مع تحيات الفرعون صلاح

الأحد 2017/11/26

محمد صلاح مرّ من هنا.. محمد صلاح النجم المصري المتوهج ترك بصمته في كل مكان.. الفرعون المصري بصدد كتابة تاريخ عربي مجيد بأحرف من ذهب.. محمد صلاح قد يكون أول لاعب مصري وعربي تكون وجهته المقبلة ريال مدريد أو برشلونة بعد أن بدأ مسيرته من “الصفر”، بما أنه لم يتكوّن في مدراس أوروبا العريقة، بل هو “صنع محلي” عن جدارة.

هكذا يمكن أن نتحدث عن حال هذا النجم الذي شدّ كل الأنظار في موسمه الأول مع ليفربول، وبات أحد أفضل اللاعبين في الفريق والدوري الإنكليزي والدوريات الأوروبية عامة خلال هذه الفترة، فمعدلاته التهديفية المرتفعة ومساهماته الواضحة في أغلب انتصارات فريقه “الريدز” جعلته يكون أحد أهم الصفقات المبرمة في الدوري الإنكليزي خلال الصائفة الماضية.

سبق وأن تحدثنا عن صلاح، وسبق أيضا أن نوّهنا بموهبته الفطرية الفذّة وقدرته على حصد النجاح كلما حلّ وارتحل، لكن ما يحققه إلى غاية الآن مع ليفربول جعله يرتقي عدة درجات في سلم المجد، وبات اليوم أحد نجوم الشباك الأول في كرة القدم العالمية باستحقاق.

الفرعون المصري بدأ يتلقّى الإشادة تلو الأخرى طيلة الأسابيع الماضية، لكن عبارات الشكر والتنويه تضاعفت خلال الساعات الماضية، وتحديدا قبيل مباراة ليفربول الفريق الحالي لصلاح ضد تشيلسي الفريق السابق للاّعب المصري، لقد خرج يورغن كلوب مدرب ليفربول ليؤكد ببساطة أنه فخور بوجود لاعب “خرافي” في صفوفه، والأكثر من ذلك أنه استحضر تجربة صلاح مع تشيلسي عندما قال إنه سعيد للغاية بعدم نجاح النجم المصري في تجربته الإنكليزية الأولى مع تشيلسي، لأن ذلك الفشل قاده في نهاية المطاف إلى الدخول إلى قلعة “الريدز”.

أما أنطونيو كونتي مدرّب تشيلسي فتحدث قبل المباراة عن عبقرية صلاح وتأثيره الساحر في مستوى فريقه، مشيرا إلى أنه لا يمكن بالمرة محاصرة لاعب بمثل سرعة ونجاعة هذا اللاعب الذي يعتبر أحد أبرز نجوم الدوري الإنكليزي هذا الموسم.

لا أحد يمكن اليوم أن ينكر نجاح محمد صلاح في تجربته الأوروبية الخامسة، بعد محطات سابقة مع بازل السويسري ثم تشيلسي الإنكليزي ثم فيرونتينا فروما الإيطاليين، اليوم بات محمد صلاح أكثر نضجا وخبرة، وغدًا بلا شك سيكون أحد أهم النجوم التي ستتنافس الأندية الكبرى على ضمها، فريال مدريد يفكر في التعاقد معه وبرشلونة يراه لاعبا موهوبا بمقدوره تعويض رحيل البرازيلي نيمار.

هذه المعطيات ليست مجرد تكهنات وافتراضات مبدئية بل هي مؤشرات واضحة وجلية تفيد بأن نجم منتخب مصر يشقّ درب النجاح الباهر من أوسع الأبواب بعد عام يضجّ بالتألق والبروز اللافت.

أغلب الصحف المختصة أشارت إلى أن بقاء محمد صلاح لسنـوات طويلة مع “الريدز” ليـس مضمونا في ظل الصعود الصاروخي الذي يعرفه هذا النجم العربي، فالمستويات الرائعة التي قدمها هذا العام سواء في نهاية الموسم الماضي مع روما الإيطالي أو في بداية هذا الموسم مع ليفربول، فضلا عن تألقه اللافت مع منتخب مصر الذي نجح في قيادته إلى نهائيات كأس العالم بعد غياب استمر 28 عاما، كلها مؤشرات تفيد وتعطي الدليل على أن صلاح يحقّ له اليوم أن يصطفّ في الرواق الأول الذي يضمّ نخبة نجوم الكرة العالمية، ويحقّ له أيضا أن يطمح بأن يحققّ البطولات ويحصد الكؤوس سواء مع ليفربول أو مع فريق آخر ما دام الحديث بدأ منذ فترة عن فكرة رحيله إلى برشلونة أوالريال أو البايرن أواليوفي.

اليوم بلغ محمد صلاح سن الرشد والنضج الكروي إذ لم يتخطّ بعد سن السادسة والعشرين ربيعا، لكن رغم ذلك خاض تجارب عديدة ضمن أندية قوية على الصعيد الأوروبي، فابن مدينة بسيون الذي بدأ مسيرته الثابتة مع نادي المقاولون العرب نجح بسرعة قياسية في شدّ الانتباه ولم ينتظر طويلا كي يخوض أولى تجاربه في أوروبا التي ولجها من بوابة نادي بازل السويسري، فصلاح الذي انتقل في سن العشرين إلى هذا الفريق لم ترهبه أضواء أوروبا الباهرة والساحرة، بل واصل العمل حيث كان مصرا على الذهاب إلى أبعد الحدود ومعانقة المجد.

لم يدم انتظاره طويلا، فبروزه اللافت مع فريقه السويسري أثار إعجاب جوزيه مورينهو المدرب السابق لتشيلسي، وبعين الخبير الثاقبة طلب مورينهو من إدارة فريقه التوقيع مع هذا الفتى المصري الموهوب ليقطع صلاح أهم خطوة في مسيرته الاحترافية الناجحة فمجرّد اللعب مع فريق بمثل حجم وقيمة تشيلسي هو في حد ذاته إنجاز تاريخي، حتى وإن كان بلا تأثير.

وكل من اعتقد أن مرور صلاح مع تشيلسي لم يكن موفّقا عليه أن يعيد حساباته، لأن صلاح تعلّم من تلك التجربة، فقد أدرك أن الدخول في عالم المشاهير واللعب مع الفرق

الكبرى يتطلّب أكثر من مجرّد الموهبة، فالنجاح الدائم ينبني أساسا من التعلم من الفشل المؤقت، وهذا ما حصل مع الفرعون المصري الذي فجّر كل مواهبه وطاقاته في تجربته الإيطالية سواء مع فيرونتينا أو روما، إذ كتب سجلاّ رائعا طيلة المواسم الأخيرة، قاده إلى العودة مجددا إلى الدوري الإنكليزي قائدا متمرّسا وخبيرا بصفات فراعنة مصر العظماء.

كاتب صحافي تونسي

23