السياحة الإيطالية تعاني من البندقية إلى بحيرة كومو

السلطات والمستثمرون في القطاع يبحثون عن حلول عاجلة.
الأحد 2021/04/04
حيرة المسؤولين والموظفين

التفاؤل لا يكفي لإنقاذ الموسم السياحي الصيفي القادم، فالمدن السياحية في إيطاليا تعاني من أزمة خانقة تهدد بإفلاس المشاريع السياحية إذا لم توجد الحلول الحقيقية لهذه الأزمة المترتبة عن جائحة كورونا، لذلك يسعى المسؤولون في كل من فينيسيا وجزيرة كومو إلى عودة السياح بكثافة وفي أقرب وقت.

ميلانو (إيطاليا) - استحالت البندقية مدينة أشباح فيما باتت بورتوفينو ملتقى الطبقة المخملية على ساحل ليغوريا مقفرة على غرار فارينا على ضفة بحيرة كومو. فالسياحة في إيطاليا -خامس وجهة عالمية- تدفع الثمن غاليا جراء تفشي وباء كورونا.

وانهار عدد السياح في إيطاليا العام 2020 مع وصول 25.23 مليون زائر أجنبي في مقابل 65.02 مليون سياح في 2019 أي بتراجع نسبته أكثر من 60 في المئة.

كذلك، انهارت العائدات المرتبطة بالسياحة الدولية بالنسبة نفسها وتراجعت إلى 17.45 مليار يورو أي أن الربح الفائت بلغ 26.85 مليار لهذا القطاع مقارنة بالعام 2019 وفق أرقام جمعها مصرف إيطاليا المركزي.

يقول رئيس الاتحاد الإيطالي لغرف التجارة كارلو سانغالي، “الوضع مأسوي فعلا ويجب بذل كل الجهود لإنعاش قطاع بهذه الحيوية في البلاد”.

وتواجه حوالي مئة ألف شركة في القطاع السياحي خطر الإفلاس على ما يفيد معهد “ديموسكوبيكا” للأبحاث ما قد يؤدي إلى خسارة 440 ألف فرصة عمل.

وتقول مارينا دنتي صاحبة متجر صغير للجلد في بلدة فارينا الجميلة على ضفة بحيرة كومو “العام 2020 كان كارثيا علينا”، فقد غاب الزبائن الأجانب وفي مقدمهم الأميركيون.

وتوضح “تراجعت إيراداتنا بنسبة 80 في المئة العام الماضي. حتى جورج كلوني لم يعد يأتي مع هذه الجائحة”، إذ أن الممثل الأميركي يملك دارة فخمة على الجانب الثاني من البحيرة في لاليو.

قبل الجائحة كانت السياحة تمثل نسبة 14 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي الإيطالي وقد ساهم انهيارها في إغراق البلاد في 2020 بأسوأ ركود اقتصادي شهدته منذ الحرب العالمية الثانية مع تراجع نسبته 8.9 في المئة.

الاستعداد للصيف يستلزم تسريع التطعيم ضد كورونا، وإقامة ممرات خضراء، ثم التوقف عن الرسائل السلبية

وكانت للجائحة آثار مدمرة أيضا على هذا القطاع الحيوي لثالث اقتصاد في منطقة اليورو، ما أرغم فنادق ومطاعم على الإغلاق على مدى أشهر.

ولإعادة إطلاق عجلة السياحة، تقترح هيئة سكك الحديد الإيطالية رحلات بالقطارات السريعة “خالية من كوفيد” بين روما وميلانو مطلع أفريل في سابقة أوروبية.

وسيخضع طاقم القطار وكل الركاب لفحوصات قبل الصعود إليه.

وأطلقت شركة “إليطاليا” للطيران مبادرة مماثلة العام الماضي على بعض الرحلات الداخلية والدولية.

وقرر رئيسا بلدتي البندقية وفلورنسا مهدا الفن والتاريخ في البلاد، تشكيل جبهة مشتركة للمطالبة بمساعدة عاجلة من الحكومة مؤكدين أن من دون هاتين المدينتين “لن تنتعش إيطاليا”.

وقدما وثيقة جاءت في ثلاثة فصول، الأول مخصص لحماية سلسة التوريد السياحي ويضم أربعة مقترحات تتعلق بالدعم الاقتصادي للعمال والشركات، وحوافز لمشغلي السياحة، والأنشطة والجولات والتجارب، ووضع معايير للمرشدين السياحيين.

أما الفصل الثاني، فيتناول قطاع النقل الاستراتيجيي، وضم اقتراحان بشأن زيادة تمويل الصندوق الوطني للنقل العام وتطوير قطاع النقل السياحي العام غير المنتظم.

واستهدف الفصل الثالث الجانب السكني وقواعد الإيجار القصير للشقق تحت سقف 90 يوما وقواعد خاصة للحد من انتشار العقارات التجارية.

وتقول آنا بيغاي وهي دليلة سياحية في البندقية، “من دون سياح أصبحت البندقية ميتة مثل بومبيي إنه لأمر محزن عندما نتنزه في الشوارع”.

وخلال سنة كاملة لم تقم إلا بحوالي عشر زيارات مع سياح في حين تراجع إشغال السياح الأجانب لغرف الفنادق بنسبة 54 في المئة إلى 184.1 مليون ليلة في 2020 في إيطاليا.

ويبقى الأفق قاتما بالنسبة إلى العام 2021. وحذر مدير الهيئة الوطنية للسياحة جورجيو بالموتشي من أن “السياحة الدولية في إيطاليا لن تعود إلى مستويات ما قبل الجائحة قبل 2023”.

حتى بورتوفينو الوجهة المفضلة للمشاهير وأصحاب المليارات من العالم بأسره لم تكن بمنأى عن هذه الظاهرة.

وظلت متاجرها الفخمة من “رولكس” و”كريستيان ديور” فارغة بانتظار عودة الزوار الأجانب.

وتقول إيمانويلا كاتانيو وهي مديرة حانة في مرفأ المدينة “2020 كانت أسوأ سنة مرت علينا” آسفة لغياب الزبائن الأميركيين والبريطانيين.

إلا أن بعض السياح الأجانب القلائل إلى جانب إيطاليين أيضا يستغلون الهدوء غير المعهود.

ويقول راينر ليبرت الذي أتى من هايدلبرغ في ألمانيا خلال زيارة لميلانو “عدد السياح قليل جدا هنا وهذا أمر جميل”.

ودعا رئيس اتحاد المنظمات الإيطالية للفنادق والسياحة، برنابو بوكا السلطات الإيطالية إلى دفع عملية التطعيم ضد كورونا، وتسهيل إقامة الممرات الخضراء، حتى يتمكن مشغلو القطاع السياحي من اللحاق بموسم الصيف المقبل.

وقال إن الاستعداد للصيف يستلزم إجراءات أولها تسريع عملية التطعيم ضد كورونا، وإقامة ممرات خضراء، ثم التوقف عن الرسائل السلبية.

يلفت المسؤول السياحي “في الأيام الأخيرة، أجرينا جلسات عبر الإنترنت مع النواب الإيطاليين في البرلمان الأوروبي، حيث طلبنا منهم أن تسرّع إيطاليا كثيرا في مسألة التطعيم أو الممرات الخضراء، التي يعمل عليها منافسون مباشرون بالفعل”.

16