القطن ومزارعوه ضحية التغير المناخي

لندن - حذر باحثون من أن تأثيرات تغير المناخ التي تتراوح من ارتفاع درجات الحرارة إلى موجات الجفاف والفيضانات تهدد إنتاج القطن في العالم، وتهدد بارتفاع الأسعار والمشاكل المالية للمزارعين.
وكشف أول تحليل عالمي على الإطلاق لمخاطر المناخ على إنتاج القطن العالمي أن تغير المناخ الجامح يمكن أن يعرض نصف جميع مناطق زراعة القطن العالمية إلى مخاطر عالية.
وبعنوان “التكيف مع تغير المناخ – تقييم المخاطر المادية لإنتاج القطن العالمي”، تم إجراء التحليل بواسطة مبادرة قطن 2040، وهي مبادرة تعمل من أجل زراعة قطن أكثر استدامة، ويتم تيسيرها من خلال منتدى المستقبل الدولي غير الربحي للاستدامة وبدعم من مؤسسة لودز.
وقال أليستر باجلي مدير مركز المناخ والمرونة وشركة ويليس تاور واتسون “كما هو الحال، فإنه يتم تجاهل التزامات وأهداف الحد من الانبعاثات من قبل غالبية البلدان، مما يعني أن ارتفاع درجة الحرارة بأكثر من 3 درجات مئوية هو أمر محتمل في نهاية هذا القرن. على الرغم من نجاحنا في إزالة الكربون، فإننا سنواجه عقودًا من تغير المناخ والاضطراب الذي لا مفر منه. الاستعداد اليوم ضروري إذا أردنا الحد من آثار تغير المناخ على المجتمع”.
40
في المئة من المناطق المنتجة للقطن تشهد تقصير مواسم نموها بسبب ارتفاع درجات الحرارة
وتبلغ قيمة القطن في السوق حوالي 12 مليار دولار، ويشكل حوالي 31 في المئة من جميع المواد الخام المستخدمة في سوق المنسوجات العالمية مع تأثير اقتصادي سنوي يزيد عن 600 مليار دولار.
ويدعم القطن سبل عيش حوالي 350 مليون مزارع، ما يقرب من 90 في المئة منهم يزرعونه على مساحة لا تقل عن هكتارين ويتواجدون في البلدان النامية، خاصة في وسط وغرب آسيا وجنوب شرق آسيا وأفريقيا.
وقال الباحثون إن حماية السوق ستتطلب خفض الانبعاثات للحد من تسخين الكوكب وتكثيف جهود المزارعين للتكيف مع المخاطر الجديدة.
وبحلول سنة 2040 من المرجح أن تشهد 40 في المئة من المناطق المنتجة للقطن تقصير مواسم نموها بسبب ارتفاع درجات الحرارة، في حين أن الجفاف قد يضرب نصف المحصول العالمي، وفقا لتقرير صادر عن كوتون 2040.
وفي النهاية إذا فشلت الجهود المبذولة لخفض الانبعاثات وتصاعد الاحترار بما يتماشى مع أقسى التوقعات العلمية قد تتضرر الصناعة، كما أكّدت سالي أورين الرئيسة التنفيذية لفوروم فور ذا فيوتشر، وهي منظمة دولية غير ربحية تدعم كوتون 2040.
وحتى مع انخفاض الاحترار من المحتمل أن تحدث خسائر في المحاصيل حتى مع ارتفاع الطلب العالمي على القطن بسبب الزيادات السكانية وتوسع الطبقة الوسطى في بعض الدول النامية.
وقالت أورين إنه “في الوقت الذي أصبح فيه المزارعون على دراية بالمخاطر المناخية المتزايدة، فإن قلة من الشركات التي تعتمد على القطن في منتجاتها تعرف الكثير عن هذه التهديدات، وتبقى معرفة المستهلكين أقل”.
وأضافت أن التحليل الجديد يجب أن يكون بمثابة “جرس إنذار لصناعة القطن”.
وتسبب الطقس القاسي في تقلبات متزايدة في أسعار القطن. وأشار التقرير إلى أن الفيضانات واسعة النطاق في باكستان في 2010، على سبيل المثال، تسببت في ارتفاع أسعار القطن العالمية إلى ما يقرب من 2.50 دولار من حوالي 0.70 دولار في 2009.

وقال التقرير إن خسائر المحاصيل أثبتت أنها تؤثر أكثر على الملايين من مزارعي القطن في العالم النامي الذين يشكلون حوالي 90 في المئة من المزارعين في العالم.
وقالت أورين إن فشل المحاصيل قد يؤدي إلى انخفاض الدخل بين المزارعين الأفقر الذين لا يستطيعون التكيف مع الظروف المتغيرة أو التحول إلى المحاصيل الأكثر ذكاءً من الناحية المناخية.
وقالت إنه في الهند، حيث يعاني المزارعون بالفعل من الجفاف الشديد، تُرك بعضهم دون مال لاستئناف الإنتاج بعد تلف محاصيلهم وقرروا الانتحار.
وأشار التقرير إلى أن مناطق زراعة القطن التي تواجه بعضا من أكبر المخاطر المناخية الشديدة تشمل شمال السودان والسنغال وجنوب مالي في أفريقيا، بالإضافة إلى أجزاء من العراق وإيران وأفغانستان وباكستان في آسيا.
ويستفيد من هذا القطاع أكثر من 100 مليون أسرة في جميع أنحاء العالم. فعلى سبيل المثال تساعد عائدات تصدير القطن في تمويل 50 في المئة من فواتير استيراد المواد الغذائية في مالي، و22.5 في المئة في تشاد، في حين أنها تعوض أكثر من تكلفة واردات الأغذية في بوركينا فاسو، حيث تمثل ما يصل إلى 60 في المئة من عائدات تصدير البلاد.
ولا يؤثر تغير المناخ على القطن فحسب، بل يؤثر أيضًا على الزراعة وسلاسل التوريد المرتبطة به. ومن أجل التخفيف من هذه المخاطر يجب تحفيز الحوار لإجراء تغييرات استباقية.
وأشار التقرير إلى أن الجهود المبذولة للتكيف مع الظروف المتغيرة عن طريق تغيير أوقات الزراعة وتعزيز الري وتزويد المزارعين بالتنبؤات المناخية يمكن أن تساعد البعض على التأقلم بشكل أفضل.
وتوقعت أورين أنه ما لم يتم خفض الانبعاثات، فإن بعض مناطق زراعة القطن ستصبح غير مناسبة للزراعة في المستقبل.
وقالت إنه يتعين على الحكومات في تلك المناطق ضمان “انتقال عادل” للمزارعين، مثل مساعدتهم على تبني محاصيل جديدة أو توفير شبكات أمان اجتماعي.