أصالة دمشقية اختارت الثورة مع السوريين

اسمها الكامل “أصالة” وهو ليس اسماً فنياً بل هو الاسم الذي أطلقه عليها والدها الفنان الراحل “مصطفى حاتم نصري”، ولدت في العام 1969 في دمشق، في عائلة فنية حيث اكتشفها والدها والذي كان مغنيّاً مشهوراً، فتعلمت أصالة الفن في مدرسته، فقد لمح في ابنته ذكاءها وموهبتها في الغناء فتبنى موهبتها، وقد وجد في أصالة الصوت الجميل والقوي عندما كان عمرها أربع سنوات، وبدأت الغناء وهي لا تزال في السابعة من عمرها من خلال تقديم أغاني والدها، بعدها قدمت بعض أغنيات للأطفال في قصص عالمية (قصص الشعوب) والأناشيد القومية. ومن هنا سطع نجمها في سوريا بأكملها وراح الجميع يتحدثون عن الطفلة المعجزة ذات القدرات الصوتية الخارقة.
وتنبأ لها الجميع بمستقبل مشرق في عالم الغناء إلا أنها فجأة وقبل أن تبلغ السابعة عشرة من عمرها تحديدا في عام 1986 قررت التوقف عن الغناء بعد الرحيل المفاجئ لوالدها وتسبب رحيله في صدمة نفسية عنيفة لها وبعد أن أفاقت منها قررت التفرغ لرعاية أشقائها، فتوقفت عن الغناء لمدة ثلاث سنوات وكانت بمثابة الأب الروحي لإخوتها الصغار ريم وأماني وأنس وأيهم والمسؤولة عنهم.
بعد صدور أغنيتها أسمع صدى صوتك عام 1991، والتي غنتها من شعر الشيخ حمدان المكتوم ذاع صيتها في العالم العربي فأصدرت أول ألبوماتها بعنوان “بيني وبينك” عام 1992م، وفي عام 1993 سافرت إلى مصر وأطلقت ألبومها “لو تعرفوا” عام 1993 الذي تعاملت من خلاله مع كبار الملحنين المصريين.
تعطش الجمهور للطرب الأصيل
وحقق الألبوم صدى كبير في مصر وكافة الأقطار العربية الأخرى حيث اتضح أن الجماهير كانت متعطشة لسماع صوت عذب وقوي بعد فترة طويلة طغى خلالها الفن الرديء والأصوات الركيكة والأغاني التي لا تحمل مضامين تذكر وانطلقت أصالة لتشارك في إحياء الحفلات الكبرى داخل مصر وخارجها وراحت القنوات التليفزيونية والمحطات الإذاعية تتسابق على إذاعة وعرض أغنيتها (ولا تصدق) التي حققت صدى كبيرا بالإضافة إلى أغنية (لو تعرفوا) وتوالت ألبوماته وأغانيها الجميلة والناجحة.
تحصلت على الجنسية البحرينية بعد أيام قليلة من مشاركتها في فعاليات أوبريت «المحبة والولاء» الذي أقيم في المنامة احتفالاً بالعيد الوطني للبحرين عام 2005 وعيد جلوس ملكها حمد بن عيسى آل خليفة وحصلت على الجنسية بعد مرور نحو عام على مقابلة شخصية ما بين ملك البحرين وبينها.
كشفت أصالة أنها تتبرع من ريع حفلاتها للجيش الحر ولكن ليس لشراء السلاح بل لتأمين غذاء المقاتلين والمحاصرين من المدنيين
شخصية عنيدة
ولعل من أبرز وأهم الألبومات التي قدمتها عبر مشوارها الفني بالإضافة إلى ألبوم “لوتعرفوا” و “ولا تصدق” ألبومات ( قد الحروف) و( مشتاقة) و(ياخي اسأل) –سوريا- و( اسأل علينا) و(خدنى معاك) وألبوم (أوقات) – سوريا- وألبوم (يمين الله) و(ع اللي جرى) و(ارجعلها) و(مبقاش أنا) وألبوم (عادي) في موسم 2005.
