يوليان ناغلسمان موهوب يخطط للنهوض بالمنتخب الألماني

أعلن الاتحاد الألماني لكرة القدم أن يوليان ناغلسمان سيتولى منصب المدير الفني للمنتخب الأول حتى نهائيات كأس الأمم الأوروبية (يورو 2024) المقررة بألمانيا. ويحل ناغلسمان، المدرب السابق للايبزغ وبايرن ميونخ، بديلا عن هانزي فليك، ووقع ناغلسمان عقدا حتى يوليو 2024، وسيضم الجهاز الفني للمنتخب مهاجم بايرن ميونخ السابق ساندرو فاغنر كمدرب مساعد.
ميونخ (ألمانيا) - عُيّن يوليان ناغلسمان مدربا للمنتخب الألماني لكرة القدم حتى نهاية يوليو 2024، وذلك قبل تسعة أشهر من استضافة ألمانيا نهائيات كأس أوروبا، حسب ما أفاد به الاتحاد المحلي للعبة. ويحلّ ناغلسمان بديلا عن هانزي فليك المقال من منصبه في العاشر من الشهر الحالي على خلفية تردي نتائج "دي مانشافت" التي توجها بالخسارة أمام اليابان 1-4 وديا. وفي سن السادسة والثلاثين بات ناغلسمان أصغر مدرب يشرف على المنتخب الألماني. وقال ناغلسمان في بيان الجمعة "ننظم نهائيات كأس أوروبا في بلادنا، وهذا شيء خاص".
وتابع "لديّ رغبة جامحة في مواجهة هذا التحدي”. من ناحيته وصف بيرند نويندورف رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم ناغلسمان بـ"المدرب المتميز" وقال "نحن مقتنعون بأنه سيضمن أن المنتخب الوطني سيلهم جماهيره وأن كأس أوروبا ستحقق أيضا نجاحا رياضيا".
ويستعد ناغلسمان لتدريب منتخب وطني يعاني من أزمة، بعدما أقال مدربا لأول مرة في تاريخه، بالاستغناء عن فليك غداة الهزيمة القاسية أمام اليابان بعد سلسلة من النتائج الكارثية (خسر أربعا من خمس مباريات) أدت إلى تسلم المهاجم الدولي السابق والمدير الرياضي الحالي للاتحاد المحلي للعبة رودي فولر المهام الفنية مؤقتا ليقوده إلى الفوز على فرنسا 2-1 وديا.
وستستضيف ألمانيا نهائيات كأس أوروبا الصيف المقبل بمباراة افتتاحية في 14 يونيو على ملعب "أليانز أرينا" في ميونخ، ونهائي في برلين في 14 يوليو. ويصل ناغلسمان في مهمة لإنقاذ البلد المضيف، ليكون بديلا مجددا عن فليك بعدما سبق أن خلفه في تدريب نادي بايرن ميونخ في صيف عام 2021 قبل أن يُقال في مارس 2023 على الرغم من أن النادي البافاري كان ينافس على ثلاث جبهات (الدوري والكأس المحليان ودوري الأبطال). وحقق ناغلسمان مع بايرن لقب الدوري الألماني 2021-2022، لكنه أقصي من دوري أبطال أوروبا على يد فياريال الإسباني في ربع النهائي.
أجواء حماسية
وقال رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم بيرند نيوندورف في بيان "نحن مقتنعون بأن يوليان ناغلسمان سيضمن خلق الفريق لأجواء حماسية بين جماهيرنا وسينجح في بطولة أوروبا على المستوى الرياضي". وكان فليك مساعدا لسلفه يواكيم لوف الفائز بكأس العالم مع ألمانيا في 2014، وخلفه في 2021 لكنه حقق أربعة انتصارات فقط في آخر 17 مباراة دولية وخرج من دور المجموعات في بطولة كأس العالم بقطر 2022.
وكان هذا الخروج الثاني على التوالي لألمانيا من الدور الأول في بطولة كأس العالم. وقبل تسعة أشهر من استضافة بطولة أوروبا تتوق ألمانيا، بطلة القارة ثلاث مرات، إلى فريق تنافسي في أول مسابقة دولية كبرى على أرضها منذ بطولة كأس العالم 2006. وانفصل بايرن ميونخ عن ناغلسمان في مارس الماضي بعد عام ونصف العام تقريبا في المنصب. وكان ناغلسمان خليفة فليك أيضا في بايرن عام 2021 وقاده إلى التتويج بلقب دوري الدرجة الأولى الألماني، لكنه أخفق في تحقيق نجاح أوروبي.
