تقلص الغابات وشح الأمطار يهددان الزراعة في البرازيل

إزالة الأشجار لزراعة المحاصيل وتربية الماشية عوامل تقلل من قدرة الغابة على احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه.
الثلاثاء 2021/06/08
قرارات سياسية تقضي على الأمازون

برازيليا - حذرت مجموعة من الباحثين البرازيليين والألمان من أن الزراعة البرازيلية تخسر ما يصل إلى مليار دولار سنويا حيث أدى تزايد إزالة الغابات إلى خفض هطول الأمطار في جنوب الأمازون، وهي مشكلة ستتفاقم إذا استمر تقلّص الغابات.

ووجدت دراسة نُشرت في مجلة نيتشر كوميونيكيشن في مايو أن تقلّص الغابات على نطاق أصغر يمكن أن يعزز هطول الأمطار على الأراضي الزراعية المجاورة، ولكن النتائج تنعكس بمجرد أن يتخطى انحسار الغابات 55-60 في المئة.

ووجدت أن فقدان الغطاء الشجري على وجه الخصوص يؤخر بداية موسم الأمطار ويقصر طوله. وقال الباحثون، إنه مع استمرار تدمير غابات الأمازون، يمكن أن تشكل الظروف الأكثر جفافا ضغطا هائلا على الزراعة البعلية في المنطقة بشكل رئيسي.

وتعتبر البرازيل أكبر منتج لفول الصويا في العالم، وثاني أكبر منتج ومصدر للحوم البقر.

وفي أجزاء من البلاد، يكافح المزارعون في البرازيل طقسا جافا هذا العام، حيث حذرت الوكالات الحكومية في أواخر مايو من تهديدات الجفاف حيث تواجه البلاد أسوأ موجة جفاف منذ 91 سنة.

وفي ولاية ماتو غروسو جنوب الأمازون، التي تعتبر المنتج الرئيسي لفول الصويا في البرازيل، يقلل هطول الأمطار غير المنتظم المحاصيل المحتملة، وفقا لمعهد ماتو غروسو للاقتصاد الزراعي.

وبالمثل، قالت الرابطة الرئيسية لإنتاج فول الصويا في البلاد، أبروصويا برازيل، إن المزارعين واجهوا الجفاف أثناء الزراعة في أكتوبر ونوفمبر الماضيين، تلاه هطول أمطار غزيرة بشكل مفرط في وقت الحصاد هذا العام، مما أدى إلى انخفاض الحصاد المتوقع.

ونظرت الدراسة الجديدة في تغيرات هطول الأمطار بين عامي 1999 و2019 في منطقة الأمازون البرازيلية الجنوبية، التي كانت تشغل مساحة قدرها 1.9 مليون كيلومتر مربع والتي فقدت حوالي ثلث غاباتها حتى الآن، كنموذج لتحولات هطول الأمطار في المستقبل.

Thumbnail

وتوقع الباحثون ما يمكن أن يحدث حتى سنة 2050 في ظل استمرار ضعف سياسات البيئة في البرازيل والدعم السياسي القوي للتوسع الزراعي مقارنة بالتطبيق الفعال لقوانين حماية الغابات.

وقال الباحث المشارك بريتالدو سواريس، إنّ الفارق صارخ. وما لم تغير الحكومة سياساتها التي تفضل النمو الاقتصادي على الحفاظ على البيئة، يمكن أن تصبح الأعمال الزراعية ضحيّة للتدابير التي يدعمها الكثيرون.

وقال سواريس، إن التأثير سيكون مثل “إطلاق النار على قدمك”. وارتفع تقلّص غابات الأمازون إلى أعلى مستوى له

في 12 عاما منذ تولي الرئيس جايير بولسونارو منصبه في 2019، مع زيادة إزالة الغابات بنسبة 43 في المئة في أبريل مقارنة بالشهر نفسه قبل عام، وفقا لبيانات حكومية نُشرت في مايو.

وتقلل إزالة الأشجار لزراعة المحاصيل وتربية الماشية من قدرة الغابة على احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، ويمكن أن تساهم في الانبعاثات إذا تعرضت للحرق مما يؤثر على الغلاف الجوي ويساهم في تسخين الكوكب.

ومع تزايد الخسائر، تكون الغابات أقل قدرة على إنتاج نفس الحجم من بخار الماء الذي يتحول إلى مطر، مما يمكن أن يجعلها أكثر جفافا وأكثر عرضة للاحتراق.

وعادةً ما يستفيد المزارعون في منطقة الأمازون من الزراعة المزدوجة، أو زراعة محصولين على الأقل سنويا.

وأشارت الدراسة إلى أن ذلك قد يصبح أكثر صعوبة أو استحالة إذا تسبب استمرار خسائر الأشجار في تأخير مواسم الأمطار وتقصيرها.

وقال الباحثون إنه إذا فشلت الحكومة البرازيلية في اتخاذ إجراءات ضد إزالة الغابات، فإن الاستجابات الدولية (بما في ذلك العقوبات المحتملة واستبعاد البرازيل من المعاهدات الدولية) يمكن أن تؤدي إلى خسارة الإيرادات للشركات المرتبطة بالمزارع في البرازيل أيضا.

وقالوا إن وقف إزالة الغابات في الأمازون يعدّ أمرا حيويا لحماية التنوع البيولوجي والمناخ العالمي والأعمال التجارية الزراعية نفسها.

Thumbnail

ووجدت الدراسة أنه بحلول سنة 2050، يمكن أن تخسر صناعة لحوم البقر أكثر من 180 مليار دولار وصناعة فول الصويا 5.6 مليار دولار في المجموع بسبب تأثيرات انخفاض هطول الأمطار.

وقال سواريس إنه من أجل الازدهار الاقتصادي على المدى الطويل، تحتاج منطقة الأمازون إلى تصميم نموذج اقتصادي أكثر استدامة لا يعتمد على السلع التي تتطلب المزارع مثل فول الصويا ولحم البقر الذي أدى توسعها إلى خسارة كبيرة في الغابات.

ووجدت دراسة أجراها بمعية باحثين آخرين في 2018 أن ملاك الأراضي يمكن أن يكسبوا أكثر من 700 دولار لكل هكتار سنويا من المدفوعات الدولية للحفاظ على غابات استقرار المناخ وكذلك من خلال المنتجات المصنعة من أنواع الغابات مثل الجوز البرازيلي.وقال سواريس إن البرازيل تحتاج إلى تطبيق أفضل لقوانين حماية الغابات للحفاظ على المناطق التي يجب حفظها وأراضي السكان الأصليين.

وقال باولو باريتو، الباحث الذي درس غابات الأمازون لمدة ثلاثة عقود، إن على الدول الأخرى ممارسة المزيد من الضغط على الحكومة البرازيلية الحالية لتعزيز الحفاظ على الغابات.

وأكّد أن ذلك يجب أن يشمل “إجراءات فورية وملموسة” مثل رفض شراء لحوم البقر أو فول الصويا أو غيرها من المنتجات من الأراضي التي أزيلت منها الغابات.

قال أرجيميرو تيكسيرا، وهو من المؤلفين المشاركين في الدراسة ومصمم أنظمة بيئية، إن الزراعة المربحة وحماية الغابات في منطقة الأمازون يجب ألّا يكونا متعارضين.

وأشار إلى أن الأعمال التجارية الزراعية يمكن أن تكون مربحة دون التوسع المستمر على حساب الغابة، ووصف هذه الطريقة بأنها “ممكنة وضرورية لتحسين الصناعة مع الحفاظ على البيئة”.

Thumbnail
20