حقوق الملكية يلاحقها الذكاء الاصطناعي

سيكون السطو على أخبار ومواد صحافية تنتجها مؤسسة محترفة بطواقم محرريها وإنفاقها العالي ونشرها في منصات التواصل الاجتماعي هو نوع من الاستغلال والسرقة لتلك الطاقات والأموال والجهود.
الثلاثاء 2019/04/09
التصدي لظاهرة اختراق حقوق الملكية الفكرية وعمليات القرصنة

تتطور التكنولوجيا والبرمجيات الرقمية وتتطور في موازاتها القابلية على التزوير.

وفي وسط التحولات المتسارعة وإنتاج برمجيات تلبي حاجات طالبيها من جميع المستويات والمهن صار التزوير ظاهرة خطيرة تتفاقم في كل يوم باكتشاف المزيد منها، والتي تنفق من أجلها أموال طائلة.

الأمر ذاته ينسحب على العديد من الوسائط وبما فيها الوسائط الإعلامية والصحافية التي ينالها ما ينال سواها من تربص المزورين وقراصنة سرقة الحقوق.

وعندما تجدنا في عموم العالم العربي مثلا نستخدم عبارة جاهزة ومكررة وهي (كافة الحقوق محفوظة) فإننا في الواقع نجد أن ليست كافة الحقوق محفوظة بل ربما جزء منها في أحسن الأحوال.

فبسبب غياب التشريعات القانونية الرادعة صار السطو على الأخبار والمقالات وحتى الكتب سلوكا شائعا لا يردعه رادع.

أما على الجانب الآخر من العالم فإن القوم طوروا -على سبيل المثال- نظاما للذكاء الاصطناعي يقوم بفرز وملاحقة التزييف.

البروفيسور أندريس كوداموز من جامعة سوسيكس في بريطانيا مثلا يحدثنا عن أمثلة عديدة تجري عليها اختبارات الذكاء الاصطناعي في ما يتعلق بالكشف عن حقوق الملكية وعن الأعمال المزيفة.

ومثال ذلك كما يقول البروفيسور، ضخ آلاف الصور من إحدى لوحات الرسام العالمي رمبرانت في مقابل لوحة واحدة من بين تلك الآلاف هي الصحيحة، وبالفعل يتمكن الذكاء الاصطناعي من استخراج اللوحة الصحيحة.

والقصة والتجارب تتسعان لتشملا الإجابة عن السؤال: من هو صانع الخبر أو القصة الصحافية الحقيقية مادام هنالك كثيرون ممن يتنافسون على امتلاكها؟

واقعيا شجعت منصات التواصل الاجتماعي بشكل مباشر أو غير مباشر هذا النوع من القرصنة وتفشي حالة ضياع حقوق الملكية، فبإمكان أي أحد أن ينشر ما يشاء بصرف النظر عن المصدر وحقوق الملكية وبما في ذلك الأخبار الصحافية والمقالات والتحقيقات وهي متراكمة إلى الحد الذي يمكن القول إنه من الصعب إحصاؤها أو السيطرة عليها.

ببساطة شديدة سيكون السطو على أخبار ومواد صحافية تنتجها مؤسسة محترفة بطواقم محرريها وإنفاقها العالي ونشرها في منصات التواصل الاجتماعي هو نوع من الاستغلال والسرقة لتلك الطاقات والأموال والجهود.

وعلى هذا لا تريد المجموعة الأوروبية مثلا لهذه الظاهرة أن تتفاقم ولهذا تصدت لها وأقرّت تشريعا مثيرا للجدل يسعى إلى الحد من الفوضى التي تضرب بحقوق الملكية عرض الحائط، وهو ما أثار حفيظة مؤسسات متساهلة مع حقوق الملكية وتريد لها أن تبقى سائبة إلى الأبد.

يقول العالم كوداموز إن تفشي ظواهر القرصنة يدفع يوما بعد آخر إلى اعتماد تدابير ترتكز على ما يمكن أن يحققه الذكاء الاصطناعي.

يمكن في هذه الحالة تعقّب المضامين المزيّفة من بين الملايين من النسخ للعثور على ما هو حقيقي.

وإذا مضينا في هذه القضية الإشكالية، فإن الذكاء الاصطناعي من الممكن أن يتسيد في هذا المجال وأن يبحر في عالم سرقة حقوق الملكية الفكرية وأن يصنّف عمليات القرصنة والسطو على جهود الآخرين بمهارة ومرونة عاليتين.

هنا سوف يتم تأسيس الحارس الأمين الذي يسهر على التصدي لظاهرة اختراق حقوق الملكية الفكرية وعمليات القرصنة والسطو على الأخبار والمقالات وغيرها مما يسهل حل المشكلات المترتبة على قضية سرقة الحقوق.

وبموازاة ذلك يتم استخدام خوارزميات تؤسس للثقة في ملاحقة اللصوص الذين يسطون على حقوق الملكية أو يتداولونها من دون أدنى إحساس بتبعات عمل كهذا في المستقبل عندما يتم اصطيادهم تباعا ونشر الأعمال المقرصنة والمسروقة بوصفها من حصيلة مهام الذكاء الاصطناعي في مرحلة بالغة التطور عندما يضيق الأفق بالقراصنة وسرّاق حقوق الملكية سواء في الصحافة أو في الإعلام أو في مجالات العمل الفني.

18