متحف الفن الحديث في نيويورك ينفض غبار كورونا ويفتح أبوابه للجمهور

نيويورك تعتمد استراتيجية حذرة جدا لاستعادة نشاطها بسبب فايروس كورونا المستجد الذي أبعد السياح من هذه المدينة وأفرغ أحياء الأعمال في مانهاتن.
الجمعة 2020/08/28
إجراءات وقائية شديدة للأستمتاع بالفنون في نيويورك

في زمن انتشار جائحة كورونا وقرار الحجر الصحي ساد الصمت في ممرات المتاحف في شتى أنحاء العالم، ولجأ البعض منها إلى الزيارات الافتراضية، لكن بعد أشهر من الكساد قررت العديد من هذه المتاحف العودة إلى النشاط كما فعلت متاحف نيويورك وسط إجراءات صحية صارمة ومحدودية الزائرين في الأسابيع الأولى من الافتتاح.

نيويورك ـ استعاد متحف الفن الحديث في نيويورك نشاطه وفتح أبوابه أمام الجمهور الخميس ليحذو بذلك حذو متحفي متروبوليتان وويتني، في دليل على أن عاصمة الولايات المتحدة الثقافية والاقتصادية تستعيد بعضا من حيويتها بعد 5 أشهر من الشلل جراء وباء كورونا.

وفتح المتحف باب الحجوزات عبر الإنترنت أيام الجمعة اعتبارا من 21 أغسطس وكان الحضور لافتا بعد أشهر من الإغلاق، وسبق للمتحف أن أغلق أبوابه 4 أشهر في 2019 لإجراء أعمال ترميم.

وبدأت الزيارات مجانية في اليوم الأول وستستمر خلال الشهر الأول من الافتتاح، أما القدرة الاستيعابية، فستكون محدودة تماشيا مع التعليمات الصادرة عن حاكم ولاية نيويورك الذي أعلن الأسبوع الماضي أن المتاحف وصالات العرض الفنية يمكنها إعادة فتح أبوابها اعتبارا من   أغسطس مع قدرة استيعابية محدودة.

واعتمدت نيويورك استراتيجية حذرة جدا لاستعادة نشاطها بسبب فايروس كورونا المستجد الذي أبعد السياح من هذه المدينة وأفرغ أحياء الأعمال في مانهاتن.

وقال حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو، في تغريدة على تويتر، “إن المتاحف والمؤسسات الثقافية في المدينة ستفتح أبوابها للجمهور، مع اتخاذ الاحتياطات المتمثلة في نسبة إشغال 25 في المئة، وحجز التذاكر بموعد، والإعداد للدخول بشكل مسبق، والالتزام بارتداء الكمامات، والسيطرة على حركة المرور”.

وأغلقت جائحة كورونا ما يزيد عن 179 متحفا حول العالم بعد قرار  دخول قرارات الحجر الصحي حيز التنفيذ في دول عدة، وواجهت مصاعب اقتصادية هددت الكادر العامل في هذه المتاحف بالبطالة.

عودة الحياة إلى المتاحف
عودة الحياة إلى المتاحف

ولجأت العديد منها إلى توفير خاصية التجول الافتراضي في أروقتها، والتعرف إلى مقتنياتها الثمينة باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي. وساهمت هذه الجولات عن بعد في الحد من العزلة التي فرضها الحجر الصحي وما خلفه من قلق نفسي، كما ساهمت في الترويج للوحاتها ومقتنياتها.

ويعرف متحف الفن الحديث الذي يقع في مدينة مانهاتن اختصارا بـ”موم”، وهو يعتبر إلى حد كبير الأكثر تأثيرا في الفن بالعالم، فمعروضات المتحف جميعها لا مثيل لها في الفن الحديث والمعاصر، بما في ذلك أعمال العمارة والرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي والكتب والأفلام.

وخضع المتحف النيويوركي الشهير الكائن في قلب مانهاتن السنة الماضية إلى عملية توسعة كبيرة، نظرا إلى أن قاعاته أصبحت مكتظة تماما بزواره الذين يصل عددهم سنويا إلى ثلاثة ملايين شخص من 50 دولة، ويحرصون على متابعة أنشطته ومعارضه الدائمة والمتنقلة.

وكانت صفوف الزوار تمتد من الداخل إلى الشوارع المجاورة، فضلا عن أن ضوضاء بعض الزوار كانت تحول دون استمتاع باقي جمهور المتحف بالأعمال الفنية.

جدير بالذكر أن نيويورك تشهد منافسة عنيفة في ما يتعلق بالفنون، وهذا يجعل الكثير من الزوار المهمين يغيرون وجهتهم وينصرفون دون تردد إلى متاحف أخرى عريقة مثل جوجنهايم أو المتروبوليتان، ومن ثم كان يتعين على متحف الفن الحديث بنيويورك القيام بشيء لاستعادة رونقه.

علما أنه قبل 15 عاما فقط، قام المعماري الياباني يوشيو تانيجوتشي بعملية توسعة ضاعفت مساحة المسطح الداخلي للمتحف، إلا أنه سرعان ما ضاقت المساحة الجديدة بعد التوسعة بالزائرين.

وفي السنة الماضية قام المعماريان ريكاردو سكوفيديو وليز ديلر بتوسيع المتحف من خلال إضافة مبنى جديد، وهذا يترجم بالأرقام إلى 3700 متر مربع إضافية للمعارض.

المتاحف تفتح أبوابها مجددا للجمهور، مع اتخاذ الاحتياطات المتمثلة في نسبة إشغال 25 في المئة، وحجز التذاكر بموعد والالتزام بارتداء الكمامات

وبلغت تكلفة مشروع التوسعة أكثر من 400 مليون دولار (358 مليون يورو). لكن المشكلة لم تكن في الحصول على مساحة أكبر فحسب، ولكن أيضا في تحسين المحتوى. وقد انتهز المتحف هذه الفرصة لإنجاز عملية تجديد شاملة.

يذكر أن متحف نيويورك للفن الحديث كان يركز على الأعمال الغربية منذ أواخر القرن التاسع عشر والعشرين، ومن هذا المنطلق يعتبر واحدا من أكثر المتاحف شهرة في العالم. وكان يتم عرض الأعمال حسب الترتيب الزمني وخطيا، وكأن الأمر يتعلق بعرض سياق متسلسل لإبراز تطور الأساليب الفنية.

وكأن القائمين على الترميم والتجديد أرادوا أن تكون العملية ثورة شاملة. يضفي التصميم المعماري الجديد شعورا بالمزيد من الانفتاح ويدعو إلى المزيد من الانطلاق والتجول على غير هدى بين القاعات. بصرف النظر عن اللوحات والتصميم، يمكنك في كل مكان أن ترى أن هناك المزيد من المنحوتات والصور الفوتوغرافية والسينمائية أو الأعمال الفنية، وعلاوة على كل ذلك، هناك أعمال فنية كثيرة لنساء ولاتينيين وآسيويين وأفروأميركيين.

وتحتضن مدينة نيويورك عددا من المتاحف إلى جانب متحف الفن الحديث، من أهمها متحف المتروبوليتان للفنون الذي قرر تسريح 79 موظفا، وأوقف مؤقتا 181 آخرين، نظرا لتكبده عجزا بقيمة 150 مليون دولار، قبل أن يعيد افتتاحه، وهناك المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي، المتحف الوطني للهنود الأميركيين، متحف ويتني للفنون الأميركية، متحف مدينة نيويورك.

20