العهد الجديد لأردوغان يخلو من أي جديد

سلطات أردوغان الآخذة في النمو تزامنت مع تركيا أضعف بشكل متزايد ومنقسمة وأشبه ببلد شرق أوسطي يرزح تحت نير الاستبداد أكثر من كونه "بلدا ديمقراطيا متقدما" كما يزعم كثيرا.
الثلاثاء 2018/06/26
علامات الفشل ظاهرة فلم تعد تركيا محببة لدى المستثمرين الأجانب

نجا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من سلسلة من الانتكاسات خلال مسيرته السياسية من ذلك النوع الذي كان سيجبر أي سياسي عادي آخر على التخلي عن سعيه نحو السلطة.

صعد أردوغان بسرعة الصاروخ من السجن في عام 1999 إلى رئاسة الوزراء في عام 2003، ثم إلى الرئاسة في عام 2014 ويستعد الآن لتسلم مقاليد الرئاسة التنفيذية وهو نظام حكم يؤيده الرئيس منذ عشرة أعوام.

ويمنحه انتصاره الأحد صلاحيات الرئاسة وقيادة الجيش، مما يجعله أشد قوة من الكثير من حكام مستبدين آخرين.

ودخل أردوغان في نزاع مع الكثير من السياسيين الذين ساعدوا حزبه العدالة والتنمية على الوصول إلى السلطة في عام 2002، وأبعدهم ووضع محلهم شخصيات خاضعة.

وتحول أردوغان من الرجل الذي جعل تركيا مرشحة للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي إلى رجل يصب جام غضبه على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وغيرها من الشخصيات الأوروبية.

وتحول أيضا من رجل يحصل على جوائز من مراكز بحثية مؤيدة لإسرائيل في نيويورك إلى بعبع في أروقة السلطة بواشنطن والقدس.

لقد نجا من محاولات عديدة من السلطة القضائية لإقصاء حكومته، ومن محاولات من وسائل الإعلام العلمانية لتقويض سلطته، ومن البيروقراطيين الذين قاوموا سياساته، ومن مساع من الجيش للإطاحة به. لقد أجبر هذه المؤسسات على الخضوع لسلطته لدرجة تجعله الآن قادرا على تحويلها ضد خصومه الداخليين.

إن المعارضة تشعر بذهول. لقد صور خصوم أردوغان الانتخابات التي جرت الأحد باعتبارها الفرصة الأخيرة للديمقراطية في تركيا. ولقد كانوا يأملون هذه المرة في أن بوسعهم النجاح بعد محاولات فاشلة متعددة منذ عام 2002 بعدما نحوا خلافاتهم جانبا وعرضوا جبهة موحدة نسبيا.

لقد قدموا محرم إينجه الشخص الصريح مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض لمنافسة أردوغان في الانتخابات الرئاسية، بعدما أظهر الرجل قدرة على جذب الدعم من مختلف أشكال الطيف السياسي، لكن ذلك كله لم يكن كافيا. وفي ظل ظروف غير عادلة بشكل صارخ نجح أردوغان في الانتخابات مجددا.

وبالاستماع إلى خطاب النصر والإنصات إلى حديثه في احتجاجات منتزه غيزي عام 2013 وتعهده بتكثيف سياساته في سوريا، يبدو أنه ينتظر تركيا الكثير من نفس السياسات ونفس اللهجة المثيرة للانقسام التي اتصفت بها الحكومة في الأعوام الخمسة الأخيرة. لكن خطاب النصر احتوى على عدد قليل من رسائل المصالحة. وبالنظر إلى ما قدمه في خطب نصر سابقة من رسائل تصالحية أكثر وعدم تحقيقها بعد ذلك على أرض الواقع، لا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأن أول رئيس تركي تنفيذي سيسعى لرأب صدع الانقسامات العميقة في المجتمع التركي.

وفي مسعاه لتركيز كل سلطاته في قبضته، يعتقد أردوغان أن بوسعه جعل تركيا قوة اقتصادية ولاعبا رئيسيا على الساحة الدولية.

لكن وكما ظهر في الأيام القليلة الماضية، فإن سلطات أردوغان الآخذة في النمو تزامنت مع تركيا أضعف بشكل متزايد ومنقسمة وأشبه ببلد شرق أوسطي يرزح تحت نير الاستبداد أكثر من كونه “بلدا ديمقراطيا متقدما” كما يزعم كثيرا.

وعلامات الفشل ظاهرة. فلم تعد تركيا محببة لدى المستثمرين الأجانب. ويسعى أفضل أبنائها حاليا أو ربما سعوا بالفعل إلى أماكن أخرى أفضل.

فهل ستستمر هذه الاتجاهات تحت تأثير رجل تأتي شهوته نحو السلطة على حساب صحة الأمة ثم تواصل تركيا الغرق مقتفية نفس السبيل الذي تمضي فيه منذ عشرة أعوام أو نحو ذلك؟

7