مزارع سوري يربّي الدود من أجل سلة خضروات صحية

تعزيز المنتج السوري من الخضار باستخدام الأسمدة العضوية يتيح فرصة الابتعاد عن الأسمدة الكيماوية.
الجمعة 2021/03/05
مشروع يدر الذهب الأسود

دمشق - يربي مزارع سوري في ريف دمشق الشرقي منذ حوالي عقد من الزمان الديدان، وذلك بهدف الاستفادة منها في إنتاج الأسمدة العضوية أو ما يطلق عليه “الذهب الأسود”، وهو أول مشروع من نوعه في البلاد.

وبدرت هذه الفكرة لحسن خليفة عندما كان يشاهد تقريرا إخباريا على التلفزيون في العام 2006، حول كيفية تصنيع الأسمدة العضوية عالية الجودة في ألمانيا باستخدام الديدان الأرضية.

وجذب هذا المشروع انتباه خليفة البالغ من العمر 65 عاما، بسبب فوائد الأسمدة العضوية للخضروات وصحة الناس بشكل عام.

وبعد عام من مشاهدته البرنامج التلفزيوني، التقى خليفة بمهندس زراعي عراقي طرح عليه موضوع التسميد بالديدان، وعندها قرر تركيز كل اهتمامه على هذا المشروع لأهميته.

وبدأ الرجل الستيني الملقب بأبي صلاح بتجربة أنواع مختلفة من الديدان، حتى تمكن أخيرا من نقل الديدان من أوروبا عن طريق الصيادين اللبنانيين.

وفي بداية مشروعه قام المزارع السوري بتربية 10 ديدان لكنها ماتت، وبالرغم من ذلك لم يفقد الأمل وحاول أكثر من مرة، إلى أن تمكن من الحصول عليها عبر تكاثرها وحقق نتائج جيدة.

وعندما تمكن أخيرا من بدء المشروع بعد حصوله على كل الخبرة والمعرفة لبدء مزرعة للديدان، اندلعت الحرب في سوريا، ما جعل أحلامه تنكسر بسبب الأزمة.

غادر خليفة البلاد إلى أفريقيا وعمل هناك لمدة عامين وعاد إلى الشرق الأوسط، ولكن هذه المرة ذهب إلى صديقه العراقي في العراق، حيث حصل على المزيد من المعرفة حول سماد الديدان، وخاض التجربة في مزرعة سماد للديدان لمدة عامين.

وأحضر خليفة عندما تحسن الوضع في سوريا، بيض الديدان معه وتركها تنمو وتتكاثر بعد أن أصبح كل كيلوغرام واحد من الديدان 60 كيلوغراما في العام التالي.

الديدان تعتبر سمادا عضويا ممتازا يساهم في إنتاج أغذية نظيفة وخالية من المواد الكيمياوية
الديدان تعتبر سمادا عضويا ممتازا يساهم في إنتاج أغذية نظيفة وخالية من المواد الكيمياوية

وقام المزارع السوري في البداية بزراعة الديدان بصناديق في منزله، وعندما تكاثرت وأصبحت بأعداد كبيرة، استأجر قطعة أرض زراعية في ريف دمشق الشرقي، وقام بالفعل بزراعة الديدان منذ عام ونصف العام.

ووفقا لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، قال خليفة “أنا أول شخص في سوريا يعمل في سماد الديدان منذ العام 2007، لكن الحرب منعتني من مواصلة العمل”، واضطر للسفر.

وأضاف “عندما عدت إلى سوريا، واصلت العمل في هذا المشروع وحرصت على نشره في جميع أنحاء سوريا، والآن أصبح هناك أكثر من 100 شخص حصلوا على الديدان من مزرعتي ويعملون في إنتاج سماد الديدان”.

وتابع الرجل الستيني، وهو يسير إلى جانب حفيده في مزرعته، حيث يمتلك عدة ممرات خرسانية مليئة بالتربة والديدان، أن “الهدف الرئيسي للمشروع هو تعزيز المنتج السوري من الخضار باستخدام الأسمدة العضوية، وهذا ما يتيح فرصة الابتعاد عن الأسمدة الكيماوية وما قد تسببه من أمراض”.

وتعد الأسمدة العضوية عنصرا هاما من عناصر تقليل الضرر الناتج عن استخدام الأسمدة الكيماوية، بالإضافة إلى أنه يسد جزءا كبيرا من الاحتياجات السمادية ويوفّر القدر الكبير الذي ينفق في إنتاجها، كما أن الكثير من المزروعات البقولية ترتبط باستخدام المخصبات العضوية وهذا ما يزيد من كمية البروتينات التي يحتاجها الإنسان، وبذلك يتم التوازن في مكونات الغذاء بأقل التكاليف ودون تلوّث للبيئة.

الديدان تتغذى على بقايا الطعام التي تصبح سمادا أثناء مرورها عبر جسم الدودة، ويمكن بعد ذلك استخدام هذا السماد في زراعة النباتات

وأشار خليفة إلى أن توسيع هذا المشروع سيحقق فائدة اقتصادية للبلاد والمزارعين، كما سيوفر الكثير للحكومة في استيراد الأدوية الكيماوية للخضروات، وسيوفر أيضا المال للمزارع وفي النهاية المستهلك.

والأهم من ذلك، أن هذا المشروع هو إعادة تدوير رئيسي، حيث يستخدم التسميد الدودي لإعادة تدوير بقايا الطعام والمواد العضوية الأخرى، والتي عادة ما تذهب إلى النفايات.

وأوضح خليفة أن الديدان تتغذى على بقايا الطعام التي تصبح سمادا أثناء مرورها عبر جسم الدودة، ويمكن بعد ذلك استخدام هذا السماد في زراعة النباتات. فالديدان تعتبر سمادا عضويا ممتازا وغنيّا بالنتروجين، ومحسنا للتربة، ويساهم في إنتاج أغذية نظيفة وخالية من المواد الكيمياوية.

وتابع أن “هذا المشروع يساعد في إعادة تدوير النفايات العضوية التي نطعمها للديدان، لذلك بدلا من رميها بعيدا لجذب الحشرات، نقوم بإطعامها للديدان لإعادة تدويرها والاستفادة من السماد الدودي، الذي يطلق عليه أيضا ‘الذهب الأسود”.

وفي فترة ما بعد الظهيرة، بعد قضاء يومه في المزرعة، يتبادل خليفة التجربة مع أكثر من 100 شخص من سوريا ودول عربية أخرى، عبر مجموعة على وسائل التواصل الاجتماعي يديرها للبقاء على اطلاع وإفادة المزارعين الآخرين.

وأكد خليفة أن هذا المشروع انتشر في جميع أنحاء سوريا وأصبح الناس أكثر وعيا بفوائده، لافتا إلى أنه يتلقى الطلبات بشكل يومي من المزارعين الذين يريدون السماد الدودي لمزارعهم.

20