اليابان تسلك طريق الواقع الافتراضي لتنشيط السياحة

الرحلات عبر الإنترنت نمط سفر يستمر بعد وباء كورونا.
الأحد 2020/12/27
اكتشف أسرار اليابان من بيتك

أطلقت اليابان حملة “غو تو ترافيل” لدعم التعافي التدريجي لحركة السفر والسياحة الداخلية في البلاد من خلال الرحلات الافتراضية، حيث يتم عرض لقطات لصور عالية الدقة لمناطق الجذب السياحي الشهيرة مع إعطاء الفرصة للتفاعل عبر الإنترنت لتطوير طرق جديدة لجذب عشاق السفر.

طوكيو - أدى استمرار تفشي فايروس كورونا إلى إغراء شركات كبيرة للدخول في عالم صناعة السياحة مثل شركة “توبَّان” عملاق الطباعة والنشر، لكن عروض السفر المقدمة من هذه الشركة لا تتطلب الاختلاط بالناس أو حتى عناء الانتقال.

ومنذ سبتمبر الماضي، قامت شركة توبَّان بالتعاون مع شركة توبَّان لخدمات السفر التابعة لها ومقرها في طوكيو، بإقامة جولات سياحية عبر الإنترنت مستخدمة تقنية الواقع الافتراضي عبر الإنترنت.

وعلى مدار أكثر من عشرين عاما، استخدمت شركة توبَّان تقنية الواقع الافتراضي للحفاظ على صور عالية الدقة للتراث الثقافي، والاستفادة من مهارات معالجة الصور التي طوّرتها لتحسين جودة الطباعة.

وأحد أول عروضها الجديدة كان عبر القيام بجولة افتراضية في معبد توشوداي-جي الشهير في مدينة نارا، حيث يشاهد المشاركون لقطات عالية الدقة تم إعدادها في أستوديو شركة توبَّان للطباعة، وباستخدام أجهزة الكمبيوتر المنزلية يمكن الوصول إلى هذه الصور لخوض غمار المغامرة داخل أروقة معبد توشوداي-جي.

ويلقي أحد رهبان المعبد كلمة عن حياة “جيأن تشين”، وهو راهب صيني ساعد في نشر البوذية في اليابان في القرن الثامن.

وتبدأ الجولات من 30 ألف ين للفرد في مجموعات مكونة من حوالي 30 شخص، لكن الأسعار تتفاوت حسب أعداد المشاركين والمحتوى المقدم.

ولدى توبَّان خطط لجولات أخرى عبر الإنترنت، بما في ذلك عرض خاص للفن الأصيل (الحواجز القابلة للطي) في كيوتو، وتجربة طقس التأمل (زن) أو التأمل الجالس من طوكيو.

وبالنظر إلى ظهور مشاركين جدد غير متوقعين في مجال السياحة والسفر عبر الإنترنت في ظل انتشار الوباء الحالي، يقول شيبويا كازوهيرو، رئيس تحرير مجلة “نيكي بيزنس أسوسيت”،  “هذا الأمر يعطينا لمحة عن التغييرات المحتملة في صناعة السياحة في عالم ما بعد فايروس كورونا. فالجولات عبر الإنترنت ليست مجرد بديل للسفر الفعلي، ولكنها نمط جديد من السياحة”.

السفر الافتراضي يمكن الأشخاص الذين لديهم نفور من السفر أو يخشون الطيران، من زيارة الوجهات السياحية بسهولة أكبر

ومنذ أواخر شهر يوليو نفذت الحكومة حملة  “غو تو ترافيل” لدعم صناعة السياحة، إلا أن تأثير الحملة لا يزال محدودا في هذه المرحلة.

ومن رحم الأزمات التي خلفها وباء كورونا ظهرت الجولات السياحية عبر الإنترنت. ودخلت شركات الحافلات الإقليمية السوق لأول مرة في الربيع، والآن انضم إليها العديد من الشركات الأخرى.

ومنذ سبتمبر باعت أكبر شركات السياحة في اليابان “جي.تي.بي” منتجات سياحية تمكن الزبائن من الاستمتاع بالمناظر الخلابة، بما في ذلك جولات عبر الإنترنت في هاواي تذهب بهم إلى موقع بركان كيلاويا في حديقة هاواي فولكانوز الوطنية وتعرض لهم مناظر من قمة الجبل البركاني مونا كيا.

