"يوركا" فرقة مصرية تعزف الموسيقى العربية بروح أسبانية

"يوركا" هو اسم إحدى الفرق الموسيقية التي ظهرت على الساحة المصرية خلال العقد الأخير، واستطاعت بما تقدمه من مادة موسيقية مميزة أن تجتذب شريحة واسعة من الجمهور.
الأربعاء 2015/09/09
الفرقة تمزج بين الموسيقى الأندلسية والغربية

تقيم فرقة “يوركا” المصرية حفلاتها في شكل منتظم في دار الأوبرا المصرية، وفي مركز ساقية الصاوي الثقافي في ضاحية الزمالك بالقاهرة، ويقود الفرقة الموسيقي وعازف البيانو عبدالمنعم سعيد، واسم “يوركا” نسبة إلى إحدى أشهر الجزر الأسبانية مايوركا والتي كانت في وقت من الأوقات أحد الحصون المنيعة أيام الحكم العربي لأسبانيا.

وتمثل الموسيقى التي تقدمها فرقة “يوركا” حالة استثنائية لم تعهدها الأذن المصرية والعربية، بمزجها الفريد والمتقن بين الموسيقى الأندلسية والموسيقى الكلاسيكية الغربية.

وعلى الرغم من أن محاولة المزج هذه بين الموسيقى الشرقية والغربية ليس بالأمر الجديد على الساحة الموسيقية في الوطن العربي، إذ كانت هناك محاولات كثيرة نحت مثل هذا المنحى من قبل، إلاّ أن هذا التزاوج الذي تقدمه فرقة “يوركا” في مقطوعاتها الموسيقية القصيرة ما بين آلة البيانو والقانون، وذلك العناق الحميم ما بين صوت الناي وآلة التشيلو، أو الكونترباص، والحوار المسهب بين الطبلة الشرقية والقيثارة الأسبانية، كان له وقع السحر على كل من استمع إلى هذه المقطوعات الموسيقية التي قدمتها الفرقة منذ أول ظهور لها على خشبة المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية عام 2001 وحتى الآن.

إقبال جماهيري

لعل ما يلفت الانتباه، هذا الإقبال من جانب أجيال من الشباب من مختلف الأعمار على تلك الموسيقى، في الوقت الذي تمتلئ فيه الساحة بأصناف شتى من المشهيات التي تخاطب ميل الشباب إلى الموسيقى الغربية والإيقاعات الحديثة، وكأن هناك شيئا ما لدى الجمهور مازال يبحث فيه عن الإبداع الحقيقي، ويتلهف عليه وسط كل هذه الفوضى، وهذا هو التفسير الوحيد لذلك القبول والحفاوة التي قوبلت بها مثل هذه النوعية من الموسيقى التي تقدمها فرقة “يوركا” منذ سنوات.

موسيقى الفرقة كيان متفرد جامع بين الماضي وأجواء الشرق الساحرة، وبين دسامة ورصانة الموسيقى الكلاسيكية الغربية

ولقد لعبت الأصول التي تنتمي إليها أسرة قائد الفرقة عبدالمنعم سعيد دورا مؤثرا في التأكيد على ذلك المزج البادي في موسيقاه، ما بين الشرقي والغربي، فهو ينتمي إلى أسرة ذات أصول مغاربية، وكان لأبيه ولع خاص بالموسيقى الأندلسية، والتراث الإيقاعي الجزائري على وجه الخصوص.

أما هو فقد تعرف على الموسيقى الكلاسيكية منذ وقت مبكر قبل دراسته في معهد “الكونسرفتوار” بالقاهرة. ولقد كون هذا المزج لديه ودون أن يدري نوعا خاصا من الإيقاع انعكس على مقطوعاته الموسيقية، ليخرج لنا في النهاية شيئا ذا كيان متفرد، يجمع فيه بين عبق الماضي وأجواء الشرق الساحرة، وبين دسامة ورصانة الموسيقى الكلاسيكية الغربية.

يبقى السؤال كيف راهن الموسيقي عبدالمنعم سعيد من البداية على ذلك النوع من الموسيقى؟ وهل كان يتوقع هذا الاستقبال الذي حظيت به حفلته الأولى على مسرح دار الأوبرا المصرية؟ أو هذا الإقبال المتزايد على موسيقاه؟ خاصة وسط أجيال الشباب؟

يقول عبدالمنعم سعيد معلقا على السؤال “كنت أعرف من البداية أنني أقدم شيئا مختلفا، ولكن مع ذلك كان بداخلي شيء من الطمأنينة والرضا، يعززه ذلك المجهود الذي تم بذله، فقد كنت مدركا بأني لم أسلك طريقا سهلا، لذا لم أتهاون مطلقا في ما أقوم به.. كانت هناك رغبة في تقديم شيء مختلف وصادق ينتمي إلى تراب هذه الأرض وتاريخها العريق”.

عزف مختلف

عبدالمنعم سعيد، كما يقدم نفسه، هو في النهاية فنان مصري وعربي قبل كل شيء، تشبع بالثقافة والتاريخ والحضارة العربية، وكان عليه أن يقدم شيئا يوازي أو يتناسب مع هذا الثقل الحضاري والثقافي، وهي قناعة آمن وحرص على ترجمتها عمليا، دون الالتفات إلى معادلة النجاح والفشل التي تعد أمرا نسبيا في كثير من الأحيان.

لعبت الأصول التي تنتمي إليها أسرة قائد الفرقة عبدالمنعم سعيد دورا مؤثرا في تأكيد المزج البادي في موسيقاه

ويضيف سعيد قائلا “نعم، كنت أتوقع شيئا من القبول لما سوف أقدمه، لكنني بالفعل لم أتوقعه على هذا النحو، فهناك تجارب جادة كثيرة سبقتني لم يكتب لها الاستمرار، وتاهت في خضم الضجيج والعبث الموجود الآن على الساحة، ومن الطبيعي أن يداخلني الشعور بالقلق”.

ومع ذلك كان استقبال الجمهور أكثر من رائع لسعيد وفرقته في أول حفلة أقامها على مسرح دار الأوبرا المصرية، مما أمده وأعضاء فرقته بالقوة والثقة في ما يقدمونه.

ويختم سعيد قائلا “هذه القوة والثقة التي جعلتنا مستمرين حتى اليوم، ولولا ذلك لكنا قد توقفنا منذ سنوات، خاصة في ظل الافتقار إلى الدعم والتشجيع المناسب من قبل المؤسسات الرسمية”.

16