آفاق اقتصادية قاتمة.. تونس "ترقص على حافة بركان"

تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية يمكن أن يؤدي إلى نهاية الطريقة التي تمارس بها "الديمقراطية" في تونس.
الأحد 2020/10/25
استحقاقات مؤجلة

تواصل الدولة الواقعة في شمال أفريقيا مواجهة اقتصادها المتدهور في انحدار تشهده منذ 2011، بينما تبدو مؤهلاتها الديمقراطية رثة أكثر، ويتساءل عدد متزايد من الشباب التونسي عن الهدف من الديمقراطية مع بقاء الوظائف الشاغرة نادرة، والفساد متفشيا، والسياسة إلى مسرحية دمى.

ليست توقعات صندوق النقد الدولي الأخيرة بالنسبة لتونس مشجعة. ويتوقع أن يظل النمو الاقتصادي، باستثناء العام المقبل، أقل من 3 في المئة حتى 2025. وحسب ما قال الاقتصادي هاشمي علية، في تحليله الأخير لاقتصاد البلاد على إكويك، “ترقص تونس على حافة بركان يصعب التنبؤ بموعد ثورانه”.

ووجد استطلاع رأي نظّمه مركز الشباب العربي في 2020 أن 27 في المئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما في جميع أنحاء العالم العربي يفكرون في الهجرة. ويحاول 15 في المئة منهم القيام بذلك.

يعتقد أكثر من نصف المستجوبين التونسيين أن الاحتجاجات يمكن أن تحدث خلال العام المقبل. ويتوقع 40 في المئة أن تنتج عن الفساد (لاسيما بين النواب)، ويرى 29 في المئة أن مشكلة البطالة ستشعل الشرارة الأولى.

وبلغت نسبة البطالة 19.4 في المئة خلال الربع الثاني من السنة الحالية. وتعد معدلات البطالة أعلى بين الشباب وفي المناطق

النائية الأفقر، التي ثارت في 2011 وشهدت تراجع مستوى المعيشة فيها منذ ذلك الحين.

قلق من الوضع الاقتصادي
قلق من الوضع الاقتصادي

حسب هاشمي علية، يثير هذا “الانحدار الطويل والخطير” القلق لأن الإحصاءات لا تأخذ التداعيات الاقتصادية الكاملة للوباء الذي اجتاز تونس حتى الصيف في الاعتبار. وقد يؤدي الركود المزدوج في أوروبا، التي تنخرط تونس معها في معظم تجارتها، إلى زيادة الألم الاقتصادي. ويذكر أنّ وكالة التصنيف موديز أعلنت أنّها ثبتت تصنيف تونس عند “بي2” مع تغيير الآفاق إلى سلبيّة.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض الاقتصاد التونسي بنسبة 7 في المئة هذا العام وأن ينتعش بنسبة 4 في المئة العام المقبل وبنسبة

متواضعة تقدّربـ3 في المئة في السنوات التالية. وأيا كان ما يوصي به صندوق النقد الدولي لتونس في الأشهر المقبلة، فإنّ توصياته السابقة لم تُسمع حتى الآن. وانتشرت الديون بشكل كبير بسبب الارتفاع الهائل في عدد موظفي الخدمة المدنية والعاملين في المؤسسات شبه الحكومية. ولم تصبح تونس دولة أكثر تحرّرا اقتصاديا، بل العكس.

تضع مصالح الشركات الخاصة القائمة والنقابة العمالية الرئيسية (اتحاد الشغل) الحكومات في قبضة قوية، مما يجعل الإصلاحات مستحيلة. ولم تجلب الانتخابات الديمقراطية أي قادة سياسيين ذوي وزن أو شجاعة كافية لفرض هذه الإصلاحات اللازمة. فليس لكل من يحكم تونس أي مجال للمناورة. ومن هنا كانت الإشارة إلى البركان. فقد يطمع الشارع بتولي زمام الأمور في الأشهر المقبلة.

ترسم تونس على الأقل وهما مفاده أن الانتخابات الحرة تضمن سياسة اقتصادية أكثر حكمة ووظائف أكثر. وخلال العقد الماضي، غالبا ما جرت الإشادة في ندوات عبر البلدان الغربية بالدولة التونسية باعتبارها “الديمقراطية الوحيدة في العالم العربي”.

ويعتقد البعض اليوم أن تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية يمكن أن يؤدي إلى نهاية الطريقة التي تمارس بها “الديمقراطية” في تونس. فلا يمكن أن تصف كلمة “ديمقراطية” نظام حكم اللصوص (الكليبتوقراطية)، وإضعاف ما كان يوما خدمة مدنية شامخة، ومواقف سياسية مخزية بين الأحزاب التي تعتبر نفسها مشكّلة للديمقراطية الوحيدة في العالم العربي.

7