وبدأ ناغلسمان، الذي اعتزل اللعب في سن العشرين بعد سلسلة من الإصابات، مسيرته التدريبية مع هوفنهايم في 2016 وانتقل إلى رازن بال شبورت لايبزغ في 2019. واشتهر بأسلوبه الهجومي والضغط الشرس والتحولات السريعة، وكان أصغر مدرب في الدوري عندما قاد هوفنهايم في سن الثامنة والعشرين.
وبعد إقالته المفاجئة من تدريب بايرن يملك يوليان ناغلسمان في سن السادسة والثلاثين فرصة تلميع صورته في أوروبا كواحد من أكثر المدراء الفنيين موهبة، وذلك بعد تعيينه مدرباً لمنتخب بلاده قبل تسعة أشهر من استضافة منافسات كأس أوروبا.
وأصبح المدرب المُقال من بايرن قبل ستة أشهر رسميا ثاني أصغر مدرب في تاريخ منتخب ألمانيا بعد أوتو نيرتس (34 عاما) سنة 1926، فيما يحاول “دي مانشافت” استعادة توازنه عقب خيبة الخروج من دور المجموعات في مونديال قطر. وبعد سير الجيل الجديد الموهوب على خطى يورغن كلوب الذي استعاد إنجازات ليفربول الإنجليزي، عرف ناغلسمان أول إخفاق له في الموسم الفائت، إثر إبعاده عن تدريب بايرن خلال أسابيع الموسم الحاسمة.
وفي جبال الآلب حيث كان يستمتع بعطلته خلال فترة التوقف الدولية، علم من الصحف بقرار الرئيس التنفيذي أوليفر كان والمدير الرياضي البوسني حسن صالحميدجيتش. بالنسبة إلى ابن مدينة لاندسبرغ أم ليخ الواقعة على بعد ستين كيلومترا من مقرّ بايرن، تحوّل تدريب الفريق الأكثر نجاحاً في تاريخ ألمانيا إلى كابوس.
قال في مقابلة مع صحيفة "دي فيلت، فيلت أم سونتاغ" في 18 مارس الماضي "قبل وصولي تخيّلت كل الأمور الوارد حدوثها كمدرّب لبايرن. هناك شيء واحد لا يمكن الاستعداد له: إلى أي درجة تكون الأمور بيضاء بالكامل أو سوداء".
في يوم أحد من نهاية فصل الشتاء خسر بايرن على أرض ليفركوزن (1-2)، ودون معرفته كانت المباراة الأخيرة لناغلسمان على رأس الفريق البافاري. كان صاحب الأرقام القياسية (ريكوردمايستر) قد أنفق بين 20 و25 مليون يورو لانتزاع المدرب من لايبزيغ في صيف 2021، من أجل التوقيع معه لخمسة أعوام بدلاً من هانزي فليك المقال بدوره أخيرا من المنتخب الألماني.
وفيما كان لا يزال مرتبطا ببايرن عيّن النادي توماس توخيل، المدرب السابق لسان جرمان، بديلا عنه، علما بأن الأخير أطلق مسيرته التدريبية في 2008. بعد إصابة خطيرة في ركبته بعمر العشرين، عندما كان قلب دفاع فارع الطول (1.90م) مع رديف أوغسبورغ، قبل ناغلسمان اقتراح مدربه آنذاك بمراقبة الخصوم.
عرفت مسيرته التدريبية صعودا صاروخيا. بعمر لم يصل فيه بعض اللاعبين إلى ذروة مسيرتهم، حطّم الأرقام القياسية للبدايات المبكرة بين المدربين في أوروبا. في فبراير 2016 وبعد رحيل المدرب الهولندي هوب ستيفنز بسبب مشكلات في القلب، عُيّن مدرباً لهوفنهايم وأصبح في سن الثامنة والعشرين أصغر مدرّب في الدرجة الأولى ضمن بطولة أوروبية كبرى. كان النادي يترنح في المركز قبل الأخير في البوندسليغا، أنقذه ناغلسمان بشق الأنفس وأبقاه في الدرجة الأولى.
استحواذ وتغيير
بعد ذلك بسنتين ونصف السنة، وإثر حلوله ثالثا في البوندسليغا، أشرف على المباراة الأولى لفريق ضمن دوري أبطال أوروبا، عندما كان في سن الحادية والثلاثين على رأس هوفنهايم. وخلال أغسطس 2020 في لشبونة، بعد سنة من انتقاله إلى لايبزغ، جلس على مقعد البدلاء في مباراة ضمن نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، عقب مرور أيام قليلة على عيده الثالث والثلاثين.
