فنانون عراقيون يرمّمون شناشيل البيوت الموصلية

تعمل مجموعة من الفنانين التشكيليين العراقيين على ترميم شرفات البيوت الموصلية وإعادة الألق لهذه الشناشيل مع الحرص على المحافظة على هندستها المعمارية التي تعد من التراث العراقي.
الموصل (العراق)- يعكف فنانون تشكيليون عراقيون على ترميم ما تبقى من الشناشيل مفردها (شنشول)، وهي شرفات خشبية مزخرفة هندسيا بالرسم على الزجاج، تعمل على إبراز واجهة الطابق الثاني بأكمله أو غرفة من غرفه في شكل شرفة معلقة بارزة إلى الأمام.
وينفذ العراق بمساعدة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ومنظمات محلية غير حكومية مشروعا لترميم ما تبقى من شناشيل (مشربيات) بتصاميمها التقليدية المتميزة التي تعد من المعالم المعمارية للثقافة الإسلامية الثرية، لاسيما في البيوت الموصلية.
واختفت الشناشيل أو أوشكت على الاختفاء من شوارع المدن العراقية لاسيما في الموصل بمحافظة نينوى (شمال البلاد) وذلك نتيجة للحروب، إذ غابت أي معالم للأزقة والشوارع، ولم تبق سوى أطلال مآذن وقبب لجوامع وبعض من آثار الشناشيل التاريخية في المنطقة.

تصاميم تقليدية متميزة
ويشير مصطلح “شناشيل” العراقي إلى واجهات خشبية كبيرة تتصل بشرفات المباني، وغالبا ما تكون محفورة بنقوش إسلامية تقليدية.
وقال خالد غانم مدير مشروع إعادة تأهيل مباني الموصل إن “البيوت الموصلية تشتهر بكثرة الشناشيل، وتمتد أعمارها من 250 عاما إلى 500 عام، وتكون متواجدة بكثرة بالأساس داخل المناطق القديمة”.
وأضاف غانم أن “الحروب التي شهدها العراق، تسببت في طمس معالم جزء كبير من المنازل التراثية التي لحقها الدمار والتخريب”.
وعندما استولى داعش على مساحات شاسعة من أراضي العراق في 2014 وفرض حكمه الخاص، تحولت الكثير من المدن والبلدات والقرى بينها الموصل التي أعلنها التنظيم المتشدد عاصمة للخلافة، إلى أنقاض.
وبعد تحرير الموصل في 2017 تم اكتشاف هدم العديد من المباني التقليدية وشناشيلها التاريخية. ويقوم عمال بدرجة فنانين الآن بإعادة الروح إلى تلك المباني والشناشيل في إطار مشروع الترميم أو إعادة التأهيل لمباني الموصل.
وأكد غانم “نحاول قدر الإمكان المحافظة على التصميم القديم للمباني الموصلية لاسيما لشكلها الخارجي”، حيث يعمل القائمون على المشروع على عدم إدخال أي إضافات قد تخل بالطابع المعماري للمنطقة.
وتابع “ومع ذلك فإن الأمر لن يخلو من وضع بصمة خاصة، فكل العاكفين على عمليات الترميم وإعادة الألق التاريخي للمدينة هم فنانون تشكيليون ممن ضاع صيتهم في هذا المجال”.
ونفذ المشروع حتى الآن عمليات ترميم لعشر شرفات متصلة بشناشيل، ويستهدف القائمون عليه ترميم المزيد منها في المستقبل.
وأعرب فلاح حسن، وهو من سكان الموصل، عن سعادته بمشروع الترميم قائلا “هذه المبادرة أسعدتنا كثيرا، لأنني لمست أنها تحاول إحياء المنطقة القديمة بالموصل بإعادة روح حضارتنا. تلك النكهة الخاصة في تاريخ التراث المعماري العراقي”.
الشناشيل أوشكت على الاختفاء من شوارع المدن العراقية لاسيما في الموصل بمحافظة نينوى وذلك نتيجة للحروب
وتمتاز الشناشيل ببرودة الجو داخلها وخصوصا في الصيف اللاهب، إضافة إلى الألفة الاجتماعية التي تخلقها هذه الأجواء، كما أن هذه الشرفات تمنح بعض الخصوصية للنساء تحديدا للنظر إلى الشارع، وخصوصا في بعض المناسبات كالأعراس وبعض الاحتفالات التي كانت حكرا على الرجال دون النساء.
وعند حلول الظلام يضيء السكان منازلهم ليخترق النور زجاج الشناشيل التي تجمع تأثيرات هندية وفارسية وإسلامية، إذ تمتد خيوط ملونة بالأخضر والأحمر والأصفر والأزرق على طول الشوارع.
ويطمح العراقيون أن يطال هذا الترميم مدنا ومحافظات أخرى من بينها البصرة (أقصى جنوب البلاد) والتي تلقب بمدينة “الشناشيل”، حيث يعاني التراث من الإهمال والتدمير.