فوضى الفساد تهزّ أركان إدارة برشلونة

سلك برشلونة منعرجا خطيرا على مستوى الإدارة الفنية بسبب اتهامات بالفساد أدت إلى استقالة جماعية لستة من أعضائه الجمعة، وباتت تنذر بدخول الفريق في طور جديد لا يمكن التكهن بمآلاته، فالتحديات تنتظر النادي الكتالوني على أكثر من صعيد.
برشلونة – كشف إميلي روسود نائب رئيس برشلونة، السبت، أنه يملك الأدلة الكافية التي تدين مسؤولا كبيرا، لم يسمّه، مُتهما بالتلاعب بأموال النادي وذلك في أسوأ سيناريو يمر به الفريق الكاتالوني.
وكان روسود أطلق ادعاءات بوجود فساد داخل النادي وذلك بعد ساعات من تقدم ستة من أعضاء مجلس إدارة النادي باستقالة جماعية الجمعة، فيما سارع برشلونة إلى إصدار بيان نفى فيه اتهامات الأخير وأنذر باتخاذ الإجراءات القانونية حيال ذلك.
ويلفت محللون رياضيون إلى التوتّر الذي شق صفوف إدارة النادي الإسباني طيلة فترات متراوحة من العام الجاري وبات أثره واضحا على تراجع مستويات الفريق في مختلف البطولات.
وكان روسود قال مؤخرا للإعلام “شخص ما وضع يده في خزينة النادي، حيث تم دفع مليون يورو لشركة مقابل وظيفة يبلغ سعرها في السوق 100 ألف يورو”.
وقال في تصريحات وردت في صحيفة “موندو ديبورتيفو” الإسبانية “التحفظ بشأن الإجراءات القانونية لا يعني أيّ شيء. أدرك أنه تهديد، لكن ما قلته هو رأي له ما يبرره، كما أن لديّ دليلا”.
وأضاف “هذا التهديد لن يتم تنفيذه، وإذا تم التحرك قانونيا سيرون أنه لا يوجد أساس للشكوى. إذا قدمها شخص ما، هذا لن يزعجني بل ستكون فرصة لمراجعة هذه القضية وجميع الأدلة”.
يتردد أن الخلافات حول آلية تعامل برشلونة مع أزمة انتشار فايروس كورونا كانت وراء الانقسامات داخل مجلس الإدارة
وأردف “عندما أتحدث عن دليل، أعني أن هناك أدلة على أن آرائي لها أساس جيد، لكن هذا ليس الوقت المناسب لشرح ذلك”.
وعلق جوردي ميستري، النائب السابق لرئيس برشلونة، على الأزمة الحالية التي يمرّ بها مجلس إدارة النادي الكتالوني قائلا “اتهامات روسود خطيرة للغاية. إذا كنا نتحدث عن شيء خطير مثل السرقة، فيجب أن تغادر أولا ثم قدّم شكوى باسمك. لا يمكنك فقط قول لديّ أدلة دون تقديمها”.
وأضاف “لا يمكن لروسود التقدم بشكوى دون توثيق. إنه يحتاج إلى تقرير المراجعة الخاص بشركة ‘PWC’ إنهم محترفون ومشهورون على المستوى الدولي. إذا كان يمكن إثبات ذلك فعليك المضيّ قدما، لكن التصريحات فقط خطيرة للغاية لأنها تؤذي الناس”.
واستقال ستة من أعضاء مجلس إدارة برشلونة مؤكدين أن النادي سيواجه تحديات مستقبلية وأنهم ليسوا على استعداد لمواجهتها في ظل القيادة الحالية للنادي.
وشملت الاستقالة الجماعية إميلي روسود وإنريكي تومباس، نائبي رئيس النادي جوزيب ماريا بارتوميو، وأعضاء مجلس الإدارة سيلفيو إلياس وماريا تيكيسيدور وجوزيب بونت وخوردي كلاساميجليا.
وتعد الاستقالة الجماعية أحدث حلقة في مسلسل الفضيحة التي ضربت النادي في يناير، عندما تبين أن شركة “آي 3 فنتشرز”، التي تعاقد معها النادي لمتابعة حسابات برشلونة على مواقع التواصل الاجتماعي، كانت على صلة بحسابات أخرى نشرت أخبارا سلبية بشأن لاعبين في برشلونة ومنافسين لبارتوميو.
