التكنولوجيا تمنح القط لغة التواصل مع محيطه

في ظل التطور الكبير الذي يسلكه الذكاء الاصطناعي لم يعد هناك مستحيل، إذ صار بالإمكان ترجمة أصوات القطط وفك شيفرة موائها، ما مكّن من معرفة ما تريده وما لا تريده وما تشعر به، حيث نجح مهندس في ترجمة مواء القطط عبر تطبيق “مياوتالك”.
لندن – يدفع الذكاء الاصطناعي إلى تحولات كبيرة ستغير نسق التكنولوجيا والاقتصاد والعالم. حيث باتت سمة أساسية لتقدم المجتمعات في وقت تتزايد فيه مخاوف خبراء ومراقبين من الصراع حول تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي التي ستكون على الأرجح أكثر عنفا.
وطور مهندس سابق في شركة أمازون تطبيقًا يسمى “مياوتالك” يقوم بحل لغز ما تحاول قطتك إخبارك به، وذلك عن طريق ترجمة مواء القطط.
وطور خافيير سانشي، مدير مشروع في شركة أفيلون للتكنولوجيا، التطبيق من أجل ترجمة مواء القطة إلى كلمات يمكن أن يفهمها البشر.
ويسجل “مياوتالك” الصوت ثم يحاول تحديد المعنى، ويساعد مالك القط أيضًا في تسمية الترجمة، وإنشاء قاعدة البيانات لبرنامج الذكاء الاصطناعي للتعلم منها.
وهناك حاليًا 13 عبارة فقط في مفردات التطبيق، وتشير الأبحاث إلى أن القطط لا تشترك في اللغة، حيث إن كل قطة لها مواء خاص بها يختلف عن مواء غيرها.
وتختلف ترجمة التطبيق باختلاف الحساب، وذلك بدلًا من وجود قاعدة بيانات عامة لأصوات القطط.
التكنولوجيا تحولت من خادم إلى سيد حيث لا تستخدم نقاط القوة لدى الإنسان، بل تخضع القوة البشرية لمتطلبات الآلة
ومن خلال تسجيل الأصوات وتصنيفها، يمكن للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي فهم صوت كل قطة بشكل أفضل، وكلما زاد استخدامه، أصبح التطبيق أكثر دقة.
ووفقًا للمطور، فإن الهدف النهائي هو تطوير طوق ذكي، بحيث تترجم التكنولوجيا مواء قطتك بشكل فوري، ويتحدث صوت بشري من خلال الطوق الذكي.
ويتاح التطبيق مجانًا عبر متجري غوغل وأبل، وبالنظر إلى أنه لا يزال في مراحله الأولى من التطوير، فإن هناك مراجعات مختلطة.
ويشتكي العديد من المستخدمين من وجود أخطاء في التطبيق، بينما كان بعض المستخدمين الآخرين إيجابيين، وحصل التطبيق على متوسط في التقييم قدره 4.3 عبر متجر غوغل.
وأعرب المستخدمون عن قلقهم بشأن الخصوصية في التطبيق، وذلك تبعًا لكيفية تخزين البيانات من التسجيلات واستخدامها.
ويقول التطبيق في سياسة الخصوصية إنه في مرحلة التطوير، وينصح أي شخص مهتم بالاحتفاظ بالبيانات إلغاء تثبيت التطبيق حتى يتوافق تمامًا مع قانون الخصوصية الخاص بالاتحاد الأوروبي.
ووجد سانشيز وفريقه أن القطط غالبًا ما تكون لها تسعة مقاصد مختلفة تمثل الحالة المزاجية لها عند المواء.
القط يقول إنه جائع
يمكن لمالكي القطط تنزيل التطبيق وتسجيل مواء قطتهم، ثم الحصول على ترجمة للصوت، كما يمكنهم تقديم ملاحظات حول دقة ترجمات التطبيق.
وقالت جولييت جونز، أخصائية سلوك القطط إن “معظم أصوات القطط هي في الواقع للتواصل مع البشر، وذلك لأن معظم أصحابها يستجيبون لها”.
