مستشفيات بريطانيا بلا عمال أجانب بعد بريكست.. من سيتولى المهمة؟

في مرحلة ما بعد فايروس كورونا ستكون معاملة العمال الأجانب في هيئة الصحة موضوعا سياسيا رئيسيا في المملكة المتحدة.
الجمعة 2020/04/24
موظفو الصحة الأجانب ينقذون حياة البريطانيين

لندن- جون بونس لابلانا ممرض يعمل على خط الدفاع الأول في وحدة العناية المركزة التي يعالج فيها المصابون بفايروس كورونا المستجد في مستشفى شيفيلد التعليمي في شمال إنجلترا، ومثل الكثير من زملائه العاملين في هيئة الصحة الوطنية فإن هذا الممرض البالغ من العمر 45 عاما ليس بريطانيا.

يعمل الممرض الإسباني إلى جانب زملاء من ألمانيا وإيطاليا والبرتغال والفلبين والهند، وكذلك من المملكة المتحدة. ويشير لابلانا المقيم في المملكة المتحدة منذ 20 عاما في تصريحات صحافية “أحيانا أكثر اللهجات التي يصعب عليّ فهمها هي البريطانية”.

والفريق الطبي المختلط في شيفيلد لا يختلف عن طواقم أخرى في المستشفيات البريطانية. فقد أظهرت بيانات برلمانية نشرت في يوليو الماضي أن نحو 153 ألفا من العاملين في القطاع الصحي من بين 1.2 مليون شخص من طواقم هيئة الصحة الوطنية، غير بريطانيين.

65 ألفا من مواطني دول أخرى في الاتحاد الأوروبي يمثلون 5.5 في المئة من موظفي هيئة الصحة الوطنية في إنجلترا

ووفق الأرقام، يمثل ذلك “13.1 في المئة من جميع الموظفين المعروفة جنسياتهم، أو ما يزيد بقليل عن واحد من ثمانية”. ويضيف التقرير أن “الموظفين يحملون في ما بينهم 200 جنسية مختلفة غير بريطانية”. وحوالي 65 ألفا منهم من مواطني دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، يمثلون 5.5 في المئة من موظفي هيئة الصحة الوطنية في إنجلترا. وقرابة 52 ألف موظف من جنسيات آسيوية.

وفي مقدمة الجنسيات الـ16 الأكثر شيوعا بين موظفي هيئة الصحة الوطنية يأتي الهنود (21207) والنيجيريون (6770) والزيمبابويون (4049). وإضافة إلى ذلك، يقدر مركز الأبحاث التابع لجهاز الصحة، كينغز فاند (صندوق الملك)، أنه خارج هيئة الصحة الوطنية نحو واحد من ستة بين 1.5 مليون شخص يعملون في الرعاية الاجتماعية للكبار في القطاع الخاص، هم أجانب.

وقال المدير المساعد لشؤون السياسات في الصندوق أليكس بايليز إن “هيئة الصحة الوطنية تعتمد على الإسهامات المهمة التي يقدمونها (العمال الأجانب)”. وأضاف “برز ذلك بشدة في الأسابيع الماضية، عندما لبت طواقم هيئة الصحة الوطنية نداء الواجب للعناية بالمرضى المصابين بفايروس كورونا المستجد”.

وتعتمد بريطانيا على مثل هؤلاء العمال في وقت لا يزال مستقبل العديد ممن سيبقون في البلاد مجهولا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في يناير. وقال لابلانا “لم يسألني أحد من أين أنا في الأسابيع القليلة الماضية”. وكان هذا الممرض قد انتقد علنا التصويت لصالح بريكست في استفتاء 2016.

وقالت الحكومة الأربعاء إن 69 من عمال هيئة الصحة الوطنية توفوا خلال تفشي الوباء، بينهم أجانب. ومن بين هؤلاء أليس ساروبيندا، الممرضة من زيمبابوي وجينلين كارتر العاملة في قطاع الرعاية الصحية من الفلبين.

ومنذ استفتاء 2016 الذي وضع بريطانيا على مسار مضطرب للخروج من الاتحاد الأوروبي، برزت شكوك حول قدرة هيئة الصحة الوطنية في مواجهة خروج جماعي محتمل للموظفين نتيجة لذلك. وكشفت أرقام تقرير “حرية المعلومات” التي نشرت في نوفمبر أنه خلال ثلاث سنوات منذ الاستفتاء، غادر المملكة المتحدة أكثر من 11.600 من أفراد هيئة الصحة الوطنية من الاتحاد الأوروبي من بينهم 4783 ممرضا.

وإضافة إلى وعود انتخابية لحكومة بوريس جونسون بإنفاق نحو 34 مليار جنيه إضافية (38 مليار يورو، 42 مليار دولار)، سنويا على هيئة الصحة الوطنية، تبرز تساؤلات حول كيفية سد النقص في اليد العاملة. ويضيف بايليز “بغض النظر عن بريكست، ستظل هيئة الصحة الوطنية بحاجة لموظفين من خارج البلاد”. وأوضح بالقول “مع قرابة 100 ألف وظيفة شاغرة، فإن التوظيفات الدولية النزيهة هي الخيار الحقيقي الوحيد لمعالجة نقص موظفي هيئة الصحة الوطنية للسنوات الخمس المقبلة على الأقل”.

لا يزال مستقبل العديد ممن سيبقون في البلاد مجهولا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
لا يزال مستقبل العديد ممن سيبقون في البلاد مجهولا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

ودعا مركز “كينغز فاند” الحكومة للتخلي عن زيادة سنوية يتوقع أن تبلغ 625 جنيها هذا العام، يدفعها عمال هيئة الصحة الأجانب كي تتاح لهم خدمات الرعاية الصحية التي يساعدون في توفيرها.

ومن الواضح أنه في مرحلة ما بعد الفايروس، ستكون معاملة العمال الأجانب في هيئة الصحة موضوعا سياسيا رئيسيا في المملكة المتحدة.

وفي بلد يصفق فيه المواطنون أسبوعيا لطواقم هيئة الصحة وسواهم من عمال الخط الأول في معركة التصدي للفايروس، كيف يمكن لحكومة أن تتنكر لحقوق موظفي الرعاية الصحية وتحرمهم من تحسين ظروفهم.

لكن لابلانا غير مقتنع بذلك، مبررا بالقول إنه خلال العقدين اللذين أمضاهما في المملكة المتحدة، لم يكن يعتبر نفسه أجنبيا لكن “بريكست وضع حدا لذلك”. وأردف “تساورني شكوك… سيستمر الأمر لبرهة لكن سنعود لإلقاء اللوم على المهاجرين في كل شيء”.

6