مونديال مصر 2021 محطة للارتقاء بكرة اليد عربيا وعالميا

تستضيف مصر نسخة استثنائية من بطولة العالم لكرة اليد للرجال في الفترة من 13 يناير الجاري إلى 31 من الشهر نفسه، بمشاركة 32 منتخبا للمرة الأولى في تاريخ اللعبة. أيام قليلة تفصلنا عن بطولة العالم الأهم في القرن الواحد والعشرين، 32 فريقا في البطولة لأول مرة: سبعة منتخبات أفريقية وعلى رأسها مصر مستضيفة البطولة، 16 فريقا من أوروبا، 4 من آسيا، 4 من أميركا الجنوبية، وفريق وحيد من أميركا الشمالية. ويبقى السؤال الأهم: من سيتوج بلقب بطولة العالم في نسختها السابعة والعشرين؟ ومن سيكون الحصان الأسود؟
القاهرة – كان افتتاح فعاليات بطولة كأس العالم 1999 لكرة اليد في مصر رائعا، حيث جرى أمام أكثر من 22 ألف مشجع، احتشدوا في مدرجات الصالة الرئيسية بمجمع الصالات المغطاة في ملعب القاهرة الدولي.
وذلك من خلال حفل مبهر حافل بالأضواء والفقرات الفنية التي شارك فيها عدد كبير من المؤدّين. والآن، يستعدّ المنظمون في مصر لخوض التجربة للمرة الثانية من خلال استضافة فعاليات النسخة الـ27 من بطولات كأس العالم لكرة اليد خلال الفترة من 13 إلى 31 يناير الحالي.
ولكن استضافة البطولة هذه المرة ستكون في أجواء مغايرة للغاية، وإن كان أمل المنظمين أن تحقق نجاحا أكبر أو على الأقل مماثلا لما حققته النسخة السادسة عشرة من البطولة التي أقيمت في مصر خلال يونيو 1999. وافتتح المنتخب المصري (أحفاد الفراعنة) فعاليات نسخة 1999 بفوز ثمين ومستحق على نظيره البرازيلي 28-19. ومن المقرر أن يفتتح المنتخب المصري فعاليات النسخة الـ27 بمواجهة مماثلة مع منتخب آخر من أميركا الجنوبية وهو منتخب تشيلي آخر المتأهلين لهذه النسخة من البطولة.
ولكن أجواء المباراة الافتتاحية وكذلك البطولة بأكملها ستكون مختلفة بالتأكيد عن نظيرتها في 1999 نظرا إلى الأزمة التي تحاصر العالم منذ أشهر طويلة والمتعلقة بتفشي الإصابات بفايروس كورونا.
وبدلا من احتشاد أكثر من 22 ألف مشجع في نفس الصالة التي شهدت افتتاح نسخة 1999، سيكون الحضور الجماهيري على نطاق ضيق بشكل كبير خلال المباراة الافتتاحية للبطولة الأربعاء المقبل في الصالة الرئيسية بمجمع الصالات المغطاة في ملعب القاهرة الدولي.
وكشف المنظمون مؤخرا أن الحضور الجماهيري سيقتصر على 20 في المئة من سعة المدرجات في كل من الصالات الأربع المضيفة للبطولة، ومن بينها هذه الصالة التي تقع في وسط العاصمة والتي تبلغ سعتها الرسمية نحو 17 ألف مشجع بعد عملية التحديث الشاملة التي خضعت لها في الفترة الماضية.
نسخة تاريخية
بينما يتطلع العالم إلى نسخة تاريخية في مصر خلال الأيام المقبلة نظرا لكونها أول نسخة في البطولة تقام بمشاركة 32 منتخبا، وسيكون المنظمون أمام تحديات هائلة بعيدا عن مسيرة المنتخب المصري في البطولة.
وتقام البطولة هذه المرة وسط إجراءات صحية مشددة وبروتوكول صارم للحد من تفشي الإصابة بكورونا، ولاسيما مع الموجة الثانية التي تجتاح العالم من هذه الجائحة التي تفرض نفسها على الأحداث في كل مكان.
ورغم هذه الإجراءات والكم الهائل من المسحات الطبية التي سيخضع لها المشاركون بشكل منتظم ودوري خلال فترة البطولة، يبدو من الصعب التغاضي عن تقليص عدد الجماهير الحاضرة إلى أقصى حد ممكن بسبب الوباء.
وكانت الجماهير هي العنصر الأساسي في نجاح نسخة 1999 بمصر حيث شهدت المباريات وخاصة مباريات المنتخب المضيف حضورا جماهيريا رائعا علما بأن البطولة وقتها شهدت مشاركة 24 منتخبا تنافست في ثلاث مدن هي القاهرة والإسماعيلية وبورسعيد.
من المقرر افتتاح منتخب مصر النسخة الـ27 بمواجهة مع منتخب من أميركا الجنوبية وهو منتخب تشيلي
وكانت نسخة 1999 قد صنعت تاريخا لكونها أول بطولة لكأس العالم في كرة اليد تقام في أفريقيا وثاني نسخة من البطولة تقام خارج القارة الأوروبية بعدما سبقتها نسخة 1997 التي استضافتها اليابان.
