مومياوات ملوك مصر القدامى تستقر في متحف الحضارة

موكب احتفالي لنقل توابيت الفراعنة من ميدان التحرير إلى منطقة الفسطاط.
الجمعة 2020/08/28
سيلفي معاصر مع محنطات فرعونية

تستعد مومياوات ملوك الفراعنة للانتقال من متحف ساحة الميدان المكتظة إلى ضفاف بحيرة في منطقة الفسطاط التي تجري عملية تطويرها على قدم وساق لتدخل متحف الحضارة الجديد؛ مقرها الدائم، في موكب احتفالي ضخم يليق بها، وستكون هذه النقلة فاتحة جديدة للسياحة الثقافية التي تستقطب العديد من عشاق الحضارة الفرعونية من مختلف أنحاء العالم.

الأقصر (مصر) – تستعد وزارة السياحة والآثار بمصر لنقل مومياوات ملوك مصر القديمة، من المتحف المصري في ميدان التحرير وسط العاصمة القاهرة، إلى متحف الحضارة في منطقة الفسطاط.

وبحسب بيان للوزارة فإن عملية النقل ستتم في موكب احتفالي ضخم، لتستقر في متحف الحضارة الجديد، وقال مصطفى وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار “إن الوزارة أوشكت على الانتهاء من تزيين مسار الموكب المهيب، الذي سيمر وسط القاهرة إلى منطقة الفسطاط في مصر القديمة”. وأوضح أن المومياوات التي سيتم نقلها، تضم 22 ملكا وملكة من أشهر ملوك الفراعنة، وقد ظلت محفوظة في المتحف المصري منذ اكتشافها قبل 140 عاما.

وأوضح الأمين العام أن الموكب يضم المركبات المصفحة التي ستقل كل عربة منها مومياء ملكية، وتتصدره عجلات حربية تجرها الخيول، ويرتدي قائد كل عجلة حربية الزي الفرعوني الذي تم الانتهاء من تصميمه.

ومن بين المومياوات التي يجري العمل على نقلها مومياء للملك رمسيس الثاني ومومياء للملك سقنن رع، ومومياء للملك تحتمس الثالث، ومومياء للملك سيتي الأول، ومومياء للملكة حتشبسوت، ومومياء للملكة ميرت آمون، زوجة الملك أمنحتب الأول، ومومياء للملكة أحمس نفرتاري، زوجة الملك أحمس، ولكل مومياء ملكية في مصر القديمة تاريخ من السحر والغموض.

وكانت وزارة السياحة والآثار بمصر، قد تمكنت من نقل سبعة عشر تابوتا ملكيا من متحف التحرير، إلى متحف الحضارة، وسط إجراءات أمن مشددة، حيث خضعت التوابيت الملكية لأعمال ترميم دقيق تمهيدا لعرضها ضمن مقتنيات المتحف، بجانب الـ22 مومياء التي ستترك مكانها بمتحف التحرير لتعرض بمتحف الحضارة قريبا.

لكل تابوت سحره
لكل تابوت سحره

ويرجع تاريخ مجموعة المومياوات والتوابيت التي تنقل من متحف التحرير في وسط القاهرة، إلى متحف الحضارة بالفسطاط، إلى قرابة ثلاثة آلاف عام أو يزيد، حيث حظيت التوابيت بأهمية كبيرة في مصر القديمة، وكانت التوابيت مهمة لدفن الأموات.

وكما يقول عالم المصريات منصور النوبي، فإن التابوت كان يجهز لحماية أجساد الموتى من رمال الصحراء، وقد أقيمت التوابيت للملوك وللأفراد أيضا، في مصر القديمة.

النوبي أشار إلى أن التابوت كان يختلف من عصر إلى عصر، كما تختلف التوابيت بحسب الثروة والمكانة الاجتماعية للمتوفى.

وكما كانت هناك توابيت تُخبرنا بثراء صاحبها، فقد كانت هناك وخلال كل العصور المصرية القديمة، توابيت بسيطة مكونة من أربعة ألواح خشبية، ومن قدور الفخار والحصير أيضا لكنها كانت مخصصة للفقراء.

