معهد أبحاث تونسي يكتشف لقاحا جديدا للسل

أبحاث أجراها معهد باستور في تونس أثبتت الدور الكبير الذي يلعبه بروتين FOXO3 في حدوث ردة فعل ناجعة وقوية لجهاز المناعة ضد بكتيريا السل.
الثلاثاء 2021/06/01
سبق طبي تونسي

أعلن فريق من الباحثين التونسيين والهنود المختصين في علم الميكروبيولوجيا والمناعة عن تطوير لقاح جديد ضد السل يتميز بفاعلية أكبر من لقاح باسيلوس كالميت جيران “بي.سي.جي” الذي يعد اللقاح الوحيد الشائع لهذا الوباء.

تونس- تمكن معهد باستور في تونس من اكتشاف لقاح جديد ضد مرض السل يتميز بفاعلية أكبر من لقاح باسيلوس كالميت جيران “بي.سي.جي” الذي يعد اللقاح الوحيد الشائع لهذا الوباء.

وقال مكرم السافي الباحث في علم المناعة بمعهد باستور إن هذا الاكتشاف البحثي الذي عمل على تطويره فريق من الباحثين التونسيين والهنود المختصين في علم الميكروبيولوجيا والمناعة منذ 2012 “يعد ثورة في عالم التلاقيح من حيث نوعيته وطريقة تطويره التي تعمل على تحفيز ردة فعل جهاز المناعة بواسطة دواء مخصص لعلاج مرض السرطان”.

وأضاف السافي المشرف الرئيسي على البحث في تصريح لوكالة الأنباء التونسية إنها “طريقة تستعمل للمرة الأولى وتفتح المجال واسعا لاعتمادها وتطبيقها على التلاقيح المختلفة بما في ذلك لقاحات كوفيد – 19”.

ويتعامل معهد باستور مع أكبر معاهد البحوث الطبية بالعالم، وتربطه برامج تعاون مع 20 فريقا بحثيا في 60 بلدا من أهمها الصين وفرنسا والولايات المتحدة.

ويعد معهد باستور مستشفى ومركزا للدراسات والأبحاث الطبية، وهو من أعرق المؤسسات الصحية في تونس إذ يعود تاريخ تأسيسه إلى سنة 1893، وتولى إدارته الطبيب الفرنسي شارل نيكول الحائز على جائزة نوبل للطب عام 1928.

مكرم السافي: اللقاح يعد ثورة في عالم اللقاحات من حيث نوعيته وطريقة تطويره

وأوضح السافي أن تلقيح “بي.سي.جي” غير ناجع باعتباره يحمي الأطفال ولا يحمي المصابين بالسل من الفئات العمرية الأكبر سنا كالكهول والشباب وكبار السن، مشيرا إلى أنه قد تم تعزيز الحماية التي يمنحها اللقاح الشائع عبر تحفيز بروتين FOXO3 بالاعتماد على دواء مخصص لعلاج مرض السرطان.

ولفت إلى أن الأبحاث أثبتت الدور الكبير الذي يلعبه بروتين FOXO3 في حدوث ردة فعل ناجعة وقوية لجهاز المناعة ضد بكتيريا السل، وهو بروتين منخرط في استجابات جهاز المناعة وله دور مهم وفعال ضد الأمراض الجرثومية وخاصة مرض السل.

وأكد أن مرحلة التجارب الأولية التي أجريت على الحيوانات في الهند في ظل غياب محضنة حيوانات عصرية بتونس، قد حققت نتائج واعدة على الفئران والخنزير الغيني، وسيتم في المستقبل القريب تجربة اللقاح على القردة قبل الانتقال إلى مراحل التجارب السريرية على البشر.

وذكر السافي أن مشروع البحث المشترك قد تم تمويله من قبل زارة التعليم العالي والبحث العلمي في تونس بـ30 ألف دينار تونسي (ما يعادل 11 ألف دولار) أما القسط الثاني من منحة التمويل والذي يقدر بـ40 ألف دينار (ما يعادل 14.6 دولار) فتم الحصول عليه من المنظمة العالمية للصحة، إضافة إلى التمويل الهندي الذي لم يكشف أية تفاصيل عنه.

تم تطوير لقاح “بي.سي.جي” منذ عشرينات القرن العشرين، غير أن درجة الحماية التي يوفرها ضد الأشكال الرئوية من هذا المرض تقرب من 50 في المئة.

وسادت العام الماضي فرضية ترجح قدرة هذا اللقاح المعتمد منذ قرن على الوقاية من فايروس كورونا، لاسيما وأن اللقاح مصمم للحماية من التهابات الرئة، ويعزز المناعة ضد الإصابة بفايروسات معدية.

ولا يختلف مرض السل عن كورونا في مهاجمة الرئتين بشكل أساسي على الرغم من أنه يمكن أن يؤثر على أي عضو في الجسم، بما في ذلك الدماغ والعمود الفقري، وينتج السل عن نوع من البكتيريا تسمى المتفطرة السلية.

ويظهر الأشخاص المصابون بالسل وفايروس كورونا أعراضًا متشابهة كالسعال والحمى وصعوبة التنفس، غير أن فترة الحضانة عند التعرض لمرض السل تكون أطول، وغالبًا ما تكون بطيئة الظهور، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.

وعلى الرغم من عدم وجود بيانات تدعم نظرية أن الإصابة بالسل تزيد من خطر العدوى بفايروس كورونا، إلا أن خبراء الصحة يحذرون من أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض الرئة مثل السل قد يكونون أكثر عرضة للمعاناة من التأثيرات الشديدة لفايروس كوفيد – 19.

وسبق وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن البيانات المتوفرة حول الإصابة بفايروس كورونا لدى الأشخاص المصابين بالسل لا تزال محدودة، ومع ذلك فإن الأشخاص الذين يعانون من كل من السل وفايروس كورونا قد تكون لديهم نتائج علاجية سيئة.

تعاني البرامج الرامية إلى تحسين الوصول إلى خدمات التشخيص والعلاج لمرضى السل الذي يفتك سنويا بأكثر من 1.4 مليون شخص نقصا بنيويا في التمويل، فيما تحظى جهود مكافحة فايروس كورونا المستجد بتعبئة عالمية غير مسبوقة.

يتعامل معهد باستور مع أكبر معاهد البحوث الطبية بالعالم، وتربطه برامج تعاون مع 20 فريقا بحثيا في 60 بلدا

كما لا يزال هناك نقص في تشخيص السل المقاوم، مع 5500 حالة جديدة مشخصة سنويا فقط لدى الأطفال. وكان باحثون في “إنترناشونال جورنال أوف توبركولوسس أند لانغ ديسيسز” قد أطلقوا في نوفمبر الماضي دراسة ترمي إلى “تحسين فهم سبل الوقاية والتصدي للآفة المزدوجة” لمرضى السل الذين يصابون بفايروس كورونا.

ورغم وجود صلة مثبتة بين الوفيات الناجمة عن كوفيد – 19 والسل، وهما مرضان يصيبان الرئتين، قلة من الدراسات أجريت بشأن طريقة تفاعل المرضين معا إذا ما أصابا جسم الإنسان.

17