وأضافت بالنظر إلى أن التطبيق يعتمد على المالك الذي يقوم بتسمية الترجمات، فهناك مجال لسوء التواصل. وقد تكون هناك بعض الأخطاء التي قد تعطي انطباعًا غير صحيح للمالكين عما تشعر به قططهم.
ويرى مراقبون أن هذا التطبيق سيعطي مزايا كثيرة حيث يمكن أن يفك الشفرة بين القطة وصاحبها.
إن وقفت محتارا لمرات كثيرة أمام مواء قطك المسترسل دون أن تفهم ما يريده الآن، ستكون مهتما جدا بتطبيق بوسعه فك شفرة لغة القطط وتجسيدها بكلمات مفهومة.
وتضاعفت تقنيات تطوير الذكاء الاصطناعي. وفي وقت سابق طور باحثون في جامعة جونز هوبكنز طريقة جديدة لتدريب الروبوتات التي تعمل بكفاءة على تحسين التعلم المعزز بأحدث خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
وأنشأ فريق البحث نهجاً جديداً للتعلم المعزز بالذكاء الاصطناعي، يسمى سبوت، وهو نموذج مسمى بإيحاء من مفهوم تدريب الكلاب.
ويقلل نموذج سبوت بشكل كبير من مقدار التدريب المطلوب في حالة الروبوتات. حيث ذكر المؤلف الرئيسي للدراسة أندرو هوندت في مقطع فيديو نشر على يوتيوب أن ما يستغرق عادةً شهرًا من التدريب يمكن إنجازه خلال يومين.
الروبوتات ذكية مثل خوارزميات التدريب على الذكاء الاصطناعي، لكن الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى المحاكمة السليمة. فكيف تدرب الروبوت بكفاءة؟ يوفر إطار سبوت قيوداً منطقية تسرع التعلم وكفاءة المهام الروبوتية.
أكد الباحثون أنهم أثبتوا أن إطار سبوت فعّال لتدريب المهام طويلة المدى، وأن هذا هو النموذج الأول للتعلم المعزز باستخدام المحاكاة الناجحة للتحول الحقيقي المطبق على المهام متعددة الخطوات طويلة الأجل مثل تكديس الكتل وإنشاء الصفوف مع مراعاة انعكاس التقدم.
في علم النفس السلوكي، التعزيز هو عاقبة ناتجة. على سبيل المثال، يمكن استخدام التربيت على رأس كلب بمودة وقول “كلب جيد” بنبرة صوت ممتعة كمكافأة إيجابية في تعزيز السلوكيات المرغوبة.
يُكافأ إطار سبوت كلما أظهر الامتثال الجزئي للسلوك النهائي المطلوب، ويحرم ببساطة من المواقف التراجعية مع عدم وجود مكافآت.
وأفاد الباحثون بأن إطار سبوت يُكمل بنجاح تجارب المحاكاة لمجموعة متنوعة من المهام، مما يحسن معدل نجاح التجربة الأساسي من 13 في المئة إلى 100 في المئة عند تكديس 4 مكعبات، ومن 13 في المئة إلى 99 في المئة عند إنشاء صفوف من 4 مكعبات، ومن 84 في المئة إلى 95 في المئة عند تنظيف الألعاب المرتبة في أنماط عدائية.
الآن مع سبوت، يمكن تدريب الروبوت على مهام متعدد الخطوات بشكل أكثر كفاءة من خوارزميات التعلم المعزز القائمة وحدها. وينتج عن تقاطع علم النفس السلوكي والذكاء الاصطناعي مناهج جديدة في خوارزميات التعلم الآلي مع نتائج محسّنة.
تتصاعد التحذيرات من إمكانية انفلات السباق المحموم إلى الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، التي يمكن أن تحدث انقلابات خارجة عن السيطرة مع تزايد استخداماتها في المصانع وقطاعات الخدمات والطب والتعليم وجميع تفاصيل الحياة الأخرى.
