مبادرات شبابية لمساعدة مرضى كورونا في سوريا

مبادرة "سماعة حكيم" تضم أكثر من 100 طبيب يقدمون الاستشارات الطبية عبر الإنترنت مجانا خلال جائحة كورونا.
الخميس 2020/12/24
تآزر يحقق الشفاء

دمشق ـ في غرفة صغيرة بأحد أحياء العاصمة دمشق، كان ثلة من الشبان والشابات يتلقون بنشاط مكالمات هاتفية ويكتبون معلومات حول مرضى كورونا المحتاجين للمساعدة.

وتحت مسمى “عقّمها”، و”سماعة حكيم”، كناية عن سماعة الطبيب العربية، تكاتف العشرات من الشباب والأطباء لتقديم المساعدة للأشخاص الذين يعانون من الوباء، وتخفيف الضغط على المستشفيات الحكومية أو الخاصة.

وبدأت مجموعة “عقمها” منذ أشهر من قبل متطوعين من الجامعات خلال الموجة الأولى من انتشار وباء كورونا، حيث تقدم حملات التعقيم في الأماكن العامة والمنازل والمدارس وتساعد المجموعة أيضًا الأشخاص الذين يعانون من نقص الأوكسجين في تأمين أسطوانات الأوكسجين مجانا.

ومبادرة “سماعة حكيم”، من ناحية أخرى، بدأت قبل ثلاث سنوات كصفحة على الفيسبوك تقدم معلومات لطلاب كلية الطب ومع ذلك، بدأت الصفحة، التي تضم أكثر من 100 طبيب، في تقديم الاستشارات الطبية عبر الإنترنت مجانا خلال جائحة كورونا.

وبما أن سوريا تشهد الآن الموجة الثانية من انتشار وباء كورونا، فقد تم التعاون بين كل من مبادرة “عقمها” و”سماعة حكيم” لتقديم خدمة شاملة للناس.

ونشطت المجموعتان في سوريا خلال فترة انتشار مرض فايروس كورونا الجديد مع طلب المزيد من الناس لمساعدتهم.

وقال مؤسسو المجموعتين إنهم يقدمون ما في وسعهم لمساعدة الناس وتخفيف الضغط على المستشفيات.

وقال عمر بوظو، مؤسس مبادرة “عقمها”، لوكالة أنباء “شينخوا”، إن مجموعته كانت تستعد منذ شهور للموجة الثانية من كورونا، مضيفا أن تعاونهم مع “سماعة حكيم” جاء لأن هناك حاجة إلى فريق طبي كبير للتعامل مع المطالب المتزايدة للناس خلال هذه الفترة من الموجة الثانية من الجائحة.

وأضاف بوظو، أن المرضى الذين يحتاجون إلى طبيب سيحصلون عليه مجانا، لكن يتعين عليهم دفع تكاليف نقله.

وتابع يقول، “نقدم الاستشارات من خلال منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وواتسآب والمكالمات الهاتفية وهناك زيادة في المكالمات الهاتفية في الآونة الأخيرة، حيث نشهد الآن ذروة الموجة الثانية من فايروس كورونا الجديد”.

وفي غضون ذلك، شدد الطالب الجامعي البالغ من العمر 24 عاما على حاجة الشباب للانخراط في مبادرات اجتماعية لتقديم المساعدة للناس، خاصة وأن الحرب في سوريا لم تنته بعد في ظل الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الحرب وفرض العقوبات الاقتصادية على البلاد.

وقال، “كشباب ومجتمعات محلية، أصبحت مثل هذه المبادرات واجباً حقيقياً لأنه إذا كانت لدينا القدرة والمصداقية والخبرة فلماذا لا نفعل شيئاً في مواجهة الأزمة”.

من جانبه، قال حسين نجار، وهو طبيب ومؤسس “سماعة حكيم”، إنه بسبب التفاعل الهائل الذي تستقبله صفحته على وسائل التواصل الاجتماعي، أطلق مع أصدقائه تطبيقًا على الهاتف المحمول لتنظيم الطلبات والاستشارات.

وأضاف، “لقد تلقينا بالفعل 14 ألف استشارة تتعلق بمرض فايروس كورونا الجديد، عبر التطبيق لقد شعرنا بتفاعل شعبي كبير نتيجة الثقة التي اكتسبناها من الناس”.

العمل على مساعدة أكبر عدد ممكن من المصابين
العمل على مساعدة أكبر عدد ممكن من المصابين

وتابع يقول، إن الخدمة التي يقدمونها أبسط من تلك الموجودة في المستشفيات، مشيرا إلى أن أي مساعدة تكون جيدة لدعم الأطباء الذين يساعدون المرضى في المستشفيات.

وأشار إلى أنّ “الأطباء العاملين في المستشفيات العامة تحملوا ضغوطا أكبر وهم الجنود المجهولون لما نسميه الجيش الأبيض”.

ولفت النجار إلى أنهم يساعدون الأشخاص الذين يعانون من نقص الأكسجة (نقص الأوكسجين) والذين يعانون من أعراض خفيفة لفايروس كورونا سواء من خلال التطبيق أو المكالمات الهاتفية.

ومما كتبه أحد سكان دمشق، “أمي رح تموت.. بس شوية هوا”، طالباً المساعدة بأسطوانة أوكسجين لوالدته التي أُصيبت بفايروس كورونا، وعجز عن العثور على مشفى يقبل استقبالها وتقديم الرعاية الطبية لها.

المئات من طلبات المساعدة يوميا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يتقدم بها قاطنو دمشق وريفها للحصول على أسطوانات أوكسجين وأجهزة التنفس المنزلية، لرعاية أفراد عائلاتهم المصابين بالفايروس، لاسيما بعد امتناع المشافي الحكومية عن استقبال هذه الحالات، والتوجيه بحجرهم ورعايتهم منزليا.

ما إن بدأت أعداد المصابين بفايروس كورونا بالانفجار، حتى فُقدت أسطوانات الأوكسجين وأجهزة التنفس الاصطناعي من الأسواق والمراكز الطبية والصيدليات، وباتت السلعة الأفضل للاحتكار.

وارتفعت أسعار أسطوانات الأوكسجين بشكل مفاجئ قبل أشهر، مع بداية ارتفاع الطلب عليها، لتبلغ 250 ألف ليرة سورية، لكنها ما إن بدأت تُفقد من الأسواق، حتى ارتفعت لتتجاوز الـ750 ألف ليرة سورية للأسطوانة الواحدة.

واستطاعت مبادرة “عقمها” تأمين أسطوانات الأوكسجين لما يُقارب الألف شخص، إضافة إلى تقديم المستلزمات الأساسية للأسطوانات، من ساعة وشوكة أنفية وقناع وجهي، فضلاً عن توضيح كيفية تعبئة الأسطوانات وصيانتها وسلامتها.

ومنذ مارس، تم تسجيل رسمياً أكثر من عشرة آلاف حالة إصابة بوباء كورونا في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا، ومن المتوقع أن يكون العدد الفعلي أعلى من ذلك بكثير.

وقال مسؤولو وزارة الصحة مؤخرا إن عدد الحالات المسجلة رسميًا للمصابين بالفايروس زاد خمس مرات منذ منتصف نوفمبر الماضي.

 خدمة شاملة للناس
خدمة شاملة للناس

 

20