يوتيوب تراهن على صانعي المحتوى لمواجهة منافسيها

كشف موقع يوتيوب عن جملة من الخطوات الجديدة لمواجهة المنافسة المحتدمة، حيث تطمح المنصة الأميركية للاحتفاظ بصناع المحتوى من خلال إعطائهم مجموعة من المحفزات وتوسيع نطاق دخلهم، كما تسعى لاستكشاف عالم “إن.إف.تي” عبر وضع خطط للحد من الاحتيال في سوق الفن الرقمي وتعزيز التفاعل في الواقع الافتراضي.
سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) – أعلنت منصة يوتيوب عن مجموعة جديدة من الأدوات، تضم خطوات خاصة بصانعي المحتوى الذين يشكّلون عصب الحرب للشبكات الاجتماعية.
وتهدف المنصة الأميركية من خلال هذه الأدوات الجديدة إلى إعطاء محفزات للمؤثرين أو تعزيز انتشار المحتويات الرائجة، في سياق معركة آخذة في الاحتدام للاحتفاظ بالمبدعين ولفت انتباه المستخدمين.
وحاول موقع يوتيوب وهو أكبر خدمة بث في العالم، ومملوك لشركة ألفابت، على مدى العام الماضي الاحتفاظ بالمستخدمين عبر تعزيز الإرشادات والتوجيهات المتعلقة بالمميزات القادمة، وسط منافسة تزداد شراسة من منصة تيك توك التابعة لشركة بايت دانس وإنستغرام التابع لشركة ميتا.
صانعي المحتوى
قال نيل موهان كبير مسؤولي المنتجات في خدمة الفيديو التابعة لمجموعة غوغل، إن “صانعي المحتوى على يوتيوب هم قلب النظام الأساسي وروحه”.
وترتبط الميزات الجديدة أولا بنسق “شورت”، وهي مقاطع فيديو قصيرة لا تتعدى مدتها 60 ثانية وغالبا ما تكون مضحكة أو موسيقية، بما يشبه نموذج تطبيق تيك توك الرائج للغاية والذي تم نسخه أيضا على فيسبوك وإنستغرام.
يوتيوب تدرس إمكانية السماح للمستخدمين بمشاهدة مقاطع الفيديو معا في واقع افتراضي بتقنية ميتافيرس
وأشار موهان إلى أن المقاطع المنشورة بهذا النسق الذي أطلقته يوتيوب في أكثر من 100 دولة في يوليو، “سجّلت أكثر من 5000 مليار مشاهدة”.
ووفقا لموقع إن.بي.سي نيوز أكد موهان أن “هناك الكثير مما يجب مراعاته للتأكد من تعاملنا مع هذه التقنيات الجديدة بمسؤولية.. لكننا نعتقد أن هناك إمكانات لا تصدق أيضا”.
كما أن نسق البث المباشر “لايف” يسجل نجاحا، فبحسب المنصة، تضاعف الوقت المستغرق في مشاهدة مقاطع الفيديو الحية أكثر من ثلاثة أضعاف في غضون عامين، من يناير 2020 إلى ديسمبر 2021.
وستتيح يوتيوب إمكانية البث المباشر التعاوني، ما سيمكّن المؤثرين من تبادل الأحاديث على الهواء مباشرة، الامر الذي يقلل من الرهبة التي يواجهها صنّاع المحتوى في البث المباشر الانفرادي.
وتعتزم المنصة، على غرار منافسيها، تنويع مصادر الدخل لنجومها الصاعدين والمخضرمين، مع إمكان تقديم اشتراكات مدفوعة على قنواتهم على سبيل المثال.
وتعمل يوتيوب على “توفير طريقة يمكن التحكم فيها تتيح للمعجبين امتلاك مقاطع فيديو أو صور أو أعمال فنية أو حتى تجارب فريدة من صانع المحتوى المفضل لديهم”.
سوق الفن الرقمي
تسعى يوتيوب كذلك لاستكشاف عالم “إن.إف.تي”، وهي شهادات توثيق لأصالة المنتجات الرقمية (مقاطع فيديو أو قطع فنية أو أي مواد رقمية قيمة أخرى مربوطة بتكنولوجيا حفظ السجلات بلوك تشين)، حققت شعبية كبيرة عام 2021، ما “سيسمح للمبدعين ببناء علاقات أوثق مع معجبيهم”.