ومنذ أكتوبر، أطلقت شركة  “جي.تي.بي” أيضا رحلات ميدانية افتراضية للمدارس التي اضطرت إلى إلغاء الرحلات الجماعية المخطط لها بسبب الوباء.

وتقوم الشركة بإرسال نظارات واقع افتراضي بسيطة الشكل إلى المدارس، والتي يمكن توصيلها بالهواتف الذكية لعرض لقطات بزاوية 360 درجة للمواقع والأطلال الشهيرة التي تتم زيارتها عادة.

وتشمل الجولات التفاعل الافتراضي مع الأشخاص الذين قد يقابلهم الطلاب عادة في رحلاتهم مثل فتاة “المايكو”، أو (غايشا المتدربة – فتاة تقوم بأداء الأغاني والرقصات والعزف على الآلات الموسيقية التقليدية للزوار) ومالكي “الريوكان” أو النزل الياباني التقليدي.

وتقوم الشركة أيضا بتنظيم رحلات ميدانية افتراضية في المدارس للتعرف على مختلف الخبرات مثل المنتجات الفخارية التقليدية “كيوميزوياكي” وفن الصباغة الياباني “يوزين”.

وقامت شركة هانكيو للسياحة الدولية بتجهيز فريق معني بدراسة كل ما يخص السياحة عبر الإنترنت. وكانت النتيجة إعداد برامج عبر الإنترنت بما في ذلك زيارة إلى مصانع الجعة في مدينة تيندو بمحافظة ياماغاتا، وجولة في الأماكن التي تم فيها تصوير فيلم “رومان هوليداي” بطولة الممثلة البريطانية أودري هيبورن.

مرشدون سياحيون عبر الإنترنت
مرشدون سياحيون عبر الإنترنت

لكن الرحلات السياحية عبر الإنترنت لا تقتصر على شركات السياحة فقط، حيث أطلقت الخطوط الجوية اليابانية أولى جولاتها عبر الإنترنت في يوليو.

وتتميز الجولة بطريق طيران وهمي من مطار هانيدا في طوكيو إلى مطار أوكي في محافظة شيمانى مع إطلالات من قمرة القيادة لتعزيز التجربة.

ولا تزال العائدات من الجولات السياحية عبر الإنترنت منخفضة مقارنة بنظيرتها من السفر الفعلي، نظرا إلى عدم وجود عنصري النقل أو الإقامة، حيث تبلغ تكلفة الجولات أقل بكثير للفرد الواحد، وهي بشكل عام لا تتعدى بضعة آلاف من الينات.

وبالرغم من عدم انتشار مفهوم السفر الافتراضي على نطاق واسع، إلا أنه يفتح الباب أمام إمكانيات جديدة غير متوقعة.

ووفقا لإحدى وكالات الأسفار، فقد جذبت الجولات السياحية نطاقا عمريا أشمل للعديد من المشاركين بداية من الأطفال الرضع إلى غير البالغين.

ويمكن للأشخاص الذين يقطنون بعيدا أن ينضموا بسهولة أكبر، وفي بعض الحالات تمكنت العائلات التي تعيش بعيدا عن بعضها البعض من السفر سويا.

وهذه ميزة جذابة للسفر عبر الإنترنت، حيث يمكن لجميع الأشخاص السفر والترحال، سواء كانوا طاعنين في السن وكذلك الأشخاص الذين لديهم نفور من السفر لمسافات طويلة أو يخشون الطيران يمكنهم بالمثل زيارة الوجهات السياحية داخل اليابان وخارجها بسهولة أكبر.

وتوقع منسقو الجولات عبر الإنترنت رواج هذا النوع من السياحة من قبل زبائنهم الدائمين الحاليين، لكنهم في الواقع يتلقون حجوزات من مجموعة واسعة من الأشخاص، حيث كشفت هذه البرامج عبر الإنترنت عن زيادة طلب جديد وغير متوقع للسفر.

ومن المرجح أن تظل مزايا السياحة عبر الإنترنت متواجدة على الساحة حتى بعد انتهاء الوباء.

وبعد رفع القيود المفروضة بسبب فايروس كورونا ستعود حركة السياحية العالمية، وسيعاود الناس العمل مرة أخرى في الخارج، مما سيخلق طلبا على السفر عبر الإنترنت للمّ شمل العائلة والأصدقاء الذين يعيشون منفصلين.

16