21 مارس

الأربعاء 2017/03/22

الحادي والعشرون من شهر مارس، من كل سنة، ليس يوما عاديا في حساب الأيام، فهو اليوم الذي اختارته منظمة اليونسكو ليكون يوما عالميا للشعر، بناء على اقتراح من بيت الشعر المغربي، تبنته الحكومة المغربية على عهد طيب الذكر الأستاذ عبدالرحمن اليوسفي، لكن مصادفة تعيسة جعلت اليوم لا يصفو للاحتفال بفن الشعر وحده، والتعريف بفنونه وأعلامه، واستذكار نصوصه الإنسانية الخالدة، فالحادي والعشرون من مارس أيضا هو اليوم العالمي لمناهضة العنصرية، واليوم العالمي للنيروز، وهي مناسبات لا يذكرها إلا المعنيون بها، حيث يتذكر الشعراء يومهم وضحايا العنصرية يومهم، والمعنيون بالنيروز يومهم، وإن كانت قلة فقط تلتفت إلى مغزى هذه القيم الثقافية التي سعت الأمم المتحدة من خلال اختيار يوم لها لأن تجعلها في صلب اهتمام الأفراد، وتحسس الشعوب بأهميتها وضرورتها، وتحول الاحتفال بها إلى لحظة تأمل إنساني في رسائلها النبيلة.

يحل اليوم العالمي للشعر مباشرة بعد اليوم العالمي للحكاية الذي خصصت له اليونسكو يوم العشرين من مارس، دون أن يحس به أحد أو يعتني به أو يلتفت إليه، وكأن الحكاية لا تحتاج إلى حماية، فحياتنا حكايات متراسلة، وسلوكنا اليومي هو سرد لحكايات وقعت، وأخرى نختلقها اختلاقا لتزجية الوقت، ونحن لا نحتاج إلى من يذكرنا بقيمة شيء نعيشه بشهوة لا تنطفئ، في أعمالنا وفي المقاهي وعلى مائدة الطعام.

لكن حكاية اليوم العالمي للشعر خاصة جدا، فدعوة اليونسكو وجدت لها في السياق العربي صدى لا يخلو من إخلاص وتفان، حيث حلّ تأميم المبنى بدل تعميم المعنى، وشتان بين تعميم الشعر بين الناس وتأميمه، أي نزع ملكيته من أصحابه الأصليين ليكون في حوزة الشعب، هذا الشعب تحديدا الذي لا يحب من الشعر إلا التندر بصفاته، واتهام متعاطيه، إنه هو نفسه من يريد دمقرطة الشعر في اليوم العالمي للشعر، بإتاحة الفرصة للجميع لكتابته وإنشاده من على المنابر، وعدم إقصاء أحد تعللا بالقيمة أو ما شابه من الكلمات المتحذلقة التي ينافق بها النقاد زملاءهم في محافل مخملية، فالتعميم والاحتفاء والتكريس كلمات يجب أن تصب فعلا في مجرى حقيقة واحدة وهي جعل الشعر في متناول الجميع.

وهكذا بات اليوم الحادي والعشرون من مارس العربي، لحظة استثنائية للخروج من نفق الشاعر الذي لا يقرأه أحد إلا الشعراء الذين لا يعرفهم أحد، والذين يمضون السنة بفصولها الأربعة في إعداد العدة لليوم المشهود، بطباعة الدواوين، وتوفير مصروف الجيب لطباعة الملصقات واللافتات، وكراء الأجهزة الصوتية وإعداد حفلات الشاي، لأجل التقاط صور شعرية ساحرة، ستستمر في بث تأثيرها حولًا كاملا.

كاتب مغربي

15