سخاء النخلة يبهج العمانيين في موسم القيظ

تفشي فايروس كورونا يؤثر على التجار الذين اعتادوا على تسويق أجود أنواع الرطب في دول الخليج.
الاثنين 2020/06/22
شجرة الخير

في الوقت الذي يشتكي فيه أغلب سكان الوطن العربي من حرارة الصيف ينتظر العمانيون، وخاصة المزارعون منهم، هذا الفصل بفارغ الصبر لأنه موسم نشاطهم الاقتصادي. ويبدأ عندهم بظهور تباشير أنواع مختلفة من الرطب وخاصة  النغال أحد أهم أنواع التمور وأغلاها ثمنا في أول الموسم.

مسقط – لموسم الصيف الذي يعرف محليا بـ”القيظ” طعم فريد وميزة خاصة منذ قديم الزمان في سلطنة عمان، تتمثل في ظهور تباشير أنواع مختلفة من الرطب أبرزها “النغال”.

ويعتبر موسم القيظ في السلطنة أحد المواسم الاقتصادية التي ينتظرها المزارعون سنويا بعد عناء واهتمام بالنخلة خلال عام زراعي كامل. ويبدأ موسم القيظ بنهاية شهر مايو ويستمر حتى شهر سبتمبر، ويتواصل أحيانًا حتى شهر نوفمبر وبشكل متتابع حسب نوع النخلة.

وتعتبر ولاية دما والطائيين (150 كيلومتراً شرق مسقط)، أول منطقة تظهر فيها تباشير الرطب في العالم العربي، نظراً لدرجة الحرارة المثلى والبيئة الأكثر التصاقاً بالجبال، حيث تسهم الحرارة في سرعة تحول البسر، أولى مراحل ثمرة النخيل إلى رطب.

يقول  عامر بن سعيد النافعي من سكان دماء والطائيين، “إن الحركة الاقتصادية في موسم القيظ تختلف عن بقية شهور السنة نظرا لأن الكل ينتظر هذا الموسم، والتجار يتهافتون على الشراء من قبل المزارعين وملاك النخيل الذين يزرعون نخلة النغال”.

وأضاف، “تتميز ولاية دماء والطائيين بتباشير القيظ المبكرة في السلطنة وتشتهر بنخلة النغال التي تباع بالحبة ويحصد المواطنون عائدا اقتصاديا جيدا لأن سعر الكيلوغرام من الرطب يكون غالي الثمن في بداية موسم تباشير القيظ”.

ويشير إلى أن نخلة واحدة من صنف النغال يباع ثمرها قبل قطافه ونضوجه وهي تحمل ما بين ستة إلى ثمانية عذوق، بسعر أكثر من خمسة آلاف دولار.

ويبلغ متوسط إنتاج نخلة النغال حوالي 32.5 كيلوغرام. ويقول، “نبدأ تلقيح نخلة النغال نهاية نوفمبر وبداية ديسمبر، ونجني الرطب بعد خمسة أشهر، لكن تباشير الرطب لا تبدأ في كل قرى وادي دما والطائيين، إنما في بعضها، أي الأكثر حرارة والأقرب إلى الجبال العالية في الأودية، وبعد أسابيع يتم جنيها في باقي ولايات السلطنة”.

 

التمور تعيد الحركة للأسواق
التمور تعيد الحركة للأسواق

ويقول التاجر أحمد النيري المنهمك في ترتيب حبات الرطب من صنف نغال باللون العسلي والحلاوة المتوسطة، إنه كان يبيعها في الإمارات بأسعار تضاهي ثمن الكافيار، لكن فايروس كورونا أثّر على التجار الذين اعتادوا على تسويق الرطب في دول الخليج.

وعن القرى التي تبكر بالإنتاج يقول عامر النافعي إن الإنتاج المبكر من نخلة النغال يكون في قرى “سوط والغبرة والبيض والعرجلي”، كما تتم زراعة عدة أصناف وأنواع من النخيل كنخلة النغال والبرني والفرض والبونارنجة والخشكار والهلالي والقدمي والصلاني، كما توجد نخلة المزناج وقش بطاش في بعض ولايات السلطنة وتتميز بلونها الأحمر والمائل إلى العنابي وتأتي مبكرا أيضا.

