رغم الكاميرات والمراقبة.. الجرائم ضد النساء في آسيا تتفاقم

تقنية التعرف على المشاعر وتطبيقات السلامة على الهواتف المحمولة لم يساعدا على كشف جرائم التحرش.
الأحد 2021/04/25
كثير من المراقبة.. وكثير من الجرائم

لم تستطع كاميرات المراقبة أن تحد من الجرائم ضد النساء في جنوب آسيا. ورغم تعميمها في شمال الهند وباكستان لرصد حالات التحرش، إلا أن خبراء التكنولوجيا وخبراء الخصوصية يقولون إن فوائدها غير واضحة ويمكن أن تنتهك خصوصية الأشخاص أو تؤدي إلى المزيد من المراقبة، مع القليل من التفسير لكيفية عملها وكيفية تخزين البيانات ومن يمكنه الوصول إليها.

لكناو (الهند) - تصاعدت حالات العنف ضد النساء والفتيات في جنوب آسيا خلال السنوات الأخيرة، وفرضت السلطات عقوبات أكثر صرامة ووسعت شبكات المراقبة، بما في ذلك أنظمة التعرف على الوجه، لمنع مثل هذه الجرائم.

لكن استخدام هذه التقنيات مع عدم وجود دليل على أنها تساعد في الحد من الجريمة، ودون وجود قوانين لحماية البيانات، دقّ ناقوس الخطر بين خبراء الخصوصية ونشطاء حقوق المرأة الذين يقولون إن زيادة المراقبة يمكن أن تضرّ بالنساء أكثر.

وقالت الشرطة في مدينة لكناو شمال الهند في وقت سابق من هذا العام إنها ستستخدم كاميرات مزودة بتقنية التعرف على المشاعر لاكتشاف النساء اللاتي يتعرضن للتحرش، بينما أطلقت الشرطة في باكستان تطبيقا للسلامة على الهاتف المحمول بعد حادثة اغتصاب جماعي.

وفي جنوب آسيا، يتفشى العنف المدفوع بالتمييز على أساس الجنس ويستمر في أشكال عديدة. وحسب بيانات صادرة في العام 2012، تتعرض أكثر من 10 نساء أسبوعيا للهجوم بمادة حارقة في بنغلاديش، وفي الهند تقتل 22 امرأة كل يوم في جرائم تتصل بمهر الزواج، وتبلّغ 60 في المئة من السيدات عن تعرضهن لاعتداء جسدي في سريلانكا، وفي باكستان تلقى أكثر من 450 امرأة وفتاة حتفهن سنويا في ما يطلق عليه “القتل لغسل العار”، وفي النيبال ما زال استعباد الفتيات الصغيرات اللائي يبيعهن آباؤهن في أعمار تتراوح بين 6 و7 سنوات ليصبحن خادمات يمارس على نطاق واسع.

المزيد من المضايقات

قالت روب ريكا فيرما، ناشطة في مجال حقوق المرأة في لكناو بمحافظة أوتار براديش، التي سجلت أعلى عدد من الجرائم المبلغ عنها ضد النساء في الهند سنة 2019 “لا تعرف الشرطة حتى ما إذا كانت هذه التكنولوجيا تعمل أم لا”.

وأضافت “لا تمنحنا تجربتنا مع الشرطة الثقة في أنها ستستخدم التكنولوجيا بطريقة فعالة ومتعاطفة. وإذا لم تنشر بشكل صحيح، فقد يؤدي ذلك إلى المزيد من المضايقات، بما في ذلك من الشرطة”.

وتعد لكناو واحدة من ثماني مدن تنفذ مشروع مدينة آمنة يهدف إلى خلق “بيئة آمنة ومأمونة وتمكينية” للنساء في الأماكن العامة، والحد من الجرائم من خلال بنية تحتية حضرية أكثر أمانا ووصول فعال إلى الشرطة.