ويقول الخبراء إن مستقبل حياة البشر أصبح يزداد غموضا يوما بعد يوم مع تسارع طفرات الذكاء الاصطناعي، وإن الخطر لم يعد يكمُن في زحف الآلات على وظائف البشر بل في مدى هيمنتها وتحكّمها في تصرفات الإنسان.
ولم يعُد أحد يستطيع التكهن بالدور الذي سيلعبه الذكاء الاصطناعي في غضون عقد واحد من الزمن، في وقت تتباين وتتناقض فيه التكهنات بشأن تهديدات تلك التكنولوجيا لطبيعة النسيج الاجتماعي والاقتصادي لجميع سكان الكوكب.
وللتبسيط يمكن تقسيم التكهنات خلال السنوات القليلة الماضية إلى نوعين متناقضين يتحدثان عن حجم الآثار الإيجابية والسلبية للذكاء الاصطناعي على حياة البشرية في المستقبل.
تقول وجهة النظر الأولى إن تطوّر تلك التكنولوجيا واتساع توظيفها بشكل أكبر سيجعلان حياة البشر أفضل حالا خلال العقد المقبل، خاصة في مجال الرعاية الصحية والتعليم وفي جميع المجالات الأخرى في نهاية المطاف.
الذكاء الاصطناعي حرب عالمية ثالثة
يذهب الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة تسلا لصناعة السيارات الكهربائية إيلون ماسك في هذا الاتجاه. ويرجّح أن يتسبب احتدام المنافسة على تطوير الذكاء الاصطناعي في حرب عالمية ثالثة يكون تهديدها أكبر من الأسلحة النووية.
ويؤكد ماسك أن تلك التكنولوجيا هي أكبر الأخطار التي تواجه البشرية. ويتوقع أن تفرض الحكومات معايير صارمة على نشاط الشركات في تطوير الذكاء الاصطناعي في نهاية المطاف.
وكان العالم البريطاني الراحل ستيفن هوكينغ قد حذّر من أن تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكون أسوأ شيء يحصل في تاريخ الحضارات البشرية ما لم يتم الاستعداد لكافة مخاطرها المحتملة بشكل جيد.
مستقبل حياة البشر أصبح يزداد غموضا يوما بعد يوم مع تسارع طفرات الذكاء الاصطناعي
وفي تباين الفريقين بشأن التحديات، التي قد تواجه البشر بحلول عام 2030، سلّطت دراسة أجرتها مؤسسة بيو للأبحاث بالتعاون مع مركز “إيمجنينغ ذي إنترنت”، الضوء على التأثيرات المحتملة للذكاء الاصطناعي استنادا إلى آراء العشرات من خبراء التكنولوجيا والمطورين وروّاد الأعمال والسياسيين.
لقد أصبحت الأنظمة التقنية المترابطة جزءا من كل جانب في جوانب المجتمع، بدءا من الهندسة الحيوية إلى استكشاف الدماغ وعلم الكمبيوتر العصبي والأسلحة الذكية إضافة إلى تريليونات من الأجهزة المتصلة بإنترنت الأشياء.
منذ سنوات، أشار الاقتصادي بيتر دراكر، إلى أن التكنولوجيا قد تحولت من خادم إلى سيد، وفي ما يتعلق بخط التجميع، قال “لا يستخدم نقاط القوة لدى الإنسان، بل يخضع القوة البشرية لمتطلبات الآلة”.
ويشير الاقتصاد الرقمي إلى سلسلة الأنشطة الاقتصادية التي تستخدم المعرفة والمعلومات والتكنولوجيا الرقمية كعوامل إنتاج رئيسية، وتعتبر شبكات المعلومات الحديثة ناقلا مهمّا يعتمد على فعالية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كقوة دافعة لتحسين الكفاءة والهيكل الاقتصادي.
كورونا عزز التكنولوجيا
أكدت الحملة العالمية الجارية ضد جائحة فايروس كورونا الجديد على المنافع الكبيرة والآفاق الواسعة للاتصالات المعلوماتية والتكنولوجيا الرقمية.
