كيف تحاول الصين السيطرة على الفضاء

واشنطن - يرى خبير في تقييم القدرات العسكرية للقوى الأجنبية أن الصين تتبع نهجا محددا في الفضاء، وذلك ضمن جهودها لتصبح القوة الأولى في هذا المجال.
ويشير نايثن ستراوت، الخبير في شؤون الفضاء، إلى أن بكين تتبع قواعد لعبة تُلعب في الصين منذ آلاف السنين.
في هذه اللعبة يضع اللاعبون الحجارة على لوحة مقسّمة ويتنافسون للاستيلاء على معظم المناطق المحددة عليها.
ومع أن قواعد اللعبة تبدو بسيطة، إلا أنها تتطلب اختيار الإستراتيجية المناسبة والتمسك بها.
يكمن هدف اللعبة في حرمان الخصم من أكبر قدر ممكن من الأراضي. وعلى عكس لعبة الشطرنج، لا يحاول اللاعبون الإطاحة بالملك لإعلان النصر، إذ يمكن لهم أن يضيفوا أحجارا على اللوحة بناء على المساحة التي يتحكمون فيها.
وقارن مدير وكالة استخبارات الدفاع في الولايات المتحدة، روبرت آشلي، خلال كلمة ألقاها يوم 7 نوفمبر خلال مشاركته في مؤتمر سايبرسات 2019، هذه اللعبة بتصرفات الصين اليوم.
عند دراسة التطورات التي شهدتها منطقة بحر الصين الجنوبي، يلاحظ ستراوت أن بناء الصين لجزر اصطناعية يهدف إلى تعزيز شرعية وجودها في المنطقة. وقال روبرت آشلي إنه يرى صلة مباشرة بين لعبة الألواح القديمة والإستراتيجية العسكرية الحديثة التي تعتمدها الصين.
وإلى جانب المحاولات الهادفة إلى السيطرة على المناطق المحيطة بها، يرى مدير وكالة استخبارات الدفاع أن بكين تتخذ نفس النهج لبسط نفوذها في الفضاء.
تعدّ وكالة استخبارات الدفاع بالولايات المتحدة مسؤولة عن إعلام العسكريين وواضعي السياسات (وحتى الجمهور إذا تطلب الأمر) بالقدرات العسكرية التي تمتلكها الدول الأجنبية ونواياها إن حددت. بصفته مديرا لتلك الوكالة، قال آشلي إن الصين ترغب في استخدام الفضاء لتعزيز نفوذها وتحقيق الطموحات التي تتجاوز حدودها الجغرافية.
ويرى آشلي أن الصين تعمل على حماية مصالح بكين التي تتجاوز منطقة المحيط الهادي الهندي.
وفي سعيها لتحقيق هذا الهدف، تريد الحكومة الصينية أن تصبح قادرة على افتكاك أي قدرات فضائية عسكرية ومدنية وتجارية قد تكون مفيدة للولايات المتحدة.
علاوة على ذلك، أوضح آشلي أن الصين ترى في تلك القدرات الفضائية، بما في ذلك أنظمة الاستطلاع والإنذار المبكر والاتصالات والملاحة، أهدافا أولية محتملة للهجمات المستقبلية.
وتعمل الصين على تصنيع أسلحتها المضادة للأقمار الصناعية منذ سنة 2007 لتشمل أجهزة التشويش التي يمكنها حجب إشارات نظام التموضع العالمي أو الأقمار الصناعية، وأشعة الليزر. وتمتلك البلاد قمر إصلاح وفحص في المدار، ويمكن أن تستغله لتدمير أقمار صناعية أخرى.
وتمتلك روسيا والولايات المتحدة أقمارهما الصناعية الخاصة بالمعاينة. وتعمل وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية (داربا) على تطوير قمر صناعي مجهّز بأسلحة آلية. وتريد الولايات المتحدة إطلاقه بحلول سنة 2022.
واجتهدت الصين في بناء قدراتها الفضائية الخاصة، وأشار آشلي إلى أنها قد تطلق نظاما أكبر يشبه نظام تحديد المواقع العالمي بحلول سنة 2020، مضيفا أن الصين “أجرت العمليات الأكثر تركيزا على الفضاء في سنة 2018 مقارنة بدول العالم الأخرى، وتمتلك 250 قمرا صناعيا مدنيا وتجاريا وعسكريا في المدار مما يجعلها تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في هذا المجال”.
وأصدرت وكالة استخبارات الدفاع تقريرين يصفان جهود الصين في مجال الفضاء؛ تقريرا عن طموحات الصين العسكرية وقدراتها، وتقريرا منفصلا عن التهديدات التي يتعرض لها الفضاء.
وقال آشلي إن تهديد الصين المحتمل على الفضاء أثار استجابة من الحكومة. وأضاف “رسمت صورة سلبية تبرز تطور الأمور. يجب علينا التيقظ والالتزام بالحفاظ على الفضاء كمجال سلمي”.