"ونتر وندرلاند" مدينة تجمع كل السعوديين على المرح

بات السعوديون والسعوديات ينعمون بهامش من الحرية التي تدمجهم في الحياة المعاصرة، من السينما إلى المهرجانات إلى مدن الألعاب حيث يلتقي الشباب دون فصل بين الذكور والإناث كما في مدينة ونتر وندرلاند التي قدمت من لندن ضمن موسم الرياض للترفيه.
الرياض - في شمال الرياض، تستقطب مدينة ملاهي “ونتر وندرلاند” الآلاف من الزوار يوميا ويختلط فيها الذكور والإناث والكبار والصغار حتى أن كبار السن والمتقاعدين نظمت لهم زيارة للتعريف بمدينة الألعاب، في ظاهرة لم تكن مألوفة حتى أشهر قليلة، فتحولت إلى رمز لسياسة الانفتاح والترفيه الجديدة في المملكة.
وتندرج المدينة الترفيهية العملاقة القادمة من لندن والتي تمتد على مسافة 200 ألف متر مربع ويمكن رؤية عجلتها الكبيرة المضاءة من على بعد مئات الأمتار، في إطار “موسم الرياض” للترفيه الذي أطلقته السلطات في أكتوبر ويمتد حتى منتصف مارس الجاري.
ويشمل الموسم فعاليات غير مسبوقة، هي الرياض بوليفارد، واجهة الرياض، معرض الرياض للسيارات، رياض ونتر وندرلاند، ملاعب الرياض، الحي الدبلوماسي، المربع، الملز، وادي نمار، نبض الرياض، رياض سفاري وصحاري الرياض.
ويعد موسم الرياض أحد مواسم السعودية التي تهدف إلى تحويل البلاد إلى وجهة سياحية وترفيهية رائدة، وتعزيز مكانة السعودية على خارطة السياحة والترفيه العالمية، وتفعيل دور الترفيه ضمن منظومة اقتصادية داعمة لـ”الرؤية السعودية 2030”.
وتضم المدينة مجموعة من العروض تصل إلى 42 لعبة مختلفة تناسب جميع الأعمار، فيها أكبر حلبة تزلج في الشرق الأوسط تقدم عروضا حية للمتزلجين والموهوبين في هذه الرياضة من دول مختلفة من العالم.
وتتيح مدينة “الرياض ونتر وندرلاند” للزائرين أيضا فرصة خوض مغامرة الدخول في أعماق البحار داخل لعبة “مملكة الجليد السحريّة”، كما تتيح لهم الاستمتاع بجلسة في مقهى ثلجي مزين بمنحوتات ثلجية لفنانين عالميين.
وتضم المدينة أيضا ألعابا نارية مبهرة، بالإضافة إلى العروض المسرحية وعالم مارفل لمن يرغب في أن يكون أحد الرجال الخارقين مثل الرجل الحديدي أو كابتن أميركا وغيرهما، حيث يمكنه دخول اللعبة والطيران والتحليق مثل الأبطال الخارقين، فمن خلال تقنية ‘ثري دي’ يمكن معايشة تجربة أبطال مارفل.
ويمكن للزوار المشاركة في فعالية “فندق الهروب”، حيث يجب على الزائر حل ألغاز في وقت محدد وفك رموز وشفرات للهروب من فندق محكم الإغلاق.
وتضم المدينة منطقة لشاشة “لونا سينما” العملاقة التي تعرض أفلاما جديدة عبر شاشة كبيرة، مع وجود جلسات مفتوحة للاستمتاع بالعرض السينمائي في الهواء الطلق.
وقرب أرجوحة الأحصنة، وقفت سلطانة غانم (42 عاما) تراقب الأطفال وهم يدورون فوق خيولهم على وقع موسيقى صاخبة.
وقالت الأم لأربعة أطفال “هذه ثقافة جديدة علينا. هناك من يقبلها وهناك من لا يقبلها”، لكن على أي حال “المكان كلّه بهجة وحيوية في شكل لم نعتد عليه”.
ويمكن رؤية آباء وأمهات وأطفال بالإضافة إلى فتيات من دون عباءة أو غطاء للرأس في “ونتر وندرلاند” التي تحمل اسم المدينة الشتوية الشهيرة في لندن.