والآن، ستكون النسخة المقبلة أيضا محطة تاريخية لكونها الأولى بمشاركة 32 منتخبا من ناحية كما أنها ستجعل مصر أول دولة من خارج القارة الأوروبية تستضيف فعاليات البطولة مرتين. وخلال نسخة 1999، انطلق المنتخب المصري بقوة حتى أحرز المركز السابع في البطولة ليكون أبرز إنجاز له في ذلك الوقت في بطولات كأس العالم للكبار قبل أن يحقق المركز الرابع في النسخة التالية عام 2001 بفرنسا.
ولكن التحدي الحقيقي الآن سيكون للمنظمين أكثر منه للمنتخب المصري لأن النجاح في هذه النسخة المرتقبة خلال الأيام المقبلة يعتمد في المقام الأول على مدى العبور بهذه البطولة إلى بر الأمان وسط تفاقم الجائحة عالميا.
وكانت الرياضة المصرية حققت نجاحا في الأشهر الماضية من خلال استئناف فعاليات الدوري المحلي لكرة القدم والعديد من الفعاليات المحلية والقارية رغم امتداد الجائحة منذ مارس الماضي، ولكن مونديال كرة اليد سيكون تحديا أكبر بالتأكيد في ظل كبر حجم الحدث ومشاركة منتخبات من قارات مختلفة.
وقبل أكثر من عقدين، استضافت مصر فعاليات بطولة العالم لكرة اليد لتكون هذه البطولة بمثابة محطة مهمة للغاية في تاريخ كرة اليد المصرية والأفريقية على حد سواء حيث ساهمت بشكل كبير في تزايد الشعبية والاهتمام باللعبة في القارة السمراء.
محطة جديدة
والآن، يترقب العالم كله والقارة الأفريقية بشكل خاص محطة أخرى مهمة في عالم كرة اليد من خلال النسخة السابعة والعشرين من بطولات العالم.
ونجح منتخب البلد المضيف في الفوز بالمركز السابع خلال نسخة 1999 وسط اهتمام كبير وحضور جماهيري ضخم في البطولة التي ساهمت في زيادة شعبية اللعبة في مصر وفي عدد من البلدان الأفريقية. وكان فوز الفريق بالمركز السابع في هذه البطولة وتزايد الاهتمام باللعبة في مصر وأفريقيا بمثابة نقطة انطلاق حقيقية لكرة اليد المصرية والأفريقية والعربية نحو العالمية حيث واصل أحفاد الفراعنة نجاحهم في بطولات العالم من خلال النسخة التالية التي استضافتها فرنسا عام 2001 وحصلوا على المركز الرابع في البطولة.
وأصبح المنتخب المصري بهذا أول فريق من خارج القارة الأوروبية يبلغ المربع الذهبي في مونديال اليد والذي احتكرته المنتخبات الأوروبية على مدار تاريخ البطولة منذ بداية إقامة البطولة في 1938 وحتى ذلك الحين.
ولم يقتصر الأمر على هذا الإنجاز المصري بل امتد النجاح للمنتخب التونسي الذي استغل نسخة 2005 التي استضافتها بلاده وأصبح ثاني منتخب فقط من خارج أوروبا يبلغ المربع الذهبي لمونديال اليد.
وبعدها بعشر سنوات، حقق المنتخب القطري إنجازا عربيا آخر في تاريخ مونديال اليد حيث أصبح ثالث منتخب يكسر الهيمنة الأوروبية على المربع الذهبي للبطولة وبلغ المباراة النهائية قبل أن يخسر أمام فرنسا ليحرز المركز الثاني في البطولة. والآن، سيكون العالم على موعد مع حدث تاريخي من خلال النسخة المرتقبة بصفتها أول نسخة تقام بمشاركة 32 منتخبا مع ارتفاع مستوى اللعبة في العالم كله وتزايد شعبيتها، الأمر الذي دفع إلى زيادة عدد المنتخبات المشاركة في البطولة.
وينتظر أن تسهم هذه النسخة في المزيد من الاهتمام باللعبة في مناطق مختلفة من العالم لاسيما وأنها تشهد أعدادا متزايدة من المنتخبات من مختلف القارات حيث تشهد القارة الأفريقية مشاركة سبعة منتخبات من بينها المنتخب المصري المضيف وكذلك خمسة منتخبات آسيوية.
ومن المتوقع أن تسهم هذه الزيادة في مقاعد المونديال للقارات المختلفة في مضاعفة الاهتمام باللعبة في ظل وجود فرص أفضل لبلوغ المونديال في النسخ التالية أيضا.
وقد تستطيع فرق أخرى من خارج القارة الأوروبية المنافسة على بلوغ المربع الذهبي في مونديال 2021 لاسيما وأن عددا من المنتخبات غير الأوروبية أظهرت تطورا في مستواها خلال الآونة الأخيرة.
