شباب العالم يعودن إلى الاحتجاجات على تغير المناخ

البلدان ذات المستويات الأعلى من الانبعاثات لا تتخلف فقط عن تنفيذ خططها ولكنها تتخذ أيضا تدابير من شأنها أن تعيد العمل المناخي إلى الوراء.
السبت 2020/09/26
سنعود الأسبوع المقبل والشهر المقبل والعام المقبل

أمام تزايد ظاهرة الاحتباس الحراري ولقاء قادة العالم للتشاور في هذه القضية المثيرة للجدل، يعود الشباب في دول العالم إلى الاحتجاج على تقاعس رجالات القرار في اتخاذ موقف ثابت من قضية المناخ التي تؤرق هؤلاء الشباب وتجعلهم يخشون على مستقبل الأرض.

بروكسل- نظم شباب من أنحاء العالم الجمعة مسيرات للمطالبة بتحرك عاجل لوقف التغير المناخي، في أول فعالية شبابية عالمية خلال جائحة كورونا.

وفي ظل حالة الفوضى التي تجتاح العالم بسبب الطقس بالغ السوء، من حرائق غابات مستعرة في الغرب الأميركي إلى موجات حرارة غير مألوفة بالمنطقة القطبية في سيبيريا إلى فيضانات قياسية في الصين، قال منظمو المسيرات إن الاحتجاجات ستكون تذكرة للسياسيين بأن أزمة المناخ لا تزال قائمة على الرغم من تركيز العالم على جائحة كورونا.

قالت منظمة العفو الدولية قبيل هذه الاحتجاجات الشبابية، إن على قادة العالم أن يتوقفوا عن استخدام انتشار فايروس كورونا كذريعة لتأخير اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة أزمة المناخ أو المخاطرة بخذلان الأطفال والأجيال القادمة أكثر فأكثر.

واعتُبر تغيير المناخ إحدى أهم القضايا في عصرنا في دراسة استقصائية شملت أكثر من عشرة آلاف شاب وشابة نشرتها منظمة العفو الدولية قبل أشهر فقط من أن يقلب تفشي فايروس كورونا العالم رأسا على عقب.

الفقراء أكثر المتضررين
الفقراء أكثر المتضررين

وانطلقت الاحتجاجات التي تنظم في أكثر من 3100 موقع أولا من أستراليا واليابان وفيجي. وقام الجانب الأكبر من الحدث عبر الإنترنت نظرا لأن القيود المفروضة لمكافحة الجائحة تحد من حجم المشاركين.

هذه الاحتجاجات بعيدة كل البعد عن التجمعات والإضرابات المدرسية التي شهدها سبتمبر 2019، عندما خرج مئات الآلاف من الأشخاص إلى الشوارع في العديد من الدول بأنحاء العالم.

وفي ستوكهولم تجمع عدد من أعضاء حركة فرايدايز فور فيوتشر (أيام جمعة من أجل المستقبل) من بينهم غريتا تونبري أمام البرلمان.

وكتبت تونبري على تويتر الخميس إن المضربين “سيعودون في الأسبوع المقبل وفي الشهر المقبل وفي العام المقبل.. مهما استغرق الأمر”.

وفي ألمانيا أعرب وزير الاقتصاد بيتر ألتماير عن اعتقاده بأن المظاهرات التي تنظمها حركة “أيام الجمعة من أجل المستقبل” لحماية المناخ مناسبة وصحيحة.

وقال ألتماير صباح الجمعة “هذا الموضوع مدرج على جدول الأعمال… أمامنا في ألمانيا تحول هائل طويل الأمد، وإذا لم يكن من الممكن جعل كل هذه الصناعات محايدة مناخيا، فلن تكون قادرة على العمل بنجاح على المدى الطويل”.

خروجنا إلى الشوارع اليوم ضد سياسة تحمي الفحم بدلا من المستقبل، ومن أجل هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض عن 1.5 درجة مئوية
خروجنا إلى الشوارع اليوم ضد سياسة تحمي الفحم بدلا من المستقبل، ومن أجل هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض عن 1.5 درجة مئوية

وكتبت الناشطة الألمانية في مجال حماية المناخ لويزا نويباور إلى ألتماير على تويتر “بالضبط، ولأن الكلمات الدافئة لا تقلل من الانبعاثات اليوم، فإننا نخرج إلى الشوارع اليوم ضد سياسة تحمي الفحم بدلا من المستقبل، ومن أجل عدالة مناخية وهدف الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض عن 1.5 درجة مئوية”.