ونلاحظ هنا قلة الألبومات التي قامت أصالة بإصدارها منذ بدأت مشوارها الفني حتى الآن مقارنة بغيرها من المطربات الأخريات ويعود هذا لدقتها الشديدة في اختيار ما تقدمه، فلا بد كما تقول أن تشعر به أولاً لكي تقدمه بصدق وإحساس للجمهور حتى وإن استغرق الأمر منها وقتا طويلا فهي لا يعنيها الظهور بألبوم كل عام أو كل عامين بقدر ما تعنيها العودة بما هو جديد ومختلف.
آخر ألبومات أصالة نصري كان “شخصية عنيدة” عام 2012 حيث تعاونت في هذا الألبوم مع الملحن حسن الشافعي، والكاتب أيمن بهجت قمر والمطرب حسام حبيب ووجهت له الشكر على غلاف الألبوم.
آخر أعمالها كان تقديمها لبرنامج “صولا” الأسبوعي على شاشة قناة دبي والذي أطلقت الموسم الثاني له في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 وهو برنامج فني تستضيف فيه الفنانين وتحمل كل حلقة عنوانا منفصلا.
لهجة الشام ولهجات العرب
عرفت إتقان الغناء باللهجة الخليجية، واستطاعت أن تكون لها قاعدة جماهيرية في دول الخليج، إذ حرصت مؤخراً على إصدار ألبوم خليجي في كل عام عوضاً عن ألبوم خليجي كل ثلاث سنوات، واستطاعت بذلك أن تروي عطش جمهورها هناك، ومن أشهر أعمالها الخليجية جماهيرياً: “روح وروح”، “متى أشوفك”، “سواها قلبي”، “توك على بالي”، “قانون كيفك”، “لا تخاف”، “شموخ عزي”. ومن أهم اعمالها الخليجية نخبوياً: “يسعد صباحك”، “الغيرة”، “حقيقة واقعي”. أطلق عليها عام 2008 لقب تاج الأغنية الخليجية
ونالت العديد من الجوائز خلال مشوارها الفني حيث حصلت على جائزة أفضل فنانة لعام 1994 في دبي، وجائزة أوسكار الشرق الأوسط (الفارس الذهبي) لعام 1995، وجائزة الغناء العربي الأول لأفضل أغنية باللغة العربية الفصحى في أبو ظبي لعام 1996، كما حصلت على جائزة مهرجان القاهرة الدولي الثاني للأغنية لعام 1996 وجائزة الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون لعام 1997، بالإضافة إلى جائزة هيئة الإذاعة والتلفزيون في الإمارات لعام 1998، وجائزة الشرق الأوسط بمصر عده مرات، ودرع شكر وتقدير من المهرجان الغنائي الوطني الأول في بيروت لعام 1999 م، وجائزتين مهداتين من عمدة لاس فيجاس بولاية نيوجيرسي الأميركية، وجائزة الميوريكس دور كأفضل مطربة عربية عام 2007 م، وجائزة ART كأفضل مطربة عربية 2008م.
أبدت رغبتها بزيارة مخيم الزعتري للاجئين في الأردن وقالت: 'إنه في كل مرة أحاول فيها زيارة مخيم اللاجئين يتم الاعتذار بسبب تأميني، لأن الذهاب دون حماية وكأني أوقع شهادة وفاتي'
الصوت الإنساني والفني
يمتاز صوت الفنانة أصالة بنبراته القوية ولإحساسها المرهف أثر كبير في أغانيها. فهي تملك خامه صوتية عجيبة تدرس في بريطانيا ولها صوت السوبرانو، بعد انطلاق الثورة السورية في شهر أذار من العام 2011، كشفت أصالة بأنّ موقفها من نظام الأسد إنساني و ليس سياسيا، وبأنّها غير ملزمة بالوفاء لبشار الأسد رغم أنّ حافظ الأسد هو من تكفّل بعلاجها يوم عانت من شلل الأطفال.
