النظرة المادية تحبط التجربة السورية في الدوري المصري

الأندية المصرية تعمل على التقاعد مع اللاعبين السوريين بسبب الأداء المشرف في الدوريات الخليجية.
الاثنين 2018/05/28
مؤيد العجان يفشل في إقناع إدارة الزمالك

القاهرة - استقبلت الأندية المصرية القرار السابق لاتحاد الكرة، بمعاملة اللاعب السوري المحترف مثل اللاعب المصري، بترحاب رغبة في الاستفادة بأكبر عدد منهم، حتى وإن كشفت بواطن الأمور عن أن القرار رياضي لا يخلو من السياسة، لتعمده فتح أبواب الاحتراف أمام لاعبين عرب تعاني دولتهم ويلات الحرب، غير أن المستطيل الأخضر لا يعترف بالعواطف ولن يحتفظ بمكانه في التشكيلة الأساسية لناديه سوى اللاعب صاحب المستوى المتميز.

أداء محير

لم يكن الأداء المحير لبعض اللاعبين وحده السبب في فشل التجربة، بل تتحمّل الأندية نفسها عواقب قرارات متسرعة بالتعاقد مع بعض اللاعبين، في محاولة للاستفادة من صفقات لم تكبّدها أموالا طائلة دون النظر إلى احتياجاتها الحقيقية. وعلى عكس ما حدث في مصر، نجحت تجربة احتراف اللاعبين السوريين في بعض الملاعب الخليجية، والاستثناء في مصر لاعب واحد فقط، وهو مؤيد العجان في الزمالك، الذي تألق فقط في الأسابيع الأولى من الموسم.

يبدو الأداء المشرف والسمعة الطيبة للاعبي سوريا في الدوريات الخليجية، السبب في استقبال الأندية المصرية قرار الاتحاد بترحاب شديد، وأمثلة النجاح كثيرة أبرزهم لاعب التعاون السعودي جهاد الحسين، ولاعب نادي الكرامة الكويتي فراس الخطيب، الذي نجح في الحصول على لقب الهداف التاريخي للدوري الكويتي على مر التاريخ.

إضافة إلى الداهية عمر السومة هداف الدوري السعودي، الذي نجح في تقديم دور بارز مع فريق نادي أهلي جدة في تحقيق ثلاثية تاريخية موسم 2016، وكذلك الحال مع نجم الهلال السعودي عمر خربين، الحاصل على لقب أفضل لاعب في آسيا لعام 2017، بعد دوره الكبير في تتويج فريق الهلال ببطولة الدوري السعودي الموسم الماضي.

مع انطلاق الموسم الماضي تصوّر البعض حدوث ثورة في التعاقد مع اللاعبين السوريين، معتقدين أنهم سيحدثون الفارق مع أنديتهم، غير أن المحصلة النهائية اقتصرت على أربعة لاعبين فقط هم مؤيد العجان وعلاء الشبلي في الزمالك، وعبدالله الشامي في الأهلي، وربيع عبدالله في الرجاء.

 

فشل اللاعبون السوريون في تقديم أوراق اعتمادهم بالدوري المصري الممتاز، بعد عام واحد على قرار لاتحاد كرة القدم في مصر، قضى بمعاملة اللاعب السوري مثل اللاعب المصري، قبل أن يؤكد مسؤولو الاتحاد اعتباره لاعبا أجنبيا، بداية من الموسم المقبل (2018-2019)، ورغم انتشار اللاعبين السوريين مع بداية الموسم الماضي، غير أن مستوى الأداء لم يكن مرضيا، ما دفع بعض الأجهزة الفنية للاستغناء عنهم

 ورحل المدافع عبدالله الشامي عن الأهلي، لعدم قناعة الجهاز الفني للفريق بقيادة حسام البدري بمستواه، وتعاقد اللاعب مع المصري البورسعيدي بناء على رغبة مدربه حسام حسن، وقد كشف اللاعب نفسه في تصريحات إعلامية أنه تعرض للظلم في الأهلي ولم يحصل على فرصة للمشاركة.

وفي الزمالك قررت إدارة النادي التعاقد مع الثلاثي علاء الشبلي ومؤيد العجان وخالد المبيض، قبل أن تتراجع عن التعاقد مع الأخير، وأنهى النادي تعاقده مع الشبلي في يناير الماضي دون أن يشارك اللاعب في أي مباراة رسمية، لكن الظهير الأيسر مؤيد العجان نجح في اللعب أساسيا في 7 مباريات قبل أن تداهمه إصابة الرباط الصليبي، والتي تؤكد رحيله عن النادي في فترة الانتقالات الصيفية المقبلة.