ومن المناطق التي تشتهر بتباشير القيظ ولايات وادي بني خالد وبدية في محافظة شمال الشرقية والكامل والوافي وصور في محافظة جنوب الشرقية ومنطقة قريات بمحافظة مسقط والتي يقوم المزارعون فيها بزراعة أنواع مختلفة كالصلاني والقدمي والنغال والمزناج وقش بطاش والمنحي وكذلك “الفرض والخنيزي” بمنطقة سمائل بمحافظة الداخلية.

تتميز ولاية دماء والطائيين بتباشير القيظ المبكرة في عمان وتشتهر بنخلة النغال التي تباع بالحبة لأن سعرها غالي الثمن

بعد ذلك تأتي نخيل الطيبي والمدلوكي والبونارنجة والخلاص والمطرحي وقش موالك والنغل والزبد وخلاص عمان وخلاص الظاهرة وهلالية الوادي ونشو الخرمي وسمولي والبرشي والخنيزي والفرض والخمري والحنظل وأبودعن وأبوجرة وأم السّلا ونشو فهود وغيرها من الأصناف ذات الجودة العالية والمردود الاقتصادي الجيد.

وينقسم موسم  القيظ  إلى ثلاث مراحل، الأولى تسمى بالرطب، فكلما كانت تباشير النخلة قبل الموسم كان العائد أكبر، أما المرحلة الثانية فتعرف بالتبسيل، وتكون لأنواع معينة من النخيل كـ”المبسلي، والمدلوكي، والبونارنجة” حيث يتم طبخ الرطب بواسطة أوانٍ كبيرة ثم تجفف لسبعة أو عشرة أيام ثم تخزن وتُنقى من الشوائب بعدها تعرض للبيع، أما المرحلة الأخيرة فهي مرحلة “جني التمور” والمعروفة محليا بالهماد ويتم خلالها جمع التمور في ميادين مشمسة تسمى “المساطيح” لتجفف ثم تنقى من الشوائب ومن ثم يتم بيعها.

ويقول علي بن ناصر الجابري رئيس مركز التنمية الزراعية بولاية السيب، “يوجد في مختلف ولايات السلطنة أكثر من 250 صنفًا من أشجار النخيل، أشهرها ‘الفرض’، بالإضافة إلى ‘الخلاص، والنغال ، والبرني ، والخنيزي’ وقد اشتهرت التمور العمانية منذ قديم الزمان بجودتها العالية وطعمها المميز، مما جعلها تُشكل نسبة كبيرة من الصادرات العمانية إلى شتى بقاع العالم”.

Thumbnail

من جانبه يقول حمود بن منصور الهنائي صاحب مزرعة نخيل، أول النخيل التي تأتي بتباشير الرطب في موسم القيظ في السلطنة هي النغال وقشوش (القدمي والمنومه وبطاش)، وتتفاوت أسعار الرطب في بداية الموسم في الأسواق بمختلف محافظات السلطنة بين المرتفع والمتوسط والمنخفض، أما رطب القشوش فَقَلما يعرض للبيع في الأسواق لقلة توفره، فيقتصر أكله على أفراد الأسرة، بالإضافة إلى إهدائه للجيران والأقارب.

ويقول سعيد بن أحمد القلهاتي، “موسم القيظ الذي نعيش أيامه الآن كان يجمع أهالي وادي طيوي الذي يضم مجموعة قرى وبلدات أهمها الحصن، وحارة بده، وسيما ميبام، والجحل، ويطلق على هذا التجمع الصيفي محليا بـ’حضور القيظ’، وأغلب العائلات التي تعتاد ممارسته تأتي من مناطق وأحياء سكنية ساحلية أبرزها، طيوي الساحل والرفعة والشاب وجريف وهي تابعة لمحافظة صور”.

وتشتهر نيابة طيوي بزراعة عدد من أصناف النخيل منها “القدمي والبرني والنغال والبونارنجه والمدلوكي والخصاب والصلاني والفرض والخمري”، بالإضافة إلى أشجار المانجو والليمون والزيتون والبيذام والنبق والسفرجل.

20