لخّص في منتصف مارس الماضي فلسفته في اللعب خلال تقديم أطروحته التدريبية "السيطرة على المباراة من خلال الاستحواذ وتغيير الإيقاع". تحت ألوان بايرن لم يفقد أعصابه أمام رجال الإعلام، حيث قال "لست ممثلا. تُطرح عليّ أسئلة وأجيب. ببساطة لأني لا أريد لعب أي دور على الإطلاق". قبل الانتقال إلى أرض ليفركوزن تحدّث عن واشٍ داخل غرف الملابس، وذلك بعد كشف رجال الإعلام خططه التكتيكية.
◙ رئيس الاتحاد الألماني بيرند نيوندورف قال إنهم مقتنعون بأن يوليان ناغلسمان سيضمن خلق أجواء حماسية للفريق
وفي الملاعب أظهر "عضلاته"؛ عبّر عن غضبه بشدّة تجاه أحد الحكام في منتصف فبراير، قبل تقديم اعتذاره بسرعة. ثم تعرّض لغرامة بقيمة 50 ألف يورو من قبل الاتحاد الألماني. وكانت علاقته متوترة أحياناً مع بعض كوادر الفريق، رغم أن يوزوا كيميش، أحد أبرز المدافعين عنه، أكّد أن المدرب لم يخسر ثقة غرف الملابس، خلافا لما شرحه لاحقا أوليفر كان وحسن صالحميدجيتش، علما بأنه خسر ثلاث مباريات فقط من أصل 37 مع بايرن. أحرز مع بايرن لقب الدوري الألماني 2021-2022، لكنه أقصي من دوري أبطال أوروبا على يد فياريال الإسباني في ربع النهائي.
واشتهر بأسلوبه الهجومي والضغط الشرس والتحولات السريعة، وكان أصغر مدرب في الدوري عندما قاد هوفنهايم في سن الثامنة والعشرين. ووعد الجماهير بتطبيق أسلوبه خلال المباريات المقبلة عند السفر إلى الولايات المتحدة لمواجهة أميركا والمكسيك الشهر القادم. وتابع "نأمل في رؤية هذا الأسلوب بدءا من مبارياتنا الدولية المقبلة". وتراجع دعم المنتخب إلى أقل مستوى بعد عامين محبطين تحت قيادة فليك.
وشدد ناغلسمان على حتمية تقديم كرة قدم جذابة للجماهير، مع ضرورة التحلي بالشراسة الإيجابية أمام مرمى المنافس، مضيفا "يجب أن نلحق الهزيمة بأي منافس يواجهنا". ورغم توقيعه على عقد قصير الأمد، إلا أن صاحب الـ36 عاما فتح الباب أمام استمراره لفترة أطول بعد بطولة اليورو. وفي ختام تصريحاته نفى ناغلسمان عزمه على نزع شارة القيادة من ذراع إلكاي غوندوغان، مؤكدا استمرار الأخير في دوره، وهو ما أبلغ به اللاعب بنفسه.
الدور الأبرز
وتردد أن فولر، مدير المنتخب الألماني، لعب الدور الأبرز في اختيار ناغلسمان. وقال فولر "يوليان ناغلسمان كان المرشح المفضل لدينا منذ البداية. ليس فقط لأنه خبير في كرة القدم، وإنما أيضا لأنه أثبت عبر كل المناصب التي شغلها، وذلك في سن صغيرة بالنسبة إلى مدير فني، أنه يمكنه تحفيز وإلهام الفرق وكل البيئة المحيطة".
من جانبه أشاد ماركو روزه، المدير الفني لفريق لايبزغ، باختيار ناغلسمان في منصب المدير الفني للمنتخب الألماني، حيث قال "أعتقد أن ذلك رائع، كل الدعم ليوليان على أمل أن نحصل على نتائج وأن نتطور بشكل جيد وأن نشارك بنجاح في بطولة أمم أوروبا العام المقبل".
أما إدين تيرزيتش، المدير الفني لدورتموند، فقال "كان قرارا جيدا بالنسبة إلى ناغلسمان والكرة الألمانية بصفة عامة، إنه مدرب ناجح مثلما يتخيله الجميع". وقال توماس توخيل، الذي تولى تدريب بايرن ميونخ بعد مغادرة ناغلسمان، "من دون شك هو مدرب كبير، كان لدينا أيضا مدرب كبير قبله، لكن علينا أن نحترم بعضنا البعض، مازلت مقتنعا بأن المنتخب كان سيقدم أداء جيدا تحت قيادة فليك في أمم أوروبا المقبلة".
وتطرق توخيل إلى الحديث عن تعيين سلفه ناغلسمان مدربا للمنتخب الألماني قائلا "لا شك في أنه مدرب كبير، ولديه كل شيء لهذا المنصب، مثلما كان الحال مع هانز فليك". واستطرد "كنت واثقا من قدرة فليك على تصحيح الوضع وتقديم مردود جيد في بطولة يورو، وكذلك أثق في ناغلسمان".