التسول الإلكتروني

الخميس 2017/07/06

" حسنة يا متصفحين" هذا ما وصلت إليه خبرات العديد من الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت، التي جعلت الأفراد جميعا في فضاء التكنولوجيا الحديثة، فقد انتشرت بل تغولت ظاهرة الاستجداء الإلكتروني عبر وسائط التواصل الاجتماعي من خلال رسائل مباشرة ومكررة عبر واتساب وتويتر أو فيسبوك والمواقع الإلكترونية الأخرى، تحت رسائل وطلبات أعدت بعناية وصنعة محترفين يتفوقون على متسولي الشوارع، وفي الغالب ترتكز هذه الظاهرة على طلبات كثيرة الأغراض والمضامين، لكنها توضع بتقنية حضارية وإنسانية مثيرة للعطف، محفزة للإحسان، لكن محصلتها المال والأشياء العينية التي يدعي طالبوها أنها تصل إلى أفراد أو لاجئين أو مهجّرين أو مستحقين وهميين، طلبات لا تنتهي ولا تُرد أحيانا لأنها تُقرن بأدعية وآيات قرآنية وصياغات لفظية، تفنن مرسلوها في تزييف الحقائق وإثارة العواطف والنعرات وتحاكي الميول والاتجاهات للأفراد الذين يتلقون مثل هذه الرسائل بين حين وآخر.

لقد وجد أولئك المتسولون من خدمة الوصول إلى الأفراد بعينهم عبر الإنترنت تسويغا لطلباتهم يسرت الوصول إلى أكبر الشرائح الاجتماعية بل تمرس هؤلاء في بث رسائلهم وتأطيرها بجمل تناغي معتقدات الناس وحبهم للخير واستعدادهم للمساعدة دون أن يدركوا الجهات التي تقف وراء هذه الرسائل المتسولة التي يتنوع مرسلوها بين نصابين عاديين، ودوليين محترفين، وراءهم منظمات مشبوهة، وحركات سرية، متفننين في الابتزاز واللصوصية.

لقد شغلت هذه الظاهرة الآخذة في الكبر أجهزة الأمن الإلكتروني وقوى مكافحة الإرهاب للحد من استهدافها للمجتمع، لحسابات شتى أبرزها جمع الأموال واستخدامها في الحروب القذرة، وفي الغالب ظهر وراء مروجي رسائل التسول تلك أفراد منظمون في الجريمة والخداع واستغلال الناس.

كيف تُوقف هذه الظاهرة والسيطرة عليها؟ هذا السؤال شغل أجهزة الدولة والرأي العام في آن، إن الذي يُبقي على استمرار هذه الظاهرة وكبرها أمران هما: انصياع بعض الناس واستجابتهم إليها هذا من جهة وتطوير وتفنن وتعديل رسائلها من قبل الجهات التي تقوم بترويجها من جهة أخرى.

وينصح المختصون في مكافحة ظاهرة “التسول الإلكتروني” بعدم التأثر بتلك الرسائل، والتحصن من استمالاتها، لأنها قد تجعل الأفراد من المستجيبين في موضع المسألة القانونية، عند التدقيق في مصادر التمويل لتلك الجماعات، وبذلك ييأس هؤلاء المروجون ويكفون عن انتهاجهم لهذا الأسلوب الابتزازي، وتنحسر الظاهرة وتتوارى.

24