وقالت أنوشكا جين، المحامية المشاركة في مؤسسة حرية الإنترنت في دلهي، إن المشروع سيزيد المراقبة بشكل كبير، مضيفة أن السلطات استخدمت الجرائم ضد النساء كمبرر لتكثيف المراقبة، وأشارت إلى أن الإنفاق الهائل على الدوائر التلفزيونية المغلقة وتقنية التعرف على الوجه لا يرتبط بانخفاض مماثل في الجرائم ضد النساء.

وأكدت لمؤسسة تومسون رويترز أنه من خلال استهداف النساء بشكل غير متناسب، تخلق السلطات مشكلات جديدة في مجتمع تُستهدَف فيه النساء باستمرار في منازلهن ويُعتبر إخفاء هويتهن في الأماكن العامة أمرا بالغ الأهمية.

وفي جميع أنحاء العالم، عمم ظهور تقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي استخدام التعرف على الوجه لمجموعة من التطبيقات من تعقب المجرمين إلى قبول رواد الحفلات الموسيقية.

الإنفاق الهائل على الدوائر التلفزيونية المغلقة وتقنية التعرف على الوجه لا يرتبط بانخفاض مماثل في الجرائم ضد النساء

وفي باكستان والهند، يُروّج لهذه الأنظمة على أنها ضرورية لتحديث قوات الشرطة التي تعاني من نقص الأعوان والمساعدة في جمع المعلومات وعمليات تحديد الهوية الجنائية.

لكن خبراء التكنولوجيا والخصوصية يقولون إن الفوائد غير واضحة ويمكنهم انتهاك خصوصية الأشخاص، وأنه دون قوانين حماية البيانات، لا يوجد وضوح كبير حول كيفية تخزين البيانات، ومن يمكنه الوصول إليها ولأي غرض.

وتشكو هذه التكنولوجيا على مستوى معدّل الدقة أيضا، لاسيما في تحديد النساء ذوات البشرة الداكنة والأقليات العرقية.

وأفادت شرطة دلهي في عام 2018 أن معدل دقة نظام التعرف على الوجه التجريبي يبلغ 2 في المئة. وقالت وزارة تنمية المرأة والطفل في وقت لاحق إن النظام لا يستطيع التمييز بين الأولاد والبنات بدقة.

وقالت أشالي بهانداري كبيرة المخططين الحضريين في تانديم ريسرش في غوا “يجب أن نشكك في فعالية هذا الحل والاعتماد على البنية التحتية الرقمية لحل التحديات الاجتماعية والتقنية”.

وتابعت “من المفارقات أن حماية النساء من الاهتمام غير المرغوب فيه ينطوي على مشاهدتهن باستمرار من خلال شبكات التكنولوجيا الرقمية. إن هذا لا يمكّن المرأة، بل يعزز فكرة أن النساء بحاجة إلى المراقبة من أجل سلامتهن”.

التعرف على الوجه

التدخلات التكنولوجية التي تسعى إلى زيادة مراقبة النساء من أجل حمايتهن غالبا ما تكرر المراقبة الأسرية والمجتمعية للمرأة
التدخلات التكنولوجية التي تسعى إلى زيادة مراقبة النساء من أجل حمايتهن غالبا ما تكرر المراقبة الأسرية والمجتمعية للمرأة

رغم أنه يوجد ما لا يقل عن 50 نظاما للتعرف على الوجه في جميع أنحاء الهند، وتخطط الحكومة لنشر شبكة وطنية، كما أدخلت العشرات من المدن تطبيقات الأمان على الأجهزة المحمولة، إلا أنه يتم الإبلاغ عن حالات اغتصاب كل 15 دقيقة.

وفقًا لبيانات حكومية، تضاعفت الجرائم ضد النساء إلى أكثر من 405 آلاف حالة تقريبا في 2019، مقارنة بنحو 203 آلاف حالة في 2009 .

وتنتشر في آسيا، وعلى نطاق واسع، تقنية التعرف على الوجه بينما هناك رد فعل متزايد ضد استخدامها في الولايات المتحدة وأوروبا.

