول بوش في مقابلة مع قناة “دويتشه فيلي” الألمانية إن “النساء والفتيات الأفغانيات سيعانين من ضرر لا يوصف”. وفي رده على سؤال عما إذا كان يعتبر هذا الانسحاب خطأ؟ قال “نعم أعتقد ذلك لأن العواقب ستكون وخيمة جدا”.

ويوضح في تلك المقابلة أن النساء والمتعاونين الأفغان مع الجيوش الغربية “سيُتركون ليذبحوا من قبل هؤلاء الناس المتوحشين جدا، وهذا يحزنني”، في إشارة إلى مسلحي طالبان الذين عززوا مواقعهم وسيطروا على مناطق واسعة من البلاد.

حرب بوش استنزفت  مقدرات المؤسسة العسكرية الأميركية والتهمت تريليونات الدولارات منذ اعتداءات  11 سبتمبر 2001
حرب بوش استنزفت  مقدرات المؤسسة العسكرية الأميركية والتهمت تريليونات الدولارات منذ اعتداءات  11 سبتمبر 2001

لكن الحملة ضد مجموعات إرهابية خارجة عن نطاق أي دولة مثل القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية استنزفت مقدرات المؤسسة الأمنية الأميركية والتهمت تريليونات الدولارات منذ اعتداءات 11 سبتمبر 2001.

ووصل الرئيس السابق دونالد ترامب إلى السلطة عام 2017 واعدًا بالخروج من أفغانستان، وقد وصف الحرب في هذا البلد بأنها مجرد “فوضى” و”هدْر”، فالحرب في أفغانستان كما في العراق تحولت إلى انتشار عسكري لا يمكن توقع نهاية له، وصارت عنفا متواصلا وعجزا عن إلحاق هزيمة حاسمة بالعدو.

وتخلى قائد القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان الجنرال أوستن سكوت ميلر الاثنين الماضي عن منصبه خلال مراسم بمناسبة الانسحاب النهائي الوشيك للقوات الأجنبية من أفغانستان، وهذه الخطوة هي واحدة من المراحل الأخيرة التي تسبق الانسحاب النهائي الذي يفترض أن ينجز بحلول 31 أغسطس المقبل.

وبدأ حوالي 2500 جندي أميركي وسبعة آلاف عسكري من دول أخرى موجودين في أفغانستان انسحابهم من هذا البلد مطلع مايو. وسيضع هذا الانسحاب حدا لتدخل عسكري استمر عشرين عاما من قبل تحالف بقيادة الولايات المتحدة دخل أفغانستان خلال أكتوبر 2001 في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر من عام 2001 في الولايات المتحدة.

وجاء هذا التدخل بعد رفض نظام طالبان تسليم زعيم القاعدة أسامة بن لادن الذي كان يؤمّن له ملاذا. كما يجري الانسحاب في أوج هجوم للحركة، سمح لها بالاستيلاء على أجزاء كبيرة من الأراضي، ضد جيش أفغاني حرم حاليا من دعم جوي أميركي حاسم ولم يتمكن من المقاومة بشكل كبير.

نظرة بوش تتوافق مع تحذيرات سابقة لمسؤولين عسكريين وأعضاء في الكونغرس الأميركي من مخاطر الانسحاب من أفغانستان وتأثيراته

ووقعت الولايات المتحدة وطالبان في 29 فبراير 2020 في الدوحة اتفاقا تاريخيا ينص على انسحاب القوات الأجنبية مقابل ضمانات أمنية وفتح مفاوضات بين المتمردين والحكومة الأفغانية. لكن هذه المناقشات متوقفة حاليا.

ويقول البنتاغون إن مكافحة الإرهاب لا تنتهي بالانسحاب من أفغانستان، ويوضح بايدن أن بلاده تعيد نشر الموارد وتكييفها مع “الوضعية في مكافحة الإرهاب من أجل التصدي للتهديدات حيث تكمن الآن”.

7