يبقى وطني أجمل الأوطان

الاثنين 2015/06/29

لا خيار لنا إلا الوحدة، ولا بقاء لنا إلا الالتفاف حول قيادتنا الشرعية. وطن صغير صغير جدا لا يقبل القسمة ولا الفتنة. سنخبر أحفادنا عن وقفة الشعب الكويتي في هذه الأيام وقفة رجل واحد لاستنكار وشجب تلك الجريمة القذرة الجبانة.

سنخبرهم عن أمير البلاد حفظه الله ورعاه الذي تعالى على ثقل السنين وتعب الصيام، وذهب من غير حراسة إلى موقع للتو شهد انفجارا إرهابيا مروعا، قالوا له الموقع خطر عليك، فرد عليهم وهو يغالب دموعه “هذولا عيالي”.

استلهم الشعب من قائده تلك الوقفة المباركة، فذهب ليسطر أروع وأجمل المواقف التي تشعرك بالفخر أنك كويتي. أرسل لي أحد أقربائي من الشباب الصغار صورة الطوابير الكبيرة والطويلة أمام بنك الدم للتبرع لمصابي وجرحي التفجير الإرهابي، وأخبرني أنه وزملاء دراسته وقفوا أكثر من ساعة في الطابور ولم يذهب الناس إلا عندما اعتذر مسؤولي البنك منهم، وأعلن اكتفاءه لليوم وطلب منهم المجيء غدا. موقف ملحمي رائع اختلطت فيه دماء الشعب الكويتي بكل طوائفه. وكذلك سيسطر التاريخ في أنقى صفحاته تلك الدعوات التي تداعى لها الشباب الكويتي من السنة عن نيتهم تأدية صلاة المغرب في مساجد إخوانهم الشيعة، في موقف تاريخي وعظيم يقول للإرهاب والإرهابيين فشلتم وخاب مسعاكم.

وفي رسالة أخرى ليست فقط لهؤلاء الإرهابيين بل للعالم كله، أن من سقطوا شهداء في ذلك المسجد هم أهلنا وإخواننا، لذلك فإن عزاهم تقرر أن يكون في مسجد الدولة الكبير.

وطن صغير جميل وشعب أجمل لم تهزه انفجارات المجرمين، ولم تفرقه، بل على العكس جمعته أكثر وأكثر.

منظر أولئك المصلين من كبار السن والدم الأحمر يغطي دشاديشهم البيضاء، وصور الأطفال الصغار الذين تناثرت أجسادهم الطاهرة على أرض المسجد رسخت الاعتقاد لدى المواطن الكويتي، من كل الطوائف، أن المستهدف كان الوطن، وأن وحدته كانت هي الهدف لهؤلاء المجرمين الذين تأتينا أخبارهم وأخبار أفعالهم من كل الأقطار التي ابتليت بهم، وأن شرهم طال الجميع لم يسلم منهم مسلم ولا مسيحي ولا سني ولا شيعي، هم يكفّرون الجميع ودم المسلم عندهم كالماء يهدرونه ويسفكونه لأتفه الأسباب.

‏تبقى الكويت جميلة مهما حاول الأشرار زرع البثور على وجهها. وطني يا أجمل الأوطان أنت جميل بشيعتك، بسنتك، وبحضرك وبدوك.

نقطة أخيرة: ‏رحمك الله وأدخلك فسيح جناته يا دكتور جاسم الخواجة، كان من أطهر وأرقى الأساتذة الذين درست عندهم، نقي جدا ولا يحمل في قلبه ذرة ضغينة لأحد. توفاه الله في ذلك التفجير الإرهابي أسأل الله له الرحمة والصبر والسلوان لعائلته الكريمة، لا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون.

كاتب كويتي

8