فلسطينية تبعث قناة على يوتيوب لذوي الإعاقات السمعية

غزة (فلسطين)- تنشط الفتاة الفلسطينية ربا زعرب عبر قناة شخصية على يوتيوب أسستها حديثا في محاولة لكسر حاجز الصمت لنظرائها من ذوي الاحتياجات السمعية.
وأسست زعرب البالغة من العمر 17 عاما قناتها بهدف التواصل مع الأطفال الصمّ في غزة وتوفير منصة متخصصة تعد الأولى من نوعها في القطاع سعيا للتخفيف من عزلتهم في ظل صعوبات دمجهم في المجتمع.
وتقول زعرب عبر مساعد لترجمة لغة الإشارة، إنها تخصص قناتها لتقديم محتوى منوع ومفيد مترجم إلى لغة الإشارة لإيجاد نافذة تواصل خاصة بذوي الاحتياجات السمعية.
ولم تتمكن زعرب بسبب إعاقاتها السمعية من مواكبة التعليم في المدارس التقليدية، فوجدت طريقها للتميز وإثبات قدراتها عبر منصة يوتيوب التي تعمل من خلالها على تحويل معلومات تثقيفية وقصص وأغان مسموعة إلى لغة الإشارة. وتقول إنها تستعين بشقيقتها لتصويرها عبر الهاتف المحمول ومن ثم تعمل على تحميل مقاطع الفيديوهات لجمهورها.
وتعاني زعرب منذ ولادتها من إعاقة سمعية، لكنها عملت على تطوير قدراتها الشخصية تدريجيا للتغلب على مصاعب الانخراط في الحياة الطبيعية وإثبات نفسها كحال الأصحاء في المجتمع.
وتشير إلى واقع معاناة ذوي الإعاقات السمعية في غزة من التمييز في المعاملة، ونتيجة لذلك يقعون ضحية للعزلة والبطالة وغالبا ما يصابون بالاكتئاب. كما يشعر الأطفال الصم بشكل خاص بأنهم منبوذون اجتماعيا بسبب إعاقتهم، ما دفعها للعمل على تحسين هذا الواقع.
وتوفر زعرب عبر قناتها التي تحظى بتفاعل متزايد، إمكانيات التعليم للأطفال الصم لدمجهم في المجتمع وتزويدهم بمعلومات متخصصة في مختلف مجالات الحياة.
ومن ذلك أنتجت مقطع فيديو لتثقيف الأطفال الصم حول جائحة فايروس كورونا المستجد تشرح فيه تدابير الوقاية اللازم اتباعها والأعراض الخاصة بالفايروس.
وتشير إلى أنها لاحظت غياب مواد متخصصة موجهة للأطفال الصم حول فايروس كورونا على الرغم من مخاطر انتشاره محليا، ما يزيد من ثقتها في تقديم محتوى مفيد للأطفال من ذوي الإعاقة السمعية.
إلا أن زعرب تشتكي من مواجهتها مصاعب ومعوقات يرتبط أغلبها بقلة الإمكانيات المادية لمواكبة التقنيات الحديثة لمساعدتها على توسيع دائرة جمهورها داخل قطاع غزة وخارجه.
وتشير إلى أنها تحلم بأن تصبح معلمة في المستقبل متخصصة في لغة الصم وتعليم اللغة الإنجليزية لنظرائها من ذوي الإعاقة السمعية.
ذوو الإعاقات السمعية يعانون من التمييز في المعاملة لذلك يقعون ضحية للعزلة وغالبا ما يصابون بالاكتئاب
وتقول مترجمة لغة الإشارة فاطمة حسين، المشرفة على تدريب وتأهيل زعرب، إنها تمتاز بقدرات عالية وشغف في التعلم والوصول إلى مراحل متقدمة في إيصال رسالتها وتوسيع جمهورها.
وزعرب طالبة بمدرسة “مصطفى صادق الرافعي”، وهي المدرسة الوحيدة لطلبة الثانوية في قطاع غزة التي تقدم خدماتها لنحو مئة وخمسين طالبا وطالبة من الصم وتمت تهيئة المرافق ومواءمة المناهج.
وتعتمد إدارة المدرسة على نظام التعليم المهني لتطوير القدرات الشخصية للطلبة من ذوي الإعاقة السمعية بما في ذلك تدريبهم وتطوير إمكانياتهم في مجال الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.
ويقول المعلم في المدرسة عبدالحميد فارس، إنهم انطلقوا أولا باعتماد التعليم النظري لكنهم وجدوا الكثير من الطلبة يواجهون صعوبة في التكيف، ما دفعهم إلى اعتماد التعليم المهني الذي يحظى باستجابة أفضل.
وهناك بعض التخصصات التي يلتحق بها الأصمّ والتي تتناسب مع قدراته في الجامعة الإسلامية في غزة، ولكن هذه التجربة تواجه صعوبات كبيرة.
ويقدر عدد ذوي الإعاقة السمعية من الصم في قطاع غزة بنحو 20 ألف شخص، فيما تشتكي المؤسسات القائمة على رعايتهم من نقص في الخدمات التعليمية والتأهيلية والمهنية لهذه الفئة.
كما تعاني تلك المؤسسات من قلة الدعم الحكومي والخاص في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ ما يزيد عن 13 عاما لاسيما في ظل حاجة الأصم إلى مصروفات كبيرة تشمل التأهيل السمعي وتركيب سماعات وغير ذلك.
ويقول مسؤولون محليون في غزة، إن أغلب الصم في قطاع غزة يعانون من البطالة وعدم توفير فرص عمل لهم ويعيشون على المعونات أو يعتمدون على أسرهم في إعالتهم.
كما أن هناك صعوبة يواجهها الأصم في عملية الدمج المجتمعي، تتمثل في عدم معرفة المجتمع بأساليب الاتصال والتواصل مع الصم، وعدم معرفتهم بلغة الإشارة.
وتعدّ جمعية “أطفالنا للصم” التي تأسست عام 1992، المؤسسة غير الحكومية الوحيدة التي تتخصص في تعليم الصم من مختلف الأعمار، وتقدم لهم خدمات مختلفة.
ويقول المسؤول الإداري في الجمعية هاشم غزال، إن الجمعية نجحت في مساعدة الآلاف من الأطفال من ذوي الإعاقة السمعية في قطاع غزة، عبر ما تقدمه من دروس مختلفة للصم، وجلسات لتقوية السمع ومعالجة مشاكل النطق.
ويشير غزال إلى أن الجمعية تضم كذلك مقهى خاصا يوظف الصم فقط، ومتجرا لبيع الأشغال اليدوية التي يصنعها الحرفيون الصم بغرض تعزيز واقع دمجهم في المجتمع.
ويطالب القائمون على مؤسسات رعاية ذوي الإعاقة السمعية بضرورة سن القوانين والتشريعات التي تمكنهم من العمل والالتحاق بالوظائف العامة، وتوفير أماكن ملائمة تلبي حاجاتهم ورغباتهم بهدف الدمج المجتمعي وتحسين واقع وظروف ذوي الإعاقات في القطاع.