وقدم الموقع خططه الخاصة بالتكنولوجيا الرقمية “بلوك تشين”، و”ميتافيرس” لعام 2022، قائلا إن بإمكانه الاستفادة من التكنولوجيات الناشئة للحد من الاحتيال في سوق الفن الرقمي سريع النمو وتوفير تجربة مشاهدة اجتماعية أكثر ثراء لمحتوى الألعاب.
وقال يوتيوب الشهر الماضي إنه يستكشف ما يسميه المؤيدون تقنيات “ويب 3”، مثل الرموز الغير قابلة للاستبدال “إن.إف.تي”.
ارتفعت مبيعات “إن.إف.تي” العام الماضي، لكن منتقدين يقولون إن عمليات الاحتيال وسرقة حقوق النشر وغيرها شائعة للغاية.
ولفت يوتيوب إلى أن من بين الميزات المحتملة إتاحة أساليب للتحقق من شرعية المواد والأصول القيمة باستخدام مكتبة الفيديو الخاصة بيوتيوب.
وأفاد الموقع في منشور بمدونة “إتاحة وسيلة يمكن لجمهور المعجبين من خلالها التحقق من أجل امتلاك مقاطع فيديو وصور ومواد فنية وحتى تجارب مقدمة من مبدعيهم المفضلين قد يكون أملا منشودا لمبدعي المحتوى وجماهيرهم”.
كما أعطى يوتيوب أولوية لتكنولوجيا الواقع الافتراضي الرقمي “ميتافيرس”، وهي أحد عناصر حركة “ويب 3”، التي تقوم على وصف عوالم افتراضية مشتركة، يتفاعل فيها الأشخاص عادة عن طريق الصور الرمزية المعبرة عن الأشخاص (الأفاتار).
المنصة تعتزم، على غرار منافسيها، تنويع مصادر الدخل لنجومها الصاعدين والمخضرمين
وكشف يوتيوب أنه ليست لديه أفكار ثابتة حتى الآن، لكن من بين الاحتمالات، السماح للمستخدمين بمشاهدة مقاطع الفيديو معا في واقع افتراضي بتقنية ميتافيرس.
وأضاف في منشور المدونة أنه سيركز الآن بشكل عام على مقاطع الفيديو المتعلقة “بالألعاب، حيث سنعمل على جلب المزيد من التفاعلات في الألعاب، وجعل المستخدمين يشعرون بالمزيد من الحياة”.
وكانت منصة يوتيوب أضافت مطلع فبراير الحالي مجموعة تحديثات إلى واجهة التطبيق الخاص بالأجهزة المحمولة لتسهيل إضافة تعليقات المستخدمين ومشاركة الفيديوهات.
وأشار موقع سي.نت.دوت كوم المتخصص في موضوعات التكنولوجيا إلى أنه كان على المستخدمين قبل إضافة هذه التحديثات تصغير نافذة التطبيق حتى تظهر هذه الوظائف.
ولم تنس يوتيوب خدمة العلامات التجارية، إذ تعمل على أدوات لتسهيل الشراء مباشرة في الفيديوهات أو عبر “التسوق المباشر”.
وحققت غوغل أرباحا صافية سنوية قدرها 76 مليار دولار عام 2021، أي ما يقرب من ضعف أرباحها عام 2020، ولا تزال تهيمن على سوق الإعلانات عبر الإنترنت، متقدمة على ميتا في المرتبة الثانية.
لكن الضغط على أدوات التوجيه الإعلاني التي يؤخذ عليها جمع كميات زائدة من المعلومات الخاصة بالمستخدمين، والمنافسة المتزايدة من تيك توك أو ألعاب الفيديو، تجبر الشركتين العملاقتين على التنويع للحفاظ على موقعهما.
وتشير تقارير إعلامية إلى أن منصة تيك توك تجاوزت منصة يوتيوب، وحقق مستخدموها مدة أطول في مشاهدة المحتوى مقارنة بمستخدمي منصة يوتيوب، في مؤشر يظهر مدى صعود المنصة الصينية على قائمة التطبيقات الاجتماعية الأكثر شعبية خلال بضع سنوات فقط.