وقالت وقتها: ” شاكرة جداً للنظام لأنه عالجني ولكنني قدمت الكثير للنظام وقدمت صورة جيدة لبلدي”، وأبدت رغبتها بزيارة مخيم اللاجئين في الأردن وقالت: “إنه في كل مرة أحاول فيها زيارة مخيم اللاجئين يتم الاعتذار بسبب تأميني، لأن الذهاب إلى مخيم الأردن دون حماية كأني أوقع شهادة وفاتي”.
وأكدت أنها مع الثورة، ومع الحرية ومع الإنسان، ومع الفقير، وقالت: ” أنا على يقين لو أن بشار الأسد بعيد عن الكرسي والسلطة لكان جزءا من التغيير فهو شاب ومثقف”، وعلقت على قرار منع السوريين من دخول مصر بأنه غير عادل، فيما كشفت أنها تتبرّع بحفلاتها إلى الجيش الحرّ ولكن ليس لشراء السلاح بل لتأمين غذائهم.
فأطلقت ألبوماً بعنوان “أصالة الدمشقية” يضم أبرز أغنياتها عن وطنها سوريا، في محاولة للدفاع عن وطنيتها، ونُشر الألبوم على “فايسبوك”، و”يوتيوب” وعدد كبير من المنتديات الفنية.
بدأت أصالة الغناء في سن السابعة وتربت على يد والدها، وغنت لحافظ الأسد لتشكره على معالجتها من شلل الأطفال ولكنها في سن الأربعين غنت ضد ابنه بشار بعد قصفه الشعب السوري
وسجلت أغنية بعنوان «هالكرسي لوين» وتهدف إلى “السخرية من النظام الحاكم في سوريا، والأغنية كانت بمنزلة معايدة من أصالة للثوار في بلدها والعالم العربي، علما أنها من كلمات الشاعر رامي العاشق
وتواصل أصالة إحياء العديد من الحفلات بأوروبا وأميركا والقاهرة والخليج من أجل دعم الثورة السورية، حيث خصصت كل مداخيل هذه الحفلات لدعم الثورة بما فيه أجرها. ومؤكدة، أنها لا يمكنها أن تتوقف عن الغناء رغم الأحداث المؤلمة التي تقع في حق أبناء وطنها، لأن الغناء بالنسبة إليها ليس جزءا من الرفاهية، بل هو حياتها ومصدر عيشها والهواء الذي تتنفس به، لكنها ترتدي الأسود طيلة ثلاث سنوات باستثناء الحفلات التي كانت تحييها، حيث أصرت على التأكيد أن الأمر يتعلق بعملها الذي تعيش به ومن خلاله، وأن الغناء يمثل لها الشيء الكثير، خصوصا وأنها بدأته وهي في سن السابعة من عمرها.
الحجز على أملاك أصالة في سوريا
كان رد السلطات السورية على أصالة بقرار قضائي يقضي بالحجز على جميع أملاكها داخل سوريا، ورفع دعوة قضائية بتهمة خيانة الوطن والاتصال مع إسرائيل على خلفية زيارتها للضفة الغربية، كون أصالة أول فنانة سورية زارت الضفة الغربية منذ احتلالها، وأحيت حفلاً فنياً ضمن فعاليات مهرجان “برك سليمان” وشهد حضورا فلسطينيا كبيرا، أبدعت فيه أصالة في الغناء للقدس والشعب الفلسطيني، وغنت موالها الشهير الجديد: ” يوم انتفض شعبي أنا.. صاح الحجر درعا.. فلسطين سيفها بحلب وبحمصها دِرعا.. يا ريح تزور القدس حم حلفك درعا.. بيوت الأهل شوف الحباب وبوسلي التراب”.
واستمر رد أصالة الدائم على ما يكال لها من تهم وإشاعات وشتائم من قبل النظام وإعلامه، من خلال تغريدة لها على تويتر: “من ذا الذي يرضى أن يمجد بمن رضي الدمار لشعبه شعرا أو غناء كيف يقدر من عرف معنى الإنسانية حتى وإن كان بصفه أن لا يعتب عليه أقله”.