قصص صحافية من مصادر مجهولة

ازدهار سوق الأخبار الملفقة وجد فئة مستهدفة بفضل الكنز الذي تمثله البيانات الشخصية عبر الإنترنت والتي تتيح إيجاد جمهور يتفاعل مع الأخبار الكاذبة ويتداولها بأريحية.
الثلاثاء 2018/06/05
هناك من يصدق

لا شك أن حاجة المواقع الإخبارية اليومية للجديد من الأخبار والقصص الصحافية تتزايد مع تواتر الأحداث ومع اشتداد المنافسة بين تلك المواقع.

صار عنصر التميز هو أن يكون الصحافي مع الخبر ساعة ولادته، لكن المشكل يبرز عندما تعرض الخبر نفسه منابر متعددة حتى تضيق مساحة مواقع أخرى في التميز والتقاط الخبر الجديد.

هذا الواقع الذي يجعل المهمة ليست سهلة يدفع باتجاه إيجاد بدائل ما تتيح ما يعرف بالسبق الصحافي لكن ذلك وحده لم يعد كافيا وذلك لندرة الأخبار القادمة عن هذا الطريق ولهذا كان لا بد من تمرير أخبار أخرى أصبحت بتراكمها ظاهرة ليست محلية ولا إقليمية بل ظاهرة عالمية.

فمن اللافت للنظر أن تسمع تكرار عبارة “وقال مسؤول رفض الكشف عن اسمه” وهو مدخل لتدبيج أخبار ليس من المؤكد ولا من اليقين الوصول إلى صدقيتها.

ظاهرة تفاقمت وصارت فاقعة في ما يندرج في فصيلة الأخبار الملفقة والكاذبة وهي التي ساهمت بشكل مباشرة في التأثير في الرأي العام مما دفع مؤسسات عالمية للتصدي للظاهرة.

كانت منصات التواصل الاجتماعي هي الوسيط الأكثر تداولا والأكثر احتضانا وإنتاجا للأخبار الكاذبة أو المشكوك في صدقيتها.

مؤسسة فيسبوك الأكثر انتشارا من بين وسائط التواصل الاجتماعي ومن خلال حسابات ملايين المشتركين من حول العالم كانت هي الأكثر عرضة للانتقاد بسبب سوق رائجة للأخبار الكاذبة وغير الدقيقة وجدت لها مكانا في تلك المنصة الأكثر شعبية.

قبل مدة قال وزير العدل الألماني ووزير الخارجية حاليا، هايكو ماس، في تصريحات صحافية أن فيسبوك يجني أموالا طائلة من الأخبار الملفقة، إن أي شركة تجني المليارات من الإنترنت يجب أن تتحلى أيضا بمسؤولية اجتماعية، يجب حذف التشويه ويجب تسهيل الإبلاغ عن الأخبار الملفقة.

ازدهار سوق الأخبار من هذا النوع وجد فئة مستهدفة بفضل الكنز الذي تمثله البيانات الشخصية عبر الإنترنت والتي تتيح إيجاد جمهور يتفاعل مع الأخبار الكاذبة ويتداولها بأريحية.

وأما منصات التواصل الاجتماعي فما انفكت تعلن تدابير جديدة للحد من الظاهرة بعدما تحول الأمر إلى فضيحة دفعت إلى ردود أفعال عالمية.

شركة غوغل من جانبها قالت إنها اعتمدت تطبيقا يتيح للمستخدم الوصول إلى الأخبار الموثوقة من خلال أدوات الذكاء الاصطناعي وبحسب تفضيلات كل مستخدم. لكن المصدر المجهول والذي يرفض الكشف عن هويته ظل سلعة رائجة تتيح للعديد من المنابر الإخبارية أن تمضي في لعبة الأخبار الملفقة وساعتها سوف لا يجد الذكاء الصناعي إمكانية للحد من السلوك غير المهني وتلك قصة أخرى.

وفي هذا الصدد لا يبدو في الأفق أن هذه الظاهرة سوف تنتهي بل بالعكس، سوف تجد لها سوقا رائجة ومتداولين يتزايدون.

أما إذا سحبنا الأمر إلى العالم العربي فهنالك قصص أخرى، فمثلا تعيش دول عربية عدة أجواء انتخابات وما بعد الانتخابات من تكتلات سياسية ومفاوضات حزبية لشغل المقاعد في البرلمان من جهة ولتشكيل الحكومات الجديدة من جهة أخرى وهذا المناخ لوحده صار مشجعا بما فيه الكفاية لفبركة القصص الإخبارية تحت عنوان، المصدر رفض الكشف عن هويته.

من هو المرشح لرئاسة الحكومة ومن هم الوزراء المرشحون وما بين ذلك مواقف الأحزاب والجماعات كلها تحتشد في تلك الفبركة الخبرية وسوق الأخبار التي تمر في بعض الأحيان من دون التحقق من صدقيتها، والسبب في ذلك هو إدراك القائمين على المنابر الإعلامية بحاجة الجمهور العريض لمعرفة الخطوات اللاحقة وإلى ماذا أفضت العملية الانتخابية برمتها وسط بازار مغرق في ضبابيته تحتل فيه الأخبار الخيالية وغير الحقيقية مساحة لا يستهان بها.

18