سوري يحوّل منزله إلى متحف يؤرّخ لمدينة السويداء

يسعى شاب سوري إلى التعريف بمنطقة السويداء من خلال تحويل منزله إلى متحف يحفظ بداخله الكثير من تاريخ المنطقة التراثي، إذ يجمع العديد من الأدوات المنزلية والزراعية والحربية القديمة.
السويداء (سوريا) – حوّل السوري شادي سليم منزله الواقع في محافظة السويداء (جنوب سوريا) إلى متحف، بهدف تعريف الأجيال القادمة على تراث وتاريخ السويداء قبل ثلاثة قرون.
ويضم المتحف الذي يمتد على مساحة تتجاوز 80 مترا مربعا الكثير من الأدوات التراثية القديمة التي تخص المنطقة ومن بينها الأسلحة التي اغتنمها الأجداد في المعارك ضد الفرنسيين ومنها بارودة تعود إلى عام 1873، والسيوف العربية والدمشقية الأصيلة والخناجر.
وحرص سليم (40 عاما) على جمع كل ما يتعلق بإعداد القهوة العربية، بالإضافة إلى الأواني والأباريق الإسلامية القديمة التي يتجاوز عمرها أكثر من 5 قرون.
ووفقا لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، قال سليم إنه اشترى الكثير من القطع والأدوات التراثية بهدف تعريف الأجيال القادمة على تراث وتاريخ السويداء قبل 300 عام تقريبا، وكيف كان الناس يعيشون.
وأضاف أن “فكرة العمل بدأت قبل حوالي 30 عاما تقريبا عندما حصلت على ساعة يد لجدي، وبعض الأدوات التي يستخدمها”، لافتا إلى أن تلك القطع كانت بمثابة الخطوة الأولى التي دفعته لاحقا إلى البحث عن القطع الأثرية الهامة وبعض الأدوات التي كان الناس يستخدمونها في تلك الفترة الماضية.
وتابع “الآن لدي حوالي 7000 قطعة ‘انتيكا’ وبعض الأسلحة القديمة التي كان الثوار يستخدمونها أثناء الحروب، وبعض الأدوات التي لها علاقة بالزراعة وطهي الطعام ووثائق تاريخية وزي شعبي للرجل والمرأة، وهذا هو رمز تراثي نعتز به ونتوارثه أبا عن جد”.
وتتنوع مقتنيات سليم، فمن الأدوات القديمة الزراعية مثل (لوح الدراسة والجاروشة الحجرية) والمخصصة للطعام مثل (المنسف والدست والبيطس وأطباق القش)، إلى وسائل الإنارة كالفانوس، وأدوات الطهي (بوابير الكاز) وأدوات التدفئة والمباخر والنحاسيات والهواتف وأجهزة الراديو القديمة ومنها واحد بارتفاع وعرض نحو متر.
كما تبرز في المتحف أدوات الحصاد وما يسمى بمناشل المياه والمداحل الحجرية ودواليب الطنابر الخشبية الكبيرة والمكاييل وآلات الخياطة القديمة والصناديق الخشبية الكبيرة المزركشة بالأصداف والزي الشعبي وسندان الإسكافي ومجموعة عملات سورية وعربية نقدية وورقية قديمة.
ولا يخلو المتحف المنزلي أبدا من الزوار، خاصة في أيام العطل، حيث يأتي إليه العديد من محبي التراث ليتعرفوا على تراثهم الشعبي، والأدوات التي كانوا يستعملونها، لأن الكثير من الأجيال الحالية لا تعرف عنها شيئا وقد تكون غربية وغير مألوفة لها.
وأعرب سالم العيد، وهو أحد الزوار، عن سعادته بهذا المتحف المنزلي التراثي الجميل، مبينا أنه كون انطباعا جميلا عن الحقب الزمنية التي سمع عنها واليوم اقترن الحديث بالرؤية.
وأشار العيد (45 عاما) إلى أنه “من النادر أن تجد شابا بهذا العمر مسكونا بهذا الحب للتراث والمحافظة عليه”، داعيا الشباب إلى زيارة المتحف للتعرف على تراث الأجداد والتعرف على بعض الأدوات التي كانوا يستخدمونها سابقا في الزراعة.
ويعرض سليم مقتنياته بطريقة فنية ملفتة للنظر تجعل الزائر يقف طويلا ويتأمل كل قطعة ليعود بذاكرته إلى الفترة الزمنية التي كانت تزدهر بها هذه القطع والأدوات.
ولفتت أمل (34 عاما) إلى أنها علمت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي بالمتحف، فقررت زيارته والتعرف على المحتويات التي يعرضها، متابعة “كنت أتصور أن المتحف عبارة عن قطع بسيطة وصور، لكن ما شاهدته أدهشني حقا، وأنا لأول مرة أتعرف على أشياء لا أعرفها، فهو يحمل على عاتقه حماية التراث وجمعه ليبقى ذاكرة لمن يود المعرفة”.
ويعمل سليم جاهدا للحصول على بعض القطع التراثية بشتى الوسائل والسبل، ويحاول أن يشتريها مهما كلفه ذلك من ثمن، ولا يدخر جهدا في الوصول إلى أي مكان بهدف شراء قطعة تراثية تعود إلى حقبة تاريخية معينة.
وشدد على أنه لا يسعى إلى الربح المادي، مؤكدا أنه يشتري مقتنياته لكي يحافظ على تاريخ الأجداد.