وتضم الرياض مدينتي ألعاب أخريين، لكنهما أصغر حجما ويقتصر دخولهما على الأسر فقط من دون اختلاط بين الشبان والشابات.
وأجرت المملكة خلال السنوات الأخيرة تغييرات اجتماعيّة مهمّة وإصلاحات اقتصاديّة بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أبرزها رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيّارات وإعادة فتح دور السينما والسماح بإقامة حفلات غنائية ووضع حد للحظر على الاختلاط بين الرجال والنساء في مجتمع محافظ إلى حد كبير.
وتسعى المملكة التي كانت تكتفي لعقود بالسياحة الدينية فقط، إلى استقبال 30 مليون سائح بحلول العام 2030، وإلى دفع مواطنيها للإنفاق على الترفيه في بلدهم. ولهذا الغرض تنظم الأنشطة الرياضية والترفيهية لاستقطاب السياح عبر فتح أبوابها للزوار الأجانب.
فقد بدأت المملكة هذا العام للمرة الأولى في تاريخها إصدار تأشيرات سياحية لمواطني 49 دولة أوروبية وأميركية وآسيوية، وعينها على تنويع اقتصادها المرتهن للنفط.
وقال خالد الزيدي أحد المشرفين على المدينة، “الترفيه لم يكن من الأولويات لعقود طويلة بسبب انغلاق المجتمع، لكن الآن باتت لدينا هيئة خاصة للترفيه وانفتاح كبير”.
وتضم المدينة 14 لعبة تشويقية و30 لعبة صغيرة للأطفال وحلبة كبيرة للتزلج وسلسلة مطاعم.
ويزورها الآلاف من الأشخاص يوميا، وبحسب المشرفين عليه، في عطلة نهاية الأسبوع يمتلئ موقف السيارات عن آخره، ويحتاج بعض الزوار إلى ساعات للوصول إلى المداخل التي تتعطل حركة السير حولها.
وقد حرص المنظمون على راحة الزوار والوصول إلى هذه المدينة بأسرع وقت تفاديا للزحام، وذلك من خلال توفير باصات ترددية على مدار الساعة.
وتعمل المدينة حتى ساعات الصباح الأولى وهو أمر لم يكن مألوفا عند سكان الرياض التي كان أهلها يشكون من قلة أماكن الترفيه واقتصاره على مراكز التسوق والمطاعم مع الفصل بين الجنسين.
واعتاد الموظف المصرفي السعودي هذال العتيبي على أن يصطحب أسرته خلال إجازة نصف العام الدراسية إلى دبي للترفيه، ما كان يكلفه حوالي 30 ألف ريال (ثمانية آلاف دولار) خلال أقل من أسبوع.
وقرّر البقاء في الرياض هذا العام بعدما وصل الترفيه أخيرا إلى هذا البلد الغني الذي يمثل الشبان دون 30 عاما أكثر من نصف عدد سكانه.
وقال العتيبي (45 عاما) “كنت أسافر للخارج إلى دبي وإسطنبول بحثا عن الترفيه لأسرتي، الآن السياحة الداخلية الترفيهية أصبحت أفضل من الخارج وبأقل تكلفة”.
وتهدف هذه الفعاليات المتنوعة إلى خلق مجتمع يتمتع برفاهية بما يلبي مستهدفات برنامج جودة الحياة. وقالت الشابة مها التي عبرت عن سعادتها بزيارة المدينة، إن أجواء الفرح والبهجة خلفت أثرا إيجابيا بين الشباب بعد أن كانت ضربا من خيال عند مَن سبقوهم، لأنها كانت مقتصرة على أشهر العواصم الأوروبية.
ووضع موسم الرياض المملكة السعودية على خارطة صناعة الترفيه إقليميا ودوليا، وأصبحت مركزا عالميا للمناسبات والفعاليات الترفيهية الضخمة، كما أن هذا الموسم سيحقق عائدا ماليا ومعنويا لبناء قاعدة مهمة للشركات والمواهب المرتبطة بصناعة الترفيه، وخلق بيئة جاذبة للاستثمار من خلال شراكات قوية.