الجنرال الأبيض يستبق الشرطة والعسكر إلى شوارع بغداد

العراقيون يتناقلون صورا ومقاطع فيديو للمشاهد الفريدة للثلوج التي بعثت في قلوبهم الطمأنينة وشحنتهم بروح معنوية تبعد عن أذهانهم مشاهد الدمار والخراب.
الأربعاء 2020/02/12
زائر غير منتظر يبعث البهجة في القلوب

استيقظ العراقيون على مشهد لم تألفه أغلب الأجيال العراقية منذ سنوات، لاسيما في بغداد، إذ وجدوا شوارع مدنهم مغطاة باللون الأبيض بسبب تساقط الثلوج، فسارع أغلبهم إلى توثيق الظاهرة النادرة والتقاط الصور والفيديوهات التذكارية.

بغداد- استفاق سكان بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، الثلاثاء، على تساقط ثلوج غطّت شوارع واحدة من أكثر دول العالم حرا، في ظاهرة نادرة لم يعهدها العراقيون منذ أكثر من 12 عاما.

وتوشحت العديد من المحافظات، منذ ساعات الصباح بـ”ثوب أبيض”، منها بغداد وبابل وكربلاء والنجف والديوانية بعد تساقط الثلوج فجرا، حيث سجلت درجات الحرارة انخفاضا كبيرا إلى ما دون الصفر.

ولم يتوان العشرات من العراقيين والسياح الأجانب -على الرغم من شدة برودة الطقس وتساقط الثلوج- من الخروج للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلّابة والتقاط الصور التذكارية في فرصة نادرة تسمح لهم بالترفيه عن أنفسهم.

وأوقف سائقو السيارات مركباتهم بالقرب من حدائق غطّتها الثلوج بالكامل، وعمد بعضهم إلى التقاط الصور مع أطفاله والإسراع بصنع رجل ثلج برفقتهم، فرحين بعودة “الجنرال الأبيض” بعد طول غياب، مهللين في وجه القادم الذي بعث في قلوبهم الطمأنينة ورسم الابتسامة على ثغورهم، وشحنهم بروح معنوية، تبعد عن أذهانهم مشاهد الدمار والخراب وعبوس الجنرالات والعساكر ليل نهار بسبب ويلات الحرب والاحتجاجات الطويلة.

حدث غير معهود
حدث غير معهود

وباعتباره حدثا غير معهود في المنطقة، تناقل العراقيون صورا ومقاطع فيديو للمشاهد الفريدة للثلوج، إذ وثّق سكان الموصل (شمالا) مثلا ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكتبوا تعليقات من قبيل “موصلي الجميلة قد لبست حللَ البياض سرورا”.. و”هذه الصور ليست من موسكو أو غيرها من الدول الأخرى بل هي من مدينة الموصل.. جمال الثلوج يليق بالموصل والمدن العراقية الحبيبة التي تلقي جمالا في قلوب بشرها قبل أراضيها”.

ووفقا لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، قال أبوفاطمة، أحد سكان حي الخضراء غربي بغداد، “بعد عودتي من أداء صلاة الفجر أيقظت أطفالي وزوجتي لمشاهدة منظر الثلوج وهي تتساقط، وكانوا فرحين جدا وهم يتزاحمون على شرفة المنزل لمتابعة الحدث”.

وأفاد علي إبراهيم “ما إن فتحت باب المنزل للمغادرة حتى شاهدت كرات الثلج تتساقط، فعدت إلى الداخل مباشرة للبحث عن آلة التصوير لتوثيق هذا الحادث البارز”.

وأضاف إبراهيم (40 سنة) أنها “المرة الأولى التي أشاهد فيها الثلوج في بغداد، إنها علامة جيدة وأمل خير للعراقيين وفأل حسن”.

لم يتوان العشرات من العراقيين والسياح الأجانب -على الرغم من شدة برودة الطقس وتساقط الثلوج- من الخروج للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلّابة والتقاط الصور التذكارية

واكتست بغداد بالثلوج في ظاهرة لافتة وغير مسبوقة لم تشهدها المدينة إلا في حالات نادرة.

ففي العام 2008، تساقطت الثلوج في بغداد بشكل خفيف وكانت المرة الأولى منذ نحو قرن من الزمن. لكن سكان المدينة أفادوا أن الثلوج التي تجمّعت، الثلاثاء، فوق السيارات والأشجار وأسطح الأبنية غير مسبوقة، مؤكدين أن الثلج لم يسقط بهذه الكثافة في العاصمة العراقية منذ أربعين عاما.

لكن تلك اللوحة الثلجية المشحونة صفاء في نظر البعض وهم يلتقطونها بعدسات كاميراتهم، قد تخفي وجها آخر لا يعرفه إلا من اختبر مراقبة تساقط الثلوج وهو في العراء أو تحت خيمة مشمعة، أو من وجد نفسه محاصرا عاجزا عن سد حاجياته الأساسية وتوفير ما يبعث الدفء في أوصاله.

ويعاني العراق الذي يعتمد ثلث سكانه البالغ عددهم أربعين مليون نسمة على الزراعة، من جفاف مزمن. ويتطلع العراقيون إلى موسم زراعي مثمر هذا العام مع تساقط كميات كبيرة من الأمطار أعادت المياه إلى الأنهار التي جف بعضها بسبب السدود التركية والإيرانية.

24