"ستموت في العشرين" يعزز حضور السينما السودانية عالميا

الشركة المنتجة لفيلم "ستموت في العشرين" وقّعت عقدا لعرض الفيلم في أميركا الشمالية.
الخميس 2021/01/14
نحو العالمية

الخرطوم – يجسد فيلم “ستموت في العشرين”، وهو أول عمل درامي سوداني يُعرض على منصة “نتفليكس” وأول إنتاج من هذا البلد العربي يُرشح إلى جوائز الأوسكار إلى جانب أعمال أخرى، قفزة نوعية في السينما السودانية تتزامن مع التحول السياسي الحاصل في البلاد.

ويقول المصري حسام علوان، منتج أول فيلم روائي في السودان منذ عشرين سنة، إن ترشيح الفيلم إلى جائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي وعرضه على نتفليكس “يعززان حضور السينما السودانية دوليا”.

وتدور أحداث الفيلم الذي أخرجه أمجد أبوالعلاء حول شاب تقول نبوءة من أحد الدراويش الصوفيين إنه سيموت حينما يكمل عشرين عاما، فيقضي أيامه في قلق وترقب حتى يحدث ما يغير حياته تماما، إذ يلتقي مع مخرج مغامر في قريته يستعرض معه تجاربه في الحياة.

ووقّعت الشركة المنتجة للعمل أخيرا عقدا مع شركة التوزيع السينمائي الأميركية “فيلم موفمنت” لتوزيع الفيلم وعرضه في أميركا الشمالية.

ونال الفيلم في 2019 جائزة “أسد المستقبل” من مهرجان البندقية السينمائي الدولي، وجائزة “نجمة مهرجان الجونة الذهبية” لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مصر، وجائزة “التانيت الذهبي” من مهرجان أيام قرطاج السينمائية في تونس.

وتوقف النقاد خلال العام الماضي أمام عدد من الأفلام السودانية التي شقت طريقها إلى مهرجانات عربية ودولية. ولفت الممثل والفنان التشكيلي السوداني عادل كبيدة إلى أن “الفن كان جزءا من الحراك الثوري ومهّد له”.

وشهد السودان في نهاية 2018 انتفاضة شعبية دفعت بعد أشهر الجيش إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد على مدى 31 عاما بيد من حديد.

وأوضح المخرج أمجد أبوالعلاء “انطلقنا في العمل ونحن ندرك حاجة مجتمعنا إلى أحلامنا ونتصرف بدون الشعور بعقَد فقدان الثقة والإحباط التي عانت منها الأجيال التي سبقتنا”.

Thumbnail

وعاش السودان خلال حكم البشير في ما يشبه عزلة دولية تحت ضغط نزاعات جرت على أرضه، كما عانى من نظام أمني وتضييق على الحريات.

وأشار مدير مؤسسة “فيلم فاكتوري” الممثل طلال عفيفي إلى أن الحكومات التابعة لنظام البشير منذ العام 1989 “أجهضت كل مبادرات الثقافة والفنون، وعمدت إلى مناهضة قيم التنوع وحرية الرأي، عبر سعيها لتبني ما زعمت أنها سياسات الأسلمة والتعريب”.

ويلاحظ عفيفي أن مضامين الأفلام التي برزت أخيرا “كانت تسعى لتأكيد مقاومتها لكل الخطابات التي دعمها النظام”.

ويوضح أن صعود هذا النوع من الأفلام بدأ قبل الحراك “فبعد ظهور الصيغة الرقمية، حدث ما يشبه ‘الانقلاب الأبيض’ وتم اختراق هذه السياسات ومعها الأحزمة الأمنية والقانونية التي حرّمت الفن”.

وتسعى مؤسسة “سودان فيلم فاكتوري” التي تأسست في الخرطوم في 2010، لتعزيز صناعة الأفلام المستقلة في السودان وتشجيع أجيال جديدة على الاهتمام بالسينما، وتحصل على بعض الدعم من مؤسسات دولية.

ونفذت المؤسسة أكثر من ثلاثين ورشة تدريب في السيناريو والتصوير والإخراج والمونتاج والأزياء، وأنتجت أكثر من ستين فيلما روائيا ووثائقيا وتجريبيا قصيرا شارك كثير منها في مهرجانات عديدة حول العالم، في البرازيل وهولندا وكوريا الجنوبية واليابان وجنوب أفريقيا ومصر ونيجيريا.

وقال عفيفي “ما حدث في سينما السودان من طفرات ليس وليد الثورة وحدها وإنما هو نتيجة عمل دؤوب بدأ قبل اقتلاع حكم عمر البشير بسنوات”.

وترى الناقدة المصرية رشا حسني أن 2019 كان “عاما للسينما السودانية بامتياز”. فقد حظي مثلا فيلم “حديث عن الأشجار” للمخرج صهيب الباري بجائزة أفضل فيلم وثائقي باختيار الجمهور في مهرجان برلين السينمائي الدولي 2019. ويتتبع جهود “نادي الفيلم السوداني” التي يقوم بها المخرجون المتقاعدون إبراهيم شداد ومنار الحلو وسليمان محمد إبراهيم والطيب مهدي لإعادة فتح دار سينما خارجية في مدينة أم درمان لإعادة الجمهور إلى السينما.

Thumbnail

وحظي فيلم “الخرطوم أوفسايد” للمخرجة مروة زين باهتمام نقدي لافت. ويتحدث العمل عن مقاومة النساء لقرار رسمي بحظر مشاركتهن في مباريات كرة القدم. وفاز بجوائز أبرزُها جائزة أفضل فيلم وثائقي في حفل توزيع جوائز الأكاديمية الأفريقية للأفلام الخامس عشر، وجائزة في مهرجان أيام قرطاج السينمائية.

ويلاحظ أبوالعلاء أن معظم منتجي الأفلام السودانية التي نالت تقديرا دوليا عاشوا خارج السودان لفترات طويلة. ويقول “نحن أبناء الشتات، لذلك جاءت معالجتنا لقضايا السودان من عين ناقدة وواثقة”.

ويعمل أبوالعلاء في دبي حيث يقيم منذ طفولته. أما مروة زين فتعيش بين القاهرة والخرطوم وكذلك صهيب.

لكن أبوالعلاء يخشى أن يكون صعود السينما السودانية “مجرد قفزة في الهواء، لأنه تم بمجهود ذاتي وبدون أي دعم رسمي أو بنية تحتية مؤهلة”.

وشدد على أن نمو إنتاج السينما السودانية في المستقبل يحتاج إلى دعم من الدولة. لكنه يستدرك “في الوقت الحالي لا تبدو الأوضاع مهيأة لذلك، فمن الظلم أن نطالب النظام الجديد بتحمل هذا العبء في ظل اقتصاد منهار”.

ولفت علوان إلى حاجة السينما السودانية إلى دعم من النظام السياسي الجديد سواء على صعيد التشريعات أو تيسير البنية التحتية، مبديا تخوفه من عدم ذهابها بعيدا في حال عدم حصولها على هذا الدعم، إذ “أن لهفة مهرجانات العالم على عرض أفلام سودانية لن تبقى إلى الأبد”.

24