"يسرقون الصيف من صندوق الملابس".. قصائد تفتح أسئلة الذات على الكون

بيروت- في مجموعته الشعرية الجديدة “يسرقون الصيف من صندوق الملابس” يطرق الشاعر الفلسطيني نزار أبوناصر باب السؤال النافذ من ذاته للكون، كأنه يمارس لعبة التساؤل والإجابات المُخيفة والمخفيّة التي يكتفي بالتلميح لها دون تصريح مُباشر.

مجموعة تقفز على الأشكال والأطر والمفاهيم لتحدث دهشة التلقي الأول
وعلى امتداد هذا العمل الصادر حديثا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، يُعيد الشاعر التذكير بأهدافه الإنسانية الكُبرى، حين لا يتعمّد اللجوء إلى صيرورة الحزن والألم النفسي والإحساس بالغربة والانعزال، تلك التي تُشكّل مسارا تأطيريا متكرّرا يأخذ من الحداثة قشرتها، بل يستخدم أدواته الشعرية وقوالبه العلمية ويتمرّد عليها بلغة عصرية تتفتّح داخل النص لتنشر أريج بلاغة مغايرة تستنبطُ وتستبطنُ معا معاني جديدة معتمدة على تقنية سردية في بعض قصائد التفعيلة أو على ديناميكية متحرّرة من تقييد وهمي للشكل العمودي، فهو يدخل إلى الإطار الشكلي ليستفزّ النمطية لتنزاح معه نحو هدفه المنشود، وهو القصيدة المفارقة للسائد.
هذه المجموعة تقفز على الأشكال والأطر والمفاهيم لتحدث دهشة التلقي الأول، واستمرارية هذه الدهشة في كل قراءة تتوالى بعد ذلك، فالنصوص التي تبدو مُغلقة تفتح أبوابها للفهم الكُلي بمواربة الأبواب على المقاصد والأفكار.
وأبوناصر يبتكر في ديوانه الأخير طريقة تُحسب له كبصمة شعرية مميّزة لا لبس فيها، ورغم اتضاح الرؤية الشمولية لأهدافه الإنسانية، إلاّ أن انطباعيته تبدو ظاهرة في الكثير من الزوايا التي تُنير نضوج الجسد في القصيدة البكر.
وهو الذي يقول في قصيدته “العصافير لا تتقن رقصة البجع”، “لمن أغيب/ وطرقي رهن مسمعي/ يا باب دوّن إذا الموصود مرتجعي/ لمن أغيب/ أراك الآن بعد غد/ غدي تأنى/ كأمسي الساكت استمعي/ صفو البحيرة مكر الليل يسأله/ من مر قبلي/ درى عن رقصة البجع/ في رجفة البعد ينزاح المكان لنا/ بكى سياجا بملء الآه في الركع”.
والشاعر نزار أبوناصر، فلسطيني الأصل مقيم بالإمارات، صدرت له حتى الآن ثلاثة دواوين، هي “عطش في قطرة مطر” و”بدل فاقد” و”يسرقون الصيف من صندوق الملابس”.