وقالت الناشطة ميتزي جونيل تان البالغة من العمر 22 عاما والعضو بحركة فرايدايز فور فيوتشر بالفلبين، إن حكومتها تفشل في حماية الشعب من أزمة المناخ ومن أزمة كورونا.

وقالت إن الحكومة “ما زالت تعطي الأولوية للأغنياء على الفقراء، ما زالت تأبى الاستماع لصوت العلم”.

ويؤثر تغير المناخ بشكل خاص على الأشخاص المحرومين أصلا أو الذين يواجهون التمييز، مما يعمق انعدام المساوات والظلم القائم. الأطفال الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وخاصة أولئك الأكثر تهميشا، معرضون بشكل خاص للآثار الصحية لتغير المناخ، من سوء التغذية بسبب التغيرات في نوعية المحاصيل إلى الأمراض التي ينقلها البعوض مثل الملاريا والموت نتيجة موجات الحر.

وفي أستراليا شارك الآلاف من الطلاب في نحو 500 تجمع صغير واحتجاجات على الإنترنت للمطالبة بالاستثمار في الطاقة المتجددة ومعارضة تمويل مشروعات الغاز.

مناخ

وطلب المنظمون من الناس نشر صور على مواقع التواصل الاجتماعي والمشاركة في اتصال عالمي لمدة 24 ساعة عبر برنامج زووم لاتصالات الفيديو على الإنترنت، في حين سيلتزم المشاركون في مسيرات في الشوارع بالقواعد المحلية بشأن عدد المشاركين والتباعد الاجتماعي.

وقالت فيرونيكا هيستر (17 عاما) وهي منظمة الاحتجاج في سيدني، “لم تعقنا الجائحة”. وتم تنظيم أكثر من 500 فعالية من قبل مجموعات محدودة تتألف من 20 شخصا في مواقع بجميع أنحاء أستراليا إلى جانب فعاليات إلكترونية أخرى.

وهتفت مجموعة من الشباب “الشباب ينهض.. لا مساومة بعد الآن”. وقال متظاهرون إن الرسالة الموجهة إلى رئيس الوزراء سكوت موريسون هي الاستثمار في الطاقة النظيفة.

وتأتي هذه الاحتجاجات بعد عام على إضرابين عالميين كبيرين شهدا نزول ما يربو على ستة ملايين نسمة إلى الشوارع فيما وصفه المنظمون بأنه أكبر تعبئة في التاريخ من أجل المناخ.

وركزت احتجاجات الجمعة على التضامن مع “الشعوب والمناطق الأكثر تضررا” وهي المجتمعات التي لا تساهم بقدر يذكر من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لكنها على الخطوط الأمامية لتهديدات المناخ المدمرة مثل الفيضانات وارتفاع منسوب مياه البحر واجتياح الجراد.

نحتاج إلى كوكب نظيف
نحتاج إلى كوكب نظيف

وتعتزم الأمم المتحدة وبريطانيا استضافة قمة للمناخ عبر الإنترنت في ديسمبر المقبل، في الذكرى السنوية الخامسة لاتفاق باريس للمناخ التابع للأمم المتحدة، وذلك في محاولة أخيرة لحمل الدول على الوفاء بالموعد النهائي لرفع مستوى تعهداتها بخفض الانبعاثات.

وتهدف القمة إلى تعزيز الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، بعدما تم تأجيل القمة التي كان من المزمع عقدها هذا العام في غلاسكو لمدة عام بسبب جائحة فايروس كورونا.

وتعهد نحو 200 من الموقعين على اتفاق باريس بتحديث التزاماتهم لعام 2015 قبل نهاية عام 2020، لكن لم يقدم أي مصدر كبير للانبعاثات تعهدات جديدة رسميا للأمم المتحدة.

ويشير الوضع الحالي إلى أن العديد من البلدان الغنية صاحبة التاريخ الطويل في تأجيج تغير المناخ والدول ذات المستويات الأعلى من الانبعاثات لا تتخلف فقط عن تنفيذ خططها، ولكنها تتخذ أيضا تدابير من شأنها أن تعيد العمل المناخي إلى الوراء عدة سنوات.

وفي الرابع من نوفمبر القادم ستصبح الولايات المتحدة الدولة الوحيدة الموقعة التي تنسحب من الاتفاق بعدما أعلن الرئيس دونالد ترامب عزمه الانسحاب منه في عامه الأول في الرئاسة.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الخميس إن بريطانيا تبذل قصارى جهدها لرفع مستوى تعهدها في باريس بشأن المناخ، لكنه لم يحدد موعدا لذلك.

17