الغضب من العنصرية يهدد حلم ترامب بولاية رئاسية جديدة

كينوشا (الولايات المتحدة)- أجّجت إصابة الأميركي الأفريقي جايكوب بليك بجروح برصاص أطلقه شرطي أبيض في الولايات المتحدة الغضب ضد العنصرية الذي غذى حركة مقاطعة في عالم الرياضة ويبدو في طريقه للوصول إلى العاصمة الفيدرالية، ومن شأن عودة الاحتجاجات الغاضبة أن تضعف حظوظ الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع اقتراب السباق إلى البيت الأبيض لصالح خصمه الديمقراطي جو بايدن.
وشارك عشرات الآلاف من الأشخاص الجمعة في واشنطن في تظاهرة نظمت في يوم رمزي هو ذكرى الخطاب الشهير لزعيم حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ “لدي حلم”.
وتحت شعار “ارفعوا ركبتكم عن أعناقنا”، تشير التظاهرة إلى جورج فلويد الأميركي الأفريقي الذي مات اختناقا تحت ركبة شرطي أبيض في 25 مايو في مدينة مينيابوليس وأدت وفاته إلى حركة احتجاج غير مسبوقة منذ عقود في الولايات المتحدة.
وبينما كانت حركة التعبئة تضعف، عادت قضية جايكوب بليك لتؤججها الأحد في مدينة كينوشا قرب منطقة البحيرات الكبرى. وأصيب رب العائلة البالغ من العمر 29 عاما برصاصات عدة في الظهر أطلقها عن قرب شرطي أبيض، أمام أعين أبنائه الثلاثة. وقال محاميه إنه سيبقى مشلولا.
ويعلق الصحافي البريطاني جوناثان جورنال عن عودة الاحتجاجات المناهضة للعنصرية بقوة بالقول إن “التاريخ يتسم بالتعقيد بشأن العنصرية ضد السود كما أنه غالبا ما يكون مزعجا، ومن السهل الإفراط في تبسيط التاريخ واستغلاله لخدمة القضايا المعاصرة، لكن هذا الأسلوب يتسم بالفشل على المدى الطويل، ولو أردنا إدراك الحقيقة يجب أن ننظر إلى الصورة من جميع الزوايا، وألا نهتم فقط ببعض التفاصيل المعينة”.
وتابع “إذا ما فشلنا في إدراك هذا الأمر، فلن نستطيع تحديد درجة ابتعادنا عن الإنسانية، والأهم هو أننا سنجهل العمل الذي يجب علينا القيام به في المستقبل”.
وفاقم قرار إقالة الشرطي الأبيض روستن شيسكي دون أن يتم توقيفه أو اتهامه الشعور بالظلم. واعتبر الناطق باسم الأمم المتحدة روبرت كولفيل الجمعة أن قضية جايكوب بليك تؤكد ضرورة استئصال العنصرية داخل الشرطة الأميركية.
وبعد هذه المأساة، تراجع التوتر الخميس في كينوشا. وقد جاء القس جيسي جاكسون إحدى أهم الشخصيات الأميركية الأفريقية، للتحدث عن فضائل العمل السلمي، بينما خط فنانون رسائل تصالحية على جدران، وحتى الشرطة المحلية أشادت بموقف المتظاهرين.
وأكد رئيس شرطة المنطقة ديفيد بيث في مؤتمر صحافي أن “الأجواء تغيرت جذريا” مقارنة بالليالي السابقة، حيث لم يتبق سوى بضع مئات من المتظاهرين الذين ساروا بطريقة سلمية.
ومع ذلك، تواصل اتساع نطاق الغضب في عالم الرياضة. فبعد قرار عدد من لاعبي كرة السلة في فريق ميلووكي باكس مقاطعة مباراة، اضطر الدوري الأميركي للمحترفين في كرة السلة لأن يلغي لقاءات عدة الأربعاء والخميس، لكنه عبر عن أمله في استئناف المباريات الجمعة أو السبت.
أما لاعبة التنس اليابانية ناومي أوساكا فقد رفضت المشاركة في دورة نصف النهائي في سينسيناتي التي أرجأ المنظمون كل مبارياتها المقررة الخميس ليوم واحد. كما تم تأجيل مباريات لكرة القدم والبيسبول.
وقال نجم فريق الليكرز لكرة السلة ليبرون جيمس في تغريدة على تويتر الخميس إن “التغيير لا يحدث بالكلام فقط! إنه يحدث بالعمل ويجب أن يحدث الآن”، مرددا شعار “حياة السود مهمة”.
وسخر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يتبنى خطابا حازما على أمل الفوز بولاية رئاسية ثانية من “التابعين السيئين جدا” لدوري كرة السلة الذي اتهمه بأنه “منظمة سياسية”. ودون أن يذكر كلمة واحدة من أجل جايكوب بليك، شدد الرئيس حتى الآن على أعمال العنف التي وقعت على هامش التظاهرات وأكد أنه لن يسمح “بالفوضى في الشوارع الأميركية”.
وقبل ترامب مساء الخميس ترشيح حزبه الجمهوري للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في الثالث من نوفمبر، وقدم نفسه على أنه المدافع عن “القانون والنظام” في مواجهة الديمقراطي جو بايدن.
وقال الرئيس الأميركي “إذا كان الحزب الديمقراطي يريد الوقوف في صف الفوضويين ومثيري الشغب والاضطرابات ومرتكبي عمليات النهب وإحراق الأعلام، فهذه مشكلته، لكنني كرئيس أرفض ذلك”.
ورد المرشح الديمقراطي جو بايدن الذي يتهمه الرئيس بالتساهل، قائلا إن “كل ما تفعله الحكومة هو صب الزيت على النار”، متهما ترامب بأنه “يريد شغل الانتباه” عن الإدارة السيئة لوباء كوفيد – 19.
أما السيناتورة السوداء كامالا هاريس التي اختارها بايدن لتكون مرشحة لمنصب نائب الرئيس، فقد دعت إلى عدم الخلط بين المتظاهرين السلميين والذين يقومون بأعمال عنف. وبينما يدعو الرئيس باستمرار الأميركيين إلى الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم، قالت هاريس “لنكن واضحين، لن نسمح للميليشيات والمتطرفين بإخراج قطار العدالة عن سكته”.