الخادمات الهنديات يحصين خسائرهن في زمن كورونا الصعب

مومباي ـ يعاني حوالي 50 مليون عامل منزلي في الهند بسبب وباء كورونا، ومعظمهم من النساء، في الوقت الذي غادر فيه الأغنياء البلاد عبر طائرات خاصة بحثا عن الأمان.
ولمواصلة كسب المال يجب على الطهاة وعمال النظافة والعديد من أصحاب المهن الأخرى أن يكون اختبار فايروس كورونا سلبيا، إضافة إلى وجوب أخذ التلقيح.
وتجاوزت الإصابات بفايروس كورونا 19 مليونا على مستوى البلاد، وقد فرضت أجزاء من البلاد، بما في ذلك نيودلهي والعاصمة الاقتصادية مومباي، عمليات إغلاق، كما أن المنشآت الصحية أصبحت غير قادرة على التعامل مع الموجة الأخيرة من الفايروس.
إن الأزمة التي تجتاح المدن تعني أن النساء اللواتي يرغبن في العمل المنزلي يجب عليهن أولا أن يثبتن أنهن لا يشكلن أي خطر على الأسرة، حتى أن بعض المجمعات السكنية أقامت مراكز لاختبار الموظفين مجانا قبل دخولهم المبنى، لكن العديد من أصحاب العمل يصرون على أن تدفع الخادمات مقابل الاختبارات من أجورهن.
وقالت المساعدة المنزلية أنابورنا داس من دلهي “فقدت الكثير من فرص العمل أثناء الوباء حتى أن دخلي الشهري انخفض”.
قبل الوباء، كانت داس تطبخ وتنظف الأرضيات وتغسل الملابس في أربعة منازل، وتكسب حوالي 12 ألف روبية (159 دولارا) في الشهر، وانخفض هذا الأجر الآن إلى 3 آلاف روبية حيث أبقت عليها عائلة واحدة فقط، وفي نفس الوقت ارتفعت تكاليف معيشتها.
وأضافت “أصحاب العمل الذين لم يعطوني فلسا واحدا في العام الماضي أثناء الإغلاق يطلبون مني الآن إجراء اختبار إذا كنت أرغب في العودة، ولكن كيف يمكنني تحمل تكاليفه بعد عام من عدم العمل؟”.
النساء اللواتي يرغبن في العمل المنزلي يجب عليهن أن يثبتن أنهن لا يشكلن أي خطر في مكان العمل
ويكلف الاختبار أكثر من 600 روبية (8 دولارات)، ويمكن أن يكون من الصعب العثور عليه مع شركات التشخيص التي تقترب من نقطة الانهيار في المدن الكبرى.
كما تخشى العديد من الخادمات من تداعيات النتيجة الإيجابية نظرا للحالة المتردية لمرافق الرعاية الصحية المحلية.
وينتظر مرضى فايروس كورونا في الهند ساعات طويلة للحصول على سرير، مع أقارب محمومين ينقلون مرضاهم من المستشفى إلى مرافق الأوبئة المؤقتة بحثا عن المساعدة.
ويقول أصحاب العمل إنه من المنطقي فحص الموظفين ومنعهم من إدخال فايروس كورونا المستجد إلى منازلهم.
وفي إحدى ضواحي مومباي فرض مجمع سكني يضم أكثر من 100 شقة أن يتم اختبار جميع الضيوف، سواء أكانوا من الأقارب أو عمال تنظيف المنازل أو الأشخاص الذين يقومون بالإصلاح.
وقال سيجو نارايان عضو اللجنة الإدارية للمجمع السكني “أقمنا مركزا لتسهيل ذلك، وكانت الخادمات من بين أولئك الذين تم اختبارهم مجانا. وكان إنفاق 600 إلى 800 روبية عبئا ماليا عليهم”.
ويعمل معظم العمال المنزليين لبضع ساعات في اليوم في عدة أسر. وقال نشطاء إن هؤلاء ليس لديهم ضمان اجتماعي وقليل منهم فقط مسجلون في مجالس الرعاية الاجتماعية المحلية. وكانوا من بين الأكثر تضررا في الإغلاق الصارم الذي فرضته الهند العام الماضي لاحتواء الوباء، حيث فقد الكثير منهم العمل والأجور لعدة أشهر.
وضاعفت موجة الفايروس الثانية المخاوف بين أرباب العمل الذين يبحثون عن خادمات أصغر سنا أو ملقحات.
وقالت لاثا موهان، التي تدير وكالة أناي للتوظيف في تشيناي، “إن أزمة الخادمات ليست خطيرة فحسب، بل إنها لا تنتهي أبدا”، مضيفة أن أكثر من 80 في المئة من العاملات المنزليات المسجلات لدى وكالتها لم يتمكنّ من استئناف العمل.

وتابعت “يطلب أصحاب العمل من الخادمات الحصول على اللقاح وإظهار الشهادة أو الرسالة الحكومية التي تشير إلى أنه تم تطعيمهن. وكثيرات خائفات ومترددات لأخذ اللقاح”.
وقال مسؤولون إنه على عكس العام الماضي عندما اجتاح فايروس كورونا الأحياء الفقيرة الهندية، موطن العديد من عاملات المنازل، فإن المباني السكنية الشاهقة هي المسؤولة عن المزيد من الحالات هذا العام، ولكن عبء الإثبات (الشهادة السلبية، التطعيم الكامل) يقع على عاتق الخادمات، وليس على أصحاب العمل.
وقالت ريكا باوار (28 عاما)، وهي أم لثلاثة أطفال، إنها لم تفكر قط في إجراء اختبار حتى تطلبت وظيفتها ذلك.
وذكرت باوار، التي تعمل في أربعة منازل وتكسب حوالي 8 آلاف روبية في الشهر “أحتاج إلى عمل، لذلك اضطررت إلى إجراء الاختبار الأسبوع الماضي. دفع أصحاب العمل مقابل الاختبار ولكني كنت أخشى أن تكون النتيجة إيجابية… كيف يمكنني الحجر الصحي؟ من الذي سيهتم بأولادي؟”.
وقالت النقابات إن العديد من أصحاب العمل ساعدوا عاملات المنازل.
وفي ظل التقارير التي تنتشر بشأن عدم توفر الأسرّة في المستشفيات والأدوية، يقوم كبار رجال الأعمال الهنود وغيرهم ممن يستطيعون تحمل دفع أسعار تذاكر طيران تصل قيمتها إلى الملايين من الروبيات، بحجز رحلات جوية إلى مقاصد يرون أنها أكثر أمنا بالنسبة إليهم، في أوروبا والشرق الأوسط والمحيط الهندي.
ويقول راجان ميهرا الرئيس التنفيذي لشركة طيران “كلوب وان إير” للطائرات الخاصة، ومقرها نيودلهي “لا يقوم بذلك فاحشو الثراء فقط، بل كل من يستطيع تحمل نفقات استقلال طائرة خاصة يقوم بذلك”.