وبعد تحقيقات داخلية بشأن سبب دفع مليون يورو (1.1 مليون دولار) لشركة “آي 3 فنتشرز” وسبب تقسيم المبلغ إلى دفعات من خلال فواتير صغيرة القيمة، بحيث لا تتطلب الدخول ضمن التدقيق الداخلي، قال روسود في تصريحاته للإذاعة “إذا قال مدققو الحسابات إن تكلفة هذه الخدمة 100 ألف يورو، في حين أننا دفعنا مليون يورو، يعني هذا أن أحدا قام بسرقة”.
وتردد على نطاق واسع أن الخلافات حول آلية تعامل نادي برشلونة مع أزمة انتشار فايروس كورونا كانت وراء الانقسامات في مجلس الإدارة.
وكان الأعضاء المستقيلون يفضلون تطبيق خطة طويلة المدى في ما يتعلق بتخفيض الأجور، مثل التي طبقها نادي ريال مدريد الغريم التقليدي لبرشلونة. لكن برشلونة قرر، حتى الآن، تخفيض الرواتب فقط عن الفترة التي تشهد فرض حالة الطوارئ في إسبانيا.
وفي خطاب إلى الجماهير انتقد هؤلاء المسؤولون رئيس النادي وعبروا عن شكوكهم في قدرة مجلس الإدارة الحالي على مواجهة تداعيات أزمة الوباء التي تراجعت بسببها إيرادات النادي كثيرا وأدت إلى تخفيض أجور اللاعبين بواقع 70 في المئة.
وطالبوا أيضا الرئيس بالدعوة إلى انتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن وانتقدوا النادي في الاستعانة بطرف ثالث (وهي مؤسسة ‘أي 3 فينشرز’) في وقت سابق من العام الحالي لمتابعة ما تنشره وسائل التواصل الاجتماعي عن برشلونة.
ونفى بارتوميو اتهامات تحدثت عن فتح الشركة حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي بهدف الإساءة إلى أيّ مرشحين مقبلين للرئاسة ولاعبين سابقين وحاليين للفريق، لكنه أقر بتعاقد النادي مع هذه المؤسسة التي نفت بدورها ارتكاب أيّ مخالفة. وجاء في الخطاب الذي نشرته وسائل إعلام إسبانية الجمعة “وصلنا إلى هذه المرحلة لأنه لا يمكننا تغيير الأسلوب الذي يدار به النادي في مواجهة تحديات كبيرة تنتظره في المستقبل خاصة في مرحلة ما بعد الوباء.”
وأضاف الخطاب “ونحن نريد أيضا إظهار عدم الرضا عما حدث في ما يتصل بحسابات التواصل الاجتماعي والمعروفة باسم ‘فضيحة برشلونة’ والتي علمنا بها من خلال الصحافة.”
وجاء في الخطاب أيضا “وفي إطار آخر خدماتنا للنادي فنحن نوصي بالدعوة للانتخابات في أقرب وقت ممكن تسمح به الظروف حتى تتسنى إدارة النادي بأفضل السبل الممكنة ومواجهة التحديات الكبيرة في المستقبل القريب”.
وبلغت إيرادات برشلونة السنوية العام الماضي 841 مليون يورو (914 مليون دولار) وفقا لمؤسسة ديلويت.
وفاز النادي بثمانية من آخر 11 لقبا للدوري الإسباني وكان يتصدر الترتيب هذا الموسم قبل تعليق المنافسات إلى أجل غير مسمّى الشهر الماضي.
ووافق لاعبو برشلونة ومن بينهم هداف الفريق ليونيل ميسي على خفض إضافي في رواتبهم لضمان حصول العاملين غير اللاعبين على رواتبهم كاملة.
ولن يكون بوسع بارتوميو الذي تولى الرئاسة في 2014 ترشيح نفسه للمنصب الأول بعد أن استمر فترتين رئاسيتين على رأس إدارة النادي الكتالوني.
ويتعين تنظيم انتخابات رئاسية في برشلونة بحلول صيف 2021. وتعرض بارتوميو مؤخرا إلى انتقادات واسعة من جماهير النادي التي نظمت احتجات ضده تدعوه للرحيل.