تركيا تبيع حلفاءها طائرات دون طيار بعيوبها

اكتشف الجيش التركي أعطالا منهجية ومشاكل مع طائرات دون طيار تم تصنيعها محليا من نوع بيرقدار، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمر بالتكتم على الأمر، وواصل عقد الصفقات لبيع هذه الطائرات التي تصنعها شركة صهره سلجوق بيرقدار.
واشنطن - شهدت صناعة الطائرات المسيرة (الدرون) في تركيا صعودا لافتا، منذ أن سلّم الرئيس التركي مفاتيحها إلى صهره المهندس سلجوق بيرقدار والشركة التركية للصناعات الدفاعية (بيكار). وسوّقت أنقرة في السنتين الأخيرتين لمجموعة من الصفقات تركز أغلبها مع قطر وليبيا، بالإضافة إلى صفقة أخرى مع أوكرانيا لبيع طائرات دون طيار من طراز بيرقدار (تي بي-1 وتي بي- 2). ومنذ يومين، نفذت طائرة من طراز بيرقدار تي بي-2، أول مهمة لها في شرقي البحر المتوسط، عقب وصولها إلى شمال قبرص.
وتُمثل بيرقدار تي بي 2 العمود الفقري للصناعة الجوية الدفاعية التركية، وأحد أكثر منتوجاتها مبيعا. لكنها اليوم تواجه انتكاسة لافتة بعد صدور تقارير موثّقة تكشف أن هذه الطائرة ليست بـ”الكمالية” التي يروّج لها النظام التركي. وكان أول من اعترف بذلك جنود أتراك فرّوا من بلادهم ليلة عملية الانقلاب الفاشلة في أغسطس 2015. وتأكدت صحة ذلك إثر عمليات إسقاط متتالية لطائرات من هذا النوع تعود ملكيتها إلى حكومة الوفاق في ليبيا.
ونقل موقع “ptisidiastima” اليوناني عن خبراء قولهم “يُعتقد أن معظم خسائر بيرقدار تي بي 2 حدثت بعد الهبوط”. وكان هذا الموقع نشر محتوى وثيقة حصلت عليها السلطات اليونانية من الجنود المنشقين تبيّن مكامن الخلل في هذه الطائرات التي يتزوّد بها الجيش التركي واستخدمها في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية وضد الأكراد في شمال سوريا.
ملاحقة المنتقدين
سلط إسقاط الطائرات التركية في ليبيا وما نشره الموقع اليوناني الضوء على هذه الطائرات، الأمر الذي أغضب أنقرة ووصل الأمر إلى حد محاولة منع نشر التقارير الإعلامية حول الموضوع. وفي هذا السياق، ذكر موقع نورديك مونيتور، السويدي المتخصص في الشؤون المخابراتية، أن قاضيا تركيا طلب من شركة تويتر حظر الوصول إلى تقرير نشره الموقع يتحدث عن الإخفاقات المنهجية في الطائرات ذاتية القيادة التي صنعتها شركة بيرقدار.
وقال الموقع إن التقرير، الذي تم نشره في 11 مايو 2019، كشف عن كيف تسترت الحكومة التركية على مشاكل في نظام الطائرات بيرقدار ذاتية القيادة، وكيف تعطلت محطات البيانات الأرضية بشكل متكرر، مع استئناف المشكلة بعد وقت قصير من إصلاحها.
ووفقا لرسالة سرية من قيادة الأركان العسكرية إلى الأركان العامة، يعود تاريخها إلى 15 يوليو 2016، تعرضت أنظمة طائرات بيرقدار ذاتية القيادة إلى مشاكل، مما أعاق عمليات مكافحة الإرهاب في جنوب شرق تركيا. كما جاء في الرسالة التي نشر محتواها نورديك مونيتور، وهي ذات الوثيقة التي نشرها اليونانيون وحملت توقيع اللواء عوني آنغون الذي كان رئيس أركان الجيش التركي وقتها، أنه “في إحدى الحالات المسجلة بتاريخ 26 يونيو 2016، كان الجيش يقوم بعمليات في مدينة يوكسيكوفا بمقاطعة هكاري، وفشلت محطات البيانات الأرضية في التواصل مع الطائرات”.
وأضافت الرسالة “تم إحضار فريق من الفنيين لكنه فشل في إصلاح العطل. وقيل للجيش في وقت لاحق إن لوحة التوجيه تحتاج إلى استبدال”. ولم يُنشر التقرير، كما تم إخفاء المشكلات بناء على أوامر أردوغان.
صفقات رغم الأعطال
يشير المحلل في موقع نورديك مونيتور، عبدالله بوزكورت، إلى أن اللواء آنغون دفع ثمن مخالفة أوامر أردوغان بتوثيق مشاكل هذه الطائرات. فضمن عملية التطهير التي اجتاحت البلاد إثر محاولة الانقلاب الفاشلة، تم اعتقال اللواء آنغون رسميا في 18 يوليو بتهمة الانتماء إلى جماعة إرهابية ومحاولة الإطاحة بالنظام. ووجهت إليه 3 عقوبات بالسجن مدى الحياة. عُقدت الجلسة الأولى لمحاكمته في 7 مارس 2017، وقضت المحكمة الجنائية العليا في 18 مارس بالإفراج عنه في انتظار الحكم النهائي.
لم تنته قصة اللواء آنغون هناك. حيث نقضت المحكمة التي قررت إطلاق سراحه قرارها بعد ثلاثة أسابيع من اعتراض المدعي العام على القرار، وقررت سجنه مرة أخرى في 11 أبريل 2017. وفي نهاية المحاكمة، قضت المحكمة ببراءته في مايو 2018 بعد أن قضى 632 يوما خلف القضبان بتهم خطيرة لا يدعمها أيّ دليل.
في غضون ذلك، كانت شركة بيكار تجني فوائد نفوذ أردوغان في تركيا وخارجها حيث منحت المزيد من العقود لبيع الطائرات من دون طيار. ففي يناير 2019، فازت الشركة بعقد قيمته 69 مليون دولار مقابل بيع 6 من طائرات بيرقدار إلى أوكرانيا.
وفي سنة 2019 باعت 6 طائرات من دون طيار إلى قطر. كما باعت الشركة مؤخرا طائرة من دون طيار للبحرية التركية. وتم عقد هذه الصفقات دون التوصل إلى حل لمعالجة عيوب الطائرات.