مبادرة عالمية تعيد الموسيقى إلى العاصمة اللبنانية

عاد الموسيقيون في لبنان إلى المسارح وسط تفاقم الأزمتين الاقتصادية والصحية، وذلك بفضل مبادرة تهدف إلى دعم الفنانين الشباب وفي الآن نفسه التنفيس عن الجمهور بإتاحة الفرصة أمامه لحضور هذه الحفلات الموسيقية مجانا.
بيروت – تعمل منظمة عالمية على إعادة الموسيقيين في لبنان وسط الأزمة المالية الطاحنة بالبلاد إلى المسارح.
وعاد الموسيقيون في لبنان إلى الساحة الفنية، في الآونة الأخيرة، بفضل هذه المبادرة التي تهدف إلى دعم الفنانين والعاملين في ذلك المجال بهدف تخفيف صعوبات حياتهم اليومية التي فاقمتها الأزمة الصحية العالمية، كما تتيح للجمهور حضور الحفلات الموسيقية المباشرة في العاصمة بيروت مجانا.
وتقود “وور تشايلد” العالمية غير الحكومية إلى جانب حملات التمويل الجماعي المتواصلة، هذه المبادرة.
وأوضح يوسف نعيم، منسق مبادرة بيروت لدعم الموسيقى، أن الموسيقي يتلقى مئة دولار نقدا والفني يتلقى 50 دولارا عن كل حفل يشارك فيه مرتين شهريا، وذلك ليتسنى لهم في آخر الشهر دفع إيجاراتهم والوفاء بالتزاماتهم الأخرى.
ويعتبر الموسيقيون من بين من تضرروا بشدّة جراء انفجار مرفأ بيروت في أغسطس الماضي وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار وجائحة كورونا وإلغاء الحفلات الموسيقية الحية وإغلاق المسارح وتعليق المهرجانات الدولية.
وأشار نعيم إلى أن “هذه المبادرة التي انبثقت فكرتها من رحم الأزمات المتتالية على البلاد بدءا من انفجار بيروت والانهيار الاقتصادي وصولا إلى انتشار فايروس كورونا، تهدف إلى إنقاذ قطاع الموسيقى”.
وأضاف “لا نريد للبنان أن يفقد أي موسيقي، فالكثير منهم بدأوا يغادرون البلاد بحثا عن فرصة عمل افتقدوها في وطنهم، ومن بقي يسعى لتغيير مجاله الوظيفي، لذلك نحاول المحافظة عليهم وإنعاش قطاع الموسيقى من جديد، ونقوم حاليا بتجربة دعم الموسيقى الحية التي يتم تنظيمها بعدة أماكن منتشرة في العاصمة اللبنانية التي تشتهر على مدار العام بحفلاتها الساهرة”.

وتدعم المبادرة نحو مئة وعشرين موسيقيا وفنيا. وتتيح حضور الحفلات التي تدعمها للجمهور مجانا.
وقال نعيم إننا “عندما بدأنا المشروع كنا قريبين للغاية من الموسيقيين، واستطعنا أن نلمس عن كثب مشكلاتهم، وأن نفهم حاجة كل موسيقي على حدة وحجم المصاريف التي يتكبدها شهريا سواء في حياته الفنية أو العائلية ومن بينها الإيجارات”.
وتابع “حاولنا تأمين احتياجات الموسيقيين الضرورية، وهو ما جعلهم مرتاحين ومتحمسين للعمل من جديد، وحفزهم على العودة إلى شوارع بيروت وعزف موسيقاهم وهم على يقين من حصولهم نهاية الشهر على عائدات مالية غابت عن جيوبهم منذ فترة”.
وأضاف أن “المبادرة صرفت عن أذهان الموسيقيين والفنانين التفكير في متاعبهم اليومية والمادية، وعززت قدراتهم على الأداء، حيث انعكس ارتياحهم النفسي على عزفهم وغنائهم”.
ولفت عازف العود سامر ناصرالدين إلى أن “الموسيقيين لم يتضرروا فقط من الأوضاع التي يمر بها لبنان، بل إن الإغلاقات التي تحول دون سفرهم خارج البلاد إلى جانب إلغاء أغلب الحفلات والمهرجانات عرقل مسيرتهم وعطل أنشطتهم الثقافية والموسيقية، وقيد استمرارهم”.
وواجهت المهرجانات في لبنان صعوبات متعددة، تمثلت أوّلا في المظاهرات المحلية والضغوط الاقتصادية، ولاحقا في انتشار فايروس كورونا الذي تسبب في تعليق الأنشطة والفعاليات الفنية داخل لبنان وخارجه.
وأكدت المطربة اللبنانية دالين جبور التي تؤدي اللون الطربي لمطربين مثل أم كلثوم وفايزة أحمد، أنهم “أول من يتأثر بأي مشكل في البلاد بوصفهم يعملون كل يوم ويومه، فالتعليم توقف، والحفلات الفنية ألغيت بكل العالم، وهو ما يهدد وضعهم الهش ويفاقم من تأزمه”.
ويعمل كل من ناصرالدين ودالين في تعليم الموسيقى أيضا وبالتالي ظلا في المنزل أثناء فترة الإغلاق بسبب جائحة كورونا.
وأحيت جبور بمصاحبة ناصرالدين وموسيقيين آخرين بفضل المبادرة، حفلا مباشرا في أحد المسارح المفتوحة ببيروت حيث أدت أغنيات عربية كلاسيكية لكوكب الشرق أم كلثوم وغيرها.
وشهد الحفل حضورا يعكس تمسّك اللبنانيين باستمرار حياة المرح التي يشتهرون بها وحاجتهم لمتنفس يحملهم بعيدا عن واقعهم المتأزم، فاللبنانيون يغرقون من دون موسيقى.