تكررت صورة عبدالله الشامي في الأهلي، بعد أن خرج الشبلي بتصريحات غاضبة يكشف فيها مبررات عدم إشراكه في المباريات، وأن السبب في ذلك هو تواجد قائد فريق الزمالك حازم إمام في نفس مركزه.

بلغ عدد اللاعبين السوريين في مصر ثمانية لاعبين، منهم 5 في أندية الدوري الممتاز وثلاثة بأندية الدرجة الأولى، وقد حاولت الأندية قبل انطلاق الموسم الماضي، الضغط على مسؤولي اتحاد الكرة لزيادة عدد اللاعبين الأجانب بداية من الموسم إلى أربعة أو خمسة لاعبين بدلاً من ثلاثة فقط، الأمر الذي رفضه مسؤولو اتحاد الكرة خوفا من تراجع مستوى اللاعب المصري.

نظرة مادية

إذا كانت الأندية تنظر إلى الاستفادة من اللاعبين السوريين بنظرة مادية، خصوصا أن التعاقد مع هؤلاء لا يكلّف خزائن الأندية أموالا كثيرة، إذا قورنت بصفقات اللاعبين الأفارقة، إلا أن المحترفين لم يظهروا بالمستوى المطلوب، ولم ينجح أى منهم في حجز مكانه ضمن التشكيلة الأساسية في صفوف فريقه.

وبخلاف رباعي الأهلي والزمالك، لم يشارك اللاعب ربيع عبدالله مدافع المنتخب الأولمبي السوري مع فريق الرجاء، وكذلك محمد درويش مع لاعب الداخلية، ما جعل التجربة متواضعة بشكل كبير. ويرى النجم السوري عبدالفتاح الأغا، لاعب وادي دجلة السابق، أن سبب فشل التجربة حتى الآن، هو تسرّع الأندية المصرية في الاستفادة من تنفيذ القرار دون دراسة أو تحليل.

ولفت في تصريحاته لـ”العرب”، إلى أن ذلك لا يعدّ تقليلا من شأن اللاعب السوري واعتباره غير قادر على الانسجام في الدوري المصري، وأكبر دليل هو تألق العجان مع الزمالك قبل الإصابة. وتوقع الأغا ظهور بعض المواهب السورية في الملاعب المصرية قريبا، وسيكرر بعضهم النجاح الذي حققه عمر السومة مع الأهلي السعودي، وعمر خريبين مع الهلال السعودي، والثنائي يعتبران خير سفيرين للكرة السورية حاليا.

الواضح أن الفارق شاسع بين مستوى اللاعب السوري ونظيره في شمال أو غرب القارة الأفريقية، وهو سبب جوهري في عدم ظهور المحترفين السوريين بصورة طيبة في مصر، على عكس أمثلة عربية كثيرة، أبرزها المغربي وليد أزارو، والتونسيان علي معلول في الأهلي، وحمدي النقاز في الزمالك. فضلا عن عدم وجود دوري منتظم لكرة قدم في سوريا بسبب الحرب الدائرة، وابتعاد اللاعبين عن التدريبات وأجواء المنافسات.

وحمّل لاعب الإسماعيلي السابق أسامة خليل، إدارات الأندية مسؤولية فشل الاستفادة من اللاعب السوري، لأنها هى صاحبة القرار في إنهاء الصفقة من عدمه وليس اللاعب. وأوضح لـ”العرب”، أن ما حدث أكد بشكل كبير العشوائية التي تدار بها الأندية في اتخاذ القرارات، وأن المصالح الشخصية هي من تحكم منظومة الكرة.

ويرى خليل أن اللاعب السوري قادر على النجاح، لكن عندما يتم التعاقد معه على أسس احترافية مرهونة بعقود، تؤكد بنودها حرص النادي على الاستفادة من خدمات اللاعب، نظرا إلى إمكاناته التي تؤهله للعب في الفريق، لكن ما تم من تعاقدات كان عبارة عن صفقة تشبه صفقات المزادات، التي لا تؤثر ماليا في حالة عدم نجاحها نظرا إلى أنها غير مُكلفة، وفي حالة نجاحها ستكون أفضل لأنها الأوفر ماديا.

22