الدمى تسافر بأطفال القاهرة إلى العصور الفرعونية

مسرح الدمى في القاهرة يأخذ الأطفال في رحلة ترفيهية وتثقيفية إلى الحضارة الفرعونية ليتعرفوا على الزراعة القديمة والتحنيط والبردي والكثير من الأشياء الأخرى في عرض بأسلوب مضحك وشيق وغني بالمعلومات والموسيقى.
القاهرة ـ في أجواء مظلمة داخل كواليس مسرح القاهرة للعرائس، مع وجود الضوء الأزرق الخافت في الخلفية، تم تثبيت أشكال لأبي الهول وأهرامات الجيزة الثلاثة على جانبي خشبة المسرح، بينما كان محركو العرائس يجهّزون الدمى ذات الخيوط للعرض، والتي كانت معظمها ترتدي ملابس فرعونية ملونة.
ومع اقتراب رفع الستار، كان الجميع في عجلة من أمرهم قبل دقائق من العرض، لكن على الجانب الآخر من الستار كان الجمهور، ومعظمهم من الأطفال برفقة والديهم، جالسين في مقاعدهم في انتظار الشروع في “رحلة الزمن الجميل”.
ويبدأ المشهد الافتتاحي مع أبي الهول، وهو يتحدث إلى طفلين، أخ وأخته، ويعرض عليهما هدية فريدة من نوعها، وهي أخذهما في رحلة عبر الزمن إلى العصور الفرعونية للتعرف على إنجازات أجدادهما.
وقال محمد نور مدير عام مسرح القاهرة للعرائس ومخرج المسرحية إن “العرض هو فكرتي، ولطالما أردت تقديم عرض عن الحضارة الفرعونية، وهو شكل جديد في مجال العرائس، وذلك عبر رحلة استكشافية للعالم الفرعوني، حيث يتعرف الجمهور على الزراعة القديمة والتحنيط والبردي وأشياء أخرى كثيرة”.
وأوضح مسرح القاهرة للعرائس أنه استخدم تقنية جديدة في “رحلة الزمن الجميل”، بحيث لا تقتصر حركة العرائس بالخيوط في الإطار التقليدي بعرض 240 سنتيمترا، لكنها تتحرك بحرية على خشبة المسرح بعرض 10 أمتار.
وأخذت المسرحية الجمهور من مشهد فرعوني إلى آخر، وتألف الديكور من أعمدة وجدران فرعونية على جانبي خشبة المسرح تمثل خلفية للمواكب الملكية الفرعونية التي تمر من وقت إلى آخر، وتقدم كل منها ملكا مصريا مختلفا، وتتناول أهم إنجازاته.
وعلت الابتسامات، وأحيانا الضحكات، على الوجوه بينما كان الأطفال والكبار يستمتعون بالعرض، على الرغم من أنهم شغلوا فقط 50 في المئة من مقاعد المسرح البالغ عددها 320، وذلك نظرا لتطبيق الإجراءات الاحترازية لمكافحة فايروس كورونا.
وقالت مريم أحمد البالغة من العمر 11 عاما، أثناء الاستراحة، إن “العرض مضحك وشيق وغني بالمعلومات، وأكثر ما أعجبني هو الجزء الذي يتحدث فيه أبو الهول إلى الطفلين”.
بينما رأى والدها المهندس أحمد عبدالفتاح أن العرائس بحركاتها وألوانها والأغاني والموسيقى المصاحبة لها تجذب الأطفال وتمرر لهم المعلومات المفيدة بطريقة مضحكة ومسلية.
وأضاف عبدالفتاح أن “هذه ليست المرة الأولى التي نأتي فيها إلى هنا مع الأسرة، فمسرح العرائس قادر حقا على تعريف الأطفال بالحضارة والتراث والتاريخ المصري، فهو بالفعل مسرح ناجح”.
أما محرك العرائس محمد شبراوي (40 عاما) فأوضح أنه يعمل في مسرح القاهرة للعرائس منذ 15 عاما، مشيرا إلى أن الدمى المتحركة بالخيوط هي أصعب أنواع الدمى المتحركة، وأن تقديم عرض فرعوني بها هو أمر أكثر صعوبة.
وقال شبراوي إنه “بعد الدقيقة الأولى من العرض ينسى الأطفال وحتى الكبار الخيوط التي تحرك الدمى، ويعيشون مع العرائس كما لو كانت حية”.
وشارك مسرح القاهرة للعرائس في العديد من المهرجانات الدولية، وقدم عروضا في بلدان كثيرة حول العالم، منها معظم الدول العربية ورومانيا وكندا وفرنسا وألمانيا والنمسا وفيتنام وباكستان والمكسيك والولايات المتحدة والصين.
ويقع المسرح في قلب سوق العتبة بوسط القاهرة، ويحتوي على ورش خاصة به لتصنيع العرائس من الألف إلى الياء.
وفي قسم النجارة الخاص بتصنيع العرائس أوضح خالد عيسى (52 عاما)، أنهم لا يستخدمون أدوات النجارة العادية في تصنيع الدمى بل يستخدمون أدوات صغيرة خاصة لنحت التفاصيل الصغيرة للدمية بدقة كبيرة.
وقال صانع العرائس إن “هذه المهنة تحتاج إلى قدر كبير من الفن والصبر، وأنا أعتبر قيمة مسرح العرائس هذا مثل المتحف تماما”، مشيرا إلى أنه صنع أكثر من 40 دمية خصيصا لعرض “رحلة الزمن الجميل”.