بدوية حطمت قلبي

السبت 2017/06/24

سنقول للناس ونحن على أعتاب الليلة الأخيرة من رمضان، عيدا سعيدا لمن استطاع إلى الفرح والبهجة سبيلا.

شهر كامل لم أبتعد فيه عن الدار سوى المسافة القليلة بين العتبة وحاوية الزبل، وعلى سورها أجدد دعوتي للبشر أن يصنعوا ما يكفيهم من الطعام من دون مبالغة ستؤدي تاليا إلى هذا المشهد المرعب، حيث أطنان من فوائض الأكل ترمى وتذهب خارج منطقة ملايين البطون الجائعة حول الأرض.

في كلّ عام أختار مسلسلا تلفزيونيا واحدا أشاهده من بين هذا الزخ العظيم للمسلسلات التي لو تم توزيعها على كلّ شهور السنة، لكفت ووفت وفاضت. مسلسلي المفضل هذا العام كان عنوانه الجماعة وهو الجزء الثاني من قصة الإخوان المسلمين الطويلة

. كان عرضا مدهشا وبديعا، لكنه لم يخل من بعض ملل مرده مط المشاهد واجترار الحدث، أما الحلقات التي كان يغيب عنها الرئيس جمال عبدالناصر، فكانت تصيبني بالكثير من الملل والقليل من الدهشة، تماما مثل تلك الأوقات التي مرت على الرعية بعد مقتل عبدالله غيث عمّ النبي في فيلم الرسالة الكبير.

جوقة مذهلة من الممثلين الذين لا أعرف منهم سوى عبدالعزيز مخيون وصابرين التي عادت للتمثيل مع احتفاظها بالحجاب الذي يقتضيه دورها التلفزيوني، وهذا أمر منسجم مع حياتها الحقيقية بعد الاعتزال.

ثمة منغص خطير يصاحب تلك الفرجات التلفزيونية الجميلة، فأنت ستتلذذ بخمس دقائق طيبة من التمثيل، ثم يساط ظهرك ووجهك وروحك بعشر دقائق من الإعلانات التجارية، القهر الذي سيجعلك تهرب من تلك الدعايات القاتلة التي تطالبك بدفع زكاتك إلكترونيا أو حمل العائلة على ظهرك صوب مطعم فخم، أو مطالبتك باستعمال زيت الزيتون في قلي الباذنجان وفي تنعيم شعر الرأس، وعندك أيضا إعلانات تصنيع الأمل، فهذا مشروب يجعلك تطير من دون جناحين، وتلك شوكولاتة رائعة ستجعل يومك حيويا وغير خاضع لشروط ودلع مطبخ العائلة ومجلى الصحون.

قد تأخذك المصادفة الرحيمة وأنت تقلب عينيك بين حشد القنوات، صوب لقطات من مسلسل بدوي، حيث ترى النساء العنقاوات الجميلات بشفاه منفوخات وصدور فائرات وحواجب منتوفات ورموش طويلات وشعر أسود مثل ليل عاطر، وواحات نخيل تمره فيه طعام وفائدة وخمر رخيص وقصص عشق وحليب نوق، فيصيبك الحنين والشوق فتشتهي امرأة من البادية تعيش معها ببطن خيمة مربعة لا تكسر الظهر ولا تكلف جيبك المثقوب سوى عشر شعرات فائضات من ذيل حصان وخشبة وتنكة دهن فارغة تغطيها بفروة خروف مغدور وتجلس عليها حبيبتك البدوية اللذيذة وتغني لها عتابة قديمة تصيح مطالعها “حواجبه ارفاع وجبينه يشتعل بالكاع”.

24