وفي الدولة القديمة، وكما يروي منصور النوبي، فقد اتخذ التابوت شكل “حوض ضخم من الحجر”، وبجوانب مستقيمة عليها نقوش تحاكي تلك النقوش التي كانت على المقابر ذات البوابات التي تواكب بوابات القصور، وفي الدولة القديمة عمّ استخدام الناس لتوابيت خشبية بسيطة، تزينها أعمدة من النصوص الجنائزية التي عرفها قدماء المصريين.

وتعد التوابيت المصرية القديمة تاريخا ناطقا يروي جزءا مهما من ثنائية الموت والحياة لدى قدماء المصريين، بجانب المومياوات التي حرصوا على حفظها وتحنيطها.

وبحسب كتب المصريات، فإن التوابيت التي وجدت على هيئة المومياء، والمزودة بقناع يصور ملامح الوجه، وهي مزخرفة بشكل فيه الكثير من البذخ وعليها نصوص من كتاب الموتى، هي توابيت تعود إلى عصر الدولة الحديثة، وهو ذات العصر الذي وضع فيه الملوك، بعد موتهم، في توابيت مرتبة واحدا تلو الآخر، ومصنوعة من الذهب أو الفضة ومرصعة بالأحجار الكريمة.

التوابيت والمومياوات المصرية القديمة تعدّ تاريخا ناطقا يروي جزءا مهما من ثنائية الموت والحياة لدى قدماء المصريين

وهناك أيضا توابيت قد تكون أقل جمالا وأقل زخرفة، وكانت تلك التوابيت ذات أعمدة في الأركان، وأغلفة من أوراق البردي.

ومن بين التوابيت المعروفة لدى الآثاريين وعلماء المصريات، بجانب تابوت الفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون، هناك تابوت لآخر ملكة تولت الحكم في مصر القديمة، وهي الملكة “تاوسرت” زوجة الملك سيتي الثاني.

وقال عالم الآثار المصري علي رضا، مدير منطقة مقابر وادي الملوك غربي مدينة الأقصر، “إن التابوت أتيح لزوار متحف الأقصر للآثار المصرية القديمة، وكانت رؤيته للمرة الأولى، قبيل قرابة العام، بعد أن جرى نقله من منطقة وادي الغنية بمقابر ملوك مصر القديمة ليعرض ضمن مقتنيات المتحف المطل على نهر النيل الخالد”.

وحول قصة ذلك التابوت، أشار رضا إلى أن التابوت عثر عليه عالم المصريات الألماني التن مولر داخل مقبرة الملك باي، والموجودة بالقرب من مقبرة الملكة تاوسرت، ويبلغ طول التابوت 280 سم وعرضه 120 سم وارتفاعه 150 سم ويزن 6 أطنان، وهو مصنوع من الجرانيت الوردي ومزين بمجموعة من الرسومات التي تصور الأربعة آلهات الحاميات وأبناء حورس الأربعة بالإضافة إلى نقوش الدعوات والصلوات للمتوفى.

وبحسب المدير العام لمكتبة الأقصر العامة بصعيد مصر محمد عباس، فإن الموكب المقرر إقامته لنقل المومياوات الملكية من المتحف المصري في ميدان التحرير، إلى متحف الحضارة بمنطقة الفسطاط ليس جديدا، وأشار إلى أن موكبا جنائزيا شبيها شهدته مدينة الأقصر قبل قرابة 140 عاما، حين جرى نقل مومياوات خبيئة الدير البحري غربي الأقصر، في موكب جنائزي على مراكب في نهر النيل.

وكانت خبيئة الدير البحري تضم مجموعة من أهم مومياوات ملوك مصر القديمة، خلال عصر الدولة الحديثة.

وليس ببعيد عن الدير البحري، تمكنت البعثة الأثرية المصرية العاملة في منطقة العساسيف، برئاسة  مصطفى وزيري أمين عام المجلس الأعلى للآثار المصرية، نهاية العام الماضي 2019، من اكتشاف خبيئة ضمت 30 تابوتا مصريا قديما.

ومن المعروف أن قدماء المصريين قد عرفوا تحنيط أجساد الموتى منذ أوائل عصر الدولة القديمة، كما عرفوا التوابيت لحفظ مومياوات موتاهم بعد تحنيطها وحفظها في لفائف من الكتان.

20