من المقرر افتتاح منتخب مصر النسخة الـ27 بمواجهة مع منتخب من أميركا الجنوبية وهو منتخب تشيلي
خلال حفل قرعة البطولة، الذي أقيم في سبتمبر الماضي، حصل المنتخب المصري على فرصة لاختيار مجموعته في الدور الأول ولكن هذا لم يكن يعني بالضرورة أفضلية كبيرة للفريق أو أن مشوار أصحاب الأرض سيكون مفروشا بالورود إلى الدور الثاني الذي يقام بنظام المجموعات أيضا خاصة وأن معظم المنتخبات المتأهلة للبطولة من الفرق الكبيرة وصاحبة التاريخ الهائل في بطولات العالم أو البطولات القارية.
واختار المنتخب المصري اللعب في المجموعة السابعة التي ضمت منتخبي السويد والتشيك قبل أن ينضم إليهما منتخب تشيلي مؤخرا حيث نال مقعده في المونديال بعد أكثر من شهرين من إجراء القرعة.
وتضم قائمة المنتخبات المتأهلة سبعة منتخبات سبق لها التتويج باللقب إضافة إلى تقارب المستويات بين العديد من المنتخبات. وقسمت المنتخبات الـ32 المشاركة بالبطولة على أربعة مستويات تم الإعلان عنها في 23 يوليو الماضي قبل نحو ستة أسابيع على إجراء القرعة بحيث ضم كل مستوى ثمانية منتخبات.
وخلال سحب القرعة في سبتمبر الماضي، قسمت المنتخبات الـ32 على ثماني مجموعات في الدور الأول للبطولة بحيث ضمت كل مجموعة
أربعة منتخبات بواقع منتخب واحد فقط من كل مستوى من المستويات الأربعة.
وتتنافس منتخبات كل مجموعة في ما بينها بنظام دوري من دور واحد على أن تتأهل المنتخبات صاحبة المراكز الثلاثة الأولى من كل مجموعة في ختام فعاليات الدور الأول للدور الثاني (الدور الرئيسي)، الذي يضم 24 منتخبا.
وفي الدور الرئيسي، ستقسم المنتخبات الـ24 على أربع مجموعات فحسب حيث تضم كل منها ستة منتخبات تتنافس في ما بينها بنظام دوري من دور واحد ليتأهل المنتخبان صاحبا المركزين الأول والثاني من كل مجموعة في نهاية فعاليات هذا الدور إلى دور الثمانية، بداية الأدوار الإقصائية في البطولة.
كسر الهيمنة
على مدار 26 نسخة سابقة من بطولات العالم لكرة اليد، أحكمت المنتخبات الأوروبية قبضتها على ألقاب البطولة بل واحتكرت المراكز الأربعة الأولى في العديد من هذه النسخ. ولم يكسر هذا الاحتكار الأوروبي للمراكز الأولى في البطولة سوى ثلاثة منتخبات عربية هي مصر وتونس وقطر. وكان المنتخب المصري أول من كسر الهيمنة الأوروبية على المربع الذهبي للبطولة وذلك من خلال نسخة 2001 بفرنسا حيث احتل المركز الرابع في البطولة وتبعه المنتخب التونسي، في ذلك حيث حل رابعا أيضا في نسخة 2005 التي استضافتها بلاده.
وكان المنتخب القطري ثالث المنتخبات العربية التي كسرت هذه الهيمنة الأوروبية لكنه كان صاحب البصمة الأكبر حيث كان الوحيد من خارج القارة الأوروبية الذي بلغ المباراة النهائية في تاريخ البطولة وذلك من خلال نسخة 2015 التي استضافتها بلاده لكنه خسر النهائي أمام نظيره الفرنسي.
عندما تنطلق فعاليات بطولة كأس العالم الـ27 لكرة اليد (مصر 2021) في مصر، ستكون البطولة على موعد مع سبعة أبطال سابقين يتنافسون مع 25 فريقا لم يسبق لها الفوز باللقب.
ومن بين المنتخبات الـ32 المشاركة في البطولة، وسبق لسبعة منتخبات التتويج باللقب العالمي بينما يراود أمل الفوز عددا من المنتخبات الـ25 الأخرى بهذه النسخة، والانضمام إلى السجل الذهبي من خلال هذه المشاركة.
وعلى مدار 26 نسخة سابقة بداية من 1936، احتكرت المنتخبات الأوروبية لقب البطولة من خلال 12 منتخبا من بينها منتخبات لم تعد موجودة بالفعل مثل منتخبات تشيكوسلوفاكيا والاتحاد السوفييتي ويوغسلافيا.
ومن بين المنتخبات المشاركة في مونديال 2021، سبق لسبعة منتخبات أن أحرزت اللقب العالمي وهي فرنسا والسويد وألمانيا وروسيا وإسبانيا وكرواتيا والدنمارك. ويستحوذ المنتخب الفرنسي على الرقم القياسي لعدد الألقاب التي أحرزها كل فريق في البطولة حتى الآن برصيد ستة ألقاب. وجمعت هذه المنتخبات السبعة في ما بينها 18 لقبا في النسخ الـ26 السابقة بخلاف الألقاب التي جمعتها تحت مسميات أخرى مثل ألمانيا الغربية أو ضمن كتل سابقة مثل الاتحاد السوفييتي ويوغسلافيا.