وفي إطار مشروع المدن الآمنة الباكستاني، وُزّعت الآلاف من كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة في لاهور وإسلام أباد وكراتشي وبيشاور.

وتسرّبت صور من الكاميرات في إسلام أباد لأزواج يسافرون في سيارات في 2019، بينما قالت نساء في جامعة بلوشستان إنهن تعرضن للابتزاز والتحرش من قبل المسؤولين بصور من كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة في الحرم الجامعي في نفس العام.

وبعد اغتصاب جماعي العام الماضي على طريق سريع به كاميرات مراقبة تلفزيونية، أطلقت شرطة البنجاب تطبيق أمان للهاتف المحمول يجمع المعلومات الشخصية للمستخدم عندما ترسل تنبيها إلى الشرطة في أثناء حالة الطوارئ. ويتضمن ذلك الوصول إلى جهات الاتصال الهاتفية وملفات الوسائط، مما يجعل النساء عرضة لمزيد من المضايقات، كما تقول مجموعات حقوق الخصوصية.

وقالت شميلا خان مديرة الأبحاث والسياسات في مؤسسة الحقوق الرقمية “إن التدخلات التكنولوجية التي تسعى إلى زيادة مراقبة النساء من أجل حمايتهن غالبا ما تكرر المراقبة الأسرية والمجتمعية للمرأة”.

وأضافت “لا يمكن أن يُتوقع من المرأة أن تتاجر بالخصوصية مقابل ضمانات غامضة للسلامة دون آليات مناسبة وشفافية من الحكومة”.

في جميع أنحاء العالم، عمم ظهور تقنيات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي استخدام التعرف على الوجه لمجموعة من التطبيقات من تعقب المجرمين

وتعد مدن تشيناي وحيدر أباد ودلهي من بين المدن العشر الأكثر رقابة على مستوى العالم، وفقًا لشركة الشبكات الخاصة الافتراضية سيرف شارك.

وتعمل تشيناي، التي تصدرت المؤشر بـ657 كاميرا مراقبة لكل كيلومتر مربع، بتنفيذ مشروع المدينة الآمنة من خلال رسم خرائط للمناطق عالية الجريمة وتتبع الحافلات وسيارات الأجرة بشبكات تلفزيون الدارة المغلقة والأعمدة الذكية.

وقال آرون مورال مدير شركة ديلوات الاستشارية “لم ترغب الحكومة في تنظيم المزيد من المراقبة فحسب، بل نظرت إليها بشكل أكثر شمولية لمواجهة التحديات التي تواجهها النساء في المنزل وفي تنقلاتهن، وفي العمل، وفي الأماكن العامة”.

أشارت مراجعة لمشروع مدينة آمنة في دلهي العام الماضي إلى أن فعالية الكاميرات في منع الجرائم ضد النساء لم تتم دراستها. ولم تعمل سوى نحو 60 في المئة من كاميرات المراقبة المركبة، وكان أقل من نصفها يخضع للمراقبة.

وقالت المراجعة إن “مشروع شرطة دلهي الذي يركز بشدة على المراقبة يحتاج إلى مراجعة”.

ومع ذلك، لم يُحرز سوى تقدم ضئيل في معالجة العنف ضد المرأة بإجراءات مثل التعليم وزيادة أعداد ضابطات الشرطة، اللاتي يشكلن أقل من 10 في المئة من القوات، وفقًا للبيانات الرسمية.

وقالت أنوشكا جين “تعتقد السلطات أن التكنولوجيا وحدها يمكنها حل المشكلات، وهناك القليل من التدقيق في ما يسمى بالحلول لأنها تُباع بوعود الأمان”.

وتابعت “يمكن للسلطات أو العائلات أن تستشهد بالسلامة كمبرر لمزيد من المراقبة لأن السلامة تبقى مصدر قلق أكبر من الخصوصية”.

20