إذ أن تطبيق الجيل الجديد من ذلك لا يساعد بشكل فعال على احتواء انتشار الفايروس واستئناف الإنتاج فحسب، بل يوسع أيضا المساحة والنموذج الجديدين لاستهلاك المعلومات، وبالتالي تعزيز الثقة في تنمية الاقتصاد الرقمي.
وغالبا ما توصف البيانات بـ”بترول القرن الحادي والعشرين”. ووسط الأزمة الصحية العامة الناجمة عن فايروس كورونا الجديد، ثبت أن البيانات الرقمية قادرة على حل المشاكل التي يواجهها الاقتصاد الحقيقي خلال هذه الفترة الاستثنائية الراهنة، وبالتالي تعزيز الابتكار التكنولوجي ودفع تقدم المجتمع البشري، وتحفيز تنمية الاقتصاد الحقيقي فائق الجودة.
ويمر قطاع الأعمال والاقتصاد بمخاضٍ صعب، وسيشهد تغيرات كبيرة من النواحي الاستراتيجية والتقنيات والأهداف. فإن كنت من رواد الأعمال، عليك إدراك أن الأزمة الحالية تمثل فرصة تاريخية للتكيف والابتكار وتعلم مهارات جديدة وفهم احتياجات العملاء والاستماع إلى الموظفين، وإن لم تتبع هذا النهج ستتعرض إلى خسائر كبيرة.
"مياوتالك" يسجل الصوت ثم يحاول تحديد المعنى، ويساعد مالك القط أيضًا في تسمية الترجمة، وإنشاء قاعدة البيانات لبرنامج الذكاء الاصطناعي للتعلم منها
ستخضع جميع أنماط الأعمال والاستراتيجيات والخدمات والعمليات الاقتصادية إلى التغيير. إذ سنحتاج إلى إعادة تعريف الأعمال ذاتها، ومعرفة كيفية الاستفادة من الشبكات والذكاء الاصطناعي والسحابة الإلكترونية والتحليل التنبُّئي وسلاسل الإمداد الافتراضية.
ويشمل ذلك تعزيز القدرات الفردية، والاحتفاء بالابتكار الشخصي، وتزداد حاجة المجتمعات إلى التفكير المختلف خلال الأزمات كالأوقات التي تلي الأوبئة، لأن هذه الأوقات تشهد صعوبات اقتصادية وتحتاج إلى حلول مبتكرة.
ويمثل الابتكار عماد المستقبل. فالابتكار هو السبيل إلى تطوير لقاح جديد، وهو الوسيلة لتطوير وسائل اتصالنا التقليدية، وذلك على جميع المؤسسات، كبيرة كانت أم صغيرة، اختيار طريق من اثنين: إما تبني الابتكار كأسلوب للعمل وإما تجاهله وتحمل الخسائر التي ستنتج عن ذلك. ويتضمن تبني الابتكار تعزيز مهارات العاملين وتشجيع الأفكار المبتكرة وتجاهل الأفكار والاستراتيجيات القديمة.
وفي الوقت نفسه، فإن انتشار فايروس كورونا المستجد أدى إلى تسريع وتيرة الاعتماد على الإنسان الآلي في الصناعات الأشد تضررا من الجائحة والتي لا تسمح بالعمل عن بعد.
وبحسب الدراسة فإنه كلما استمرت فترة الركود الاقتصادي الحالية اتسع الاعتماد على الآلات كبديل للبشر. وقالت الدراسة “في حالة تحولت أزمة كورونا إلى أزمة اقتصادية مستمرة، فإن الوظائف التي تم فقدها لصالح الآلات، يمكن أن تختفي بصورة دائمة في اقتصاد ما بعد الجائحة، كما حدث أثناء التعافي من الكساد الكبير” في ثلاثينات القرن العشرين.
وبحسب الدراسة، فإن القطاعات التي واجهت بالفعل خطر الاعتماد على الآلات والإنسان الآلي بصورة أكبر، فقدت 4.2 وظيفة من بين كل 100 وظيفة مقارنة بالصناعات الأقل اعتمادا على